محادثات جزائرية – تونسية مفاجئة عن ليبيا وأمن الحدود

بحثت رئيسة الحكومة التونسية، نجلاء بودن، في الجزائر الأزمة الليبية، والهجرة غير النظامية لأعداد متزايدة من شباب البلدين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، والوضع الأمني عند الحدود المشتركة، وتنفيذ اتفاقات وُقعت خلال زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى تونس.

وبثت الوزارة الأولى الجزائرية صور الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمن وهو يستقبل نظيرته التونسية في مطار العاصمة الدولي، مرفوقاً بوزير الخارجية رمطان لعمامرة ووزيرة البيئة والطاقات المتجددة، سامية موالفي، من دون تقديم أي تفاصيل عن الزيارة التي استغرقت يوماً واحداً ولم يعلن عنها مسبقاً.

وكان منتظراً أن تجري بودن محادثات مع الرئيس تبون في «قصر المرادية» مساء قبل العودة إلى بلادها. وأكدت مصادر متابعة لتطور العلاقات بين الجارين المغاربيين، لـ«الشرق الاوسط»، أن بودن جاءت إلى الجزائر لبحث تنفيذ 27 اتفاقاً جرى التوقيع عليها بنهاية 2021، بين الرئيسين تبون وقيس سعيد في تونس العاصمة. ولفتت إلى أن هناك «ملفات أمنية وإنسانية، تثير قلق البلدين»، من بينها مشكلات التهريب وتجارة المخدرات عبر الحدود بين البلدين.

وتعرف الأوضاع الحدودية تعاوناً أمنياً قوياً منذ عشرات السنوات، استمر في عز «عشرية الإرهاب» التي عاشتها الجزائر في تسعينات القرن الماضي. كما أن هجرة مئات الشباب التونسيين والجزائريين عبر قوارب تقليدية في البحر المتوسط إلى سواحل إيطاليا وإسبانيا، وتعاون البلدين للحد من هذه الظاهرة، شكَلا أحد ملفات زيارة بودن، وفق المصادر نفسها.

وفي حين تعتمد الحكومتان أسلوب الردع الأمني في التعامل مع هذه الأزمة الإنسانية، تطالب تنظيمات المجتمع المدني والصحافة في البلدين بتوفير الشغل والخدمات الاجتماعية الأساسية كالعلاج في المشافي، والتعليم، واحترام الحق في التعبير الحر عن الرأي، لثني الشباب عن الهجرة والبحث عن آفاق رحبة في الخارج.

وتضمنت الاتفاقات التي جرى التوقيع عليها، خلال زيارة تبون إلى تونس، قطاعات القضاء والداخلية والطاقة والصناعات المتوسطة والصغيرة، والمؤسسات الناشئة، وصناعة الدواء، وأخرى خصت البيئة والشؤون الدينية والتعليم والتأهيل المهني والصيد البحري والإعلام والثقافة.

وشدد الرئيسان في بيان مشترك آنذاك، على «التنسيق الدائم بشأن ليبيا وضرورة أن تتخلص من المرتزقة، لتستعيد استقرارها».

إلى ذلك؛ حصلت الحكومة الجزائرية على تأييد أهم أحزاب المعارضة؛ «جبهة القوى الاشتراكية»، في خلافها الحاد مع إسبانيا، منذ أن أعلنت حكومتها دعم «خطة الحكم الذاتي» المغربية في الصحراء، وذلك في مارس (آذار) الماضي. وقال حكيم بلحسل؛ القيادي في «القوى الاشتراكية»، في خطاب أثناء مشاركة حزبه في «مجلس الأممية الاشتراكية» بمدريد الذي انتهت أشغاله السبت، إن «مواقف إسبانيا ذات البعد الاستراتيجي شهدت تراجعاً؛ ما أدى بسلطات الجزائر إلى تعليق المعاهدة الثنائية للصداقة والتعاون وحسن الجوار، وكان ذلك رد فعل مشروعاً من جانب الجزائر».

وفي العادة؛ تتسم مواقف الحزب، الذي أسسه وقاده رجل الثورة الراحل حسين آيت أحمد، بالحدة تجاه سلطات البلاد وقراراتها.

وأوقفت الجزائر كل أنواع التجارة والتعاون الاقتصادي مع مدريد، كما رفضت إمدادها بكميات إضافية من الغاز الطبيعي (خارج العقود السنوية)، وذلك منذ أن أعلنت إنهاء حيادها في ملف الصحراء، وتأييدها «مقترح الحكم الذاتي» في الإقليم المتنازع عليه بين المغرب و«بوليساريو» المدعومة جزائرياً، والتي تطالب بـ«استفتاء تقرير المصير». وفي خطوة دلت على بلوغ غضب الجزائر الذروة، سحبت الجزائر سفيرها في مدريد يوم 19 مارس (آذار) 2022، ونقلته لاحقاً إلى باريس، ولم تعين بدلاً منه دبلوماسياً آخر حتى الآن. كما أوقفت العمل بـ«معاهدة الصداقة» التي أُبرمت في 2002، وهي الإطار المحدد لكل أشكال التعاون بين الجارين المتوسطيين.

المصدر: الشرق الأوسط