مجلس النواب الليبي يقر عمل حكومة باشاغا من سرت

دخلت ليبيا رسمياً أمس مرحلة تواجد حكومتين تتنازعان على السلطة، بعدما أقر مجلس النواب عمل حكومة «الاستقرار» الجديدة، التي يرأسها فتحي باشاغا، من مدينة سرت (وسط)، وذلك خلال عقده أمس اجتماعاً فيها لمناقشة مشروع ميزانيتها المقترح. وفي غضون ذلك، تعهد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة» المؤقتة، بحل مشكلة توقف بعض محطات توليد الطاقة بسبب أزمة إغلاق حقول وموانئ النفط والغاز.

وعقد الاجتماع، الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بحضور باشاغا ونائبيه، ورؤساء ديوان المحاسبة، وهيئتي الرقابة الإدارية ومكافحة الفساد، بينما تغيب عنه محافظ مصرف ليبيا المركزي ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط. وخلال الاجتماع، وفي محاولة لمنع مصادر التمويل عن حكومة الدبيبة، التي تمارس عملها بالتوازي في العاصمة طرابلس، طالب صالح بتجميد الإيرادات النفطية، مع الاستمرار في الإنتاج والتصدير للاستفادة من أسعار النفط في السوق العالمية، داعياً إلى وضع آلية عملية إلزامية تحقق العدالة بين الأقاليم والمناطق، وتضمن توزيع هذه الإيرادات بشكل عادل.

وقال صالح إن «الحقيقة الثابتة منذ زمن، والتي تكررت بعد تكليف باشاغا هي أن العاصمة طرابلس ترزح تحت سيطرة مجموعات مسلحة»، موضحاً أنه «لا يمكن دخول العاصمة إلا عبر القتال، أو بموافقة هذه المجموعات لتكون تحت سيطرتهم». كما حث صالح الأجهزة الرقابية على توضيح أين ذهبت أكثر من 120 مليار دينار، صرفت من قبل حكومة الدبيبة بعد انتهاء ولايتها في 24 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وتساءل عن جدوى وقانونية الترتيبات المالية التي تمنح للدبيبة لصرف أموال من الحكومة أو المصرف المركزي بدون ميزانية معتمدة.

وكان صالح قد استبق الاجتماع بالدفاع عن حكومة باشاغا، وقال لدى وصوله إلى سرت إن للحكومة أن تعمل في أي مدينة ليبية، ما دام قد توافرت لها الظروف المواتية لأداء مهامها، وطالبها بضرورة الاهتمام بمدينة سرت، وإعادة إعمارها وكافة المدن الليبية.

بدوره، قال باشاغا إن حكومته ستباشر عملها من سرت، لما تمثله من أهمية وطنية، ولامتلاكها البنية التحتية الجيدة، لافتاً إلى أنه قرر الدخول إلى طرابلس بالطرق السلمية، لكنه وجد أن الحكومة المنتهية ولايتها تستخدم القوة، معلناً إلغاء بند الطوارئ؛ لأنه كان يستخدم كحيلة لسرقة المليارات، وتعهد بأن مشروع الميزانية المقترح سيضمن توزيعاً عادلاً ومباشراً للمجالس البلدية، كما تعهد أيضاً بخلق وظائف جديدة للشباب، والابتعاد عن ثقافة الحروب والكراهية.

في المقابل، أعرب الدبيبة، مساء أول من أمس، عن أسفه لفقدان شبكة الكهرباء 600 ميغاوات وخروج محطات توليد عن الخدمة، وتأسف لخروج محطتي شمال بنغازي والزويتينة من الخدمة، بسبب استمرار توقيف تصدير النفط والغاز». وقال إن هذا الوضع «يرفع التحدي أمامنا خصوصاً ونحن نستقبل فصل الصيف بفقدان نحو 600 ميغاوات من الشبكة»، متعهداً بالعمل مع الجهات المعنية لمعالجة الإشكالية في أقرب وقت.

في غضون ذلك، اشتكى الجيلاني رحومة، رئيس الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، ما وصفه بإخلال المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز بمقتضيات وظيفتها، وتجاوز اختصاصاتها. وقال في شكوى رسمية وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرتش، إن ويليامز «رفضت التواصل مع هيئة الدستور دون مراعاة اعتبارها إحدى المؤسسات السيادية المعنية بالمسار الدستوري»، موضحاً أنها اجتمعت تقريباً بكل المكونات المؤسساتية والسياسية والعسكرية والمجتمعية، باستثناء الهيئة التأسيسية.

ميدانياً، أعلنت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة أنها أرسلت قوات إلى جنوب البلاد في مهمة عسكرية، وأوضحت في بيان مساء أول من أمس أن الأرتال العسكرية، التي شوهدت خلال الساعات القليلة الماضية، مكلفة بتمشيط جبال ووديان مناطق الجنوب، وأكدت أن مفارز عسكرية من قوة مكافحة الإرهاب، وكتيبتي 301 و166 تتحرك بأوامر وتعليمات رئاسة الأركان العامة لقواتها.

إلى ذلك، قال مارك فرانش، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة، إن الانتخابات التي «تعد معلماً بارزاً في رحلة تحقيق السلام والاستقرار هي السبيل الوحيد للخروج من المأزق السياسي في ليبيا». وأكد عقب لقائه عماد السائح، رئيس المفوضية العليا للانتخابات، دعمه للمفوضية، مشدداً على أهمية مواصلة تحسين العمليات، ودور المفوضية حتى تكون مستعدة للانتخابات المقبلة.

من جانبه، تعهد المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، باستمرار مساعيه لتشكيل جيش «نموذجي عصري متطور»، واعتبر أنه «لا حاضر ولا مستقبل لليبيا إذا غاب الجيش». وقال حفتر في كلمة ألقاها خلال حفل تخريج الدفعة 54 من ضباط الكلية العسكرية: «لولا هذا الجيش وما قدم من تضحيات في زمن قياسي لما كان لليبيا مكان في خريطة العالم، ولحل محلها إمبراطورية الإرهاب الكبرى».

المصدر: الشرق الأوسط