محكمة ليبية تلغي حكماً بإبعاد حفتر من السباق الرئاسي

ألغت محكمة استئناف طرابلس في ليبيا، أمس، حكماً ابتدائياً باستبعاد خليفة حفتر من الانتخابات الرئاسية، فيما أحيت عودة عبد الحميد الدبيبة إلى السباق الرئاسي، مخاوف بعض المتنافسين، وفتحت باب التساؤلات حول مدى تكافؤ الفرص.

وذكرت قناة «ليبيا الأحرار» عبر حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أمس، أن محكمة استئناف طرابلس أبطلت حكم محكمة الزاوية باستبعاد خليفة حفتر، من سباق انتخابات الرئاسة وأعادته إلى المنافسة. وكانت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا قد اعتمدت في 24 من الشهر الماضي القائمة الأولية للمرشحين لسباق الانتخابات الرئاسية، التي ضمت 73 مرشحاً من أصل 98 مترشحاً. وقالت المفوضية إنها استبعدت 25 مترشحاً لعدم انطباق شروط الترشح عليهم.

من جهة أخرى، أحيت عودة ترشح الدبيبة إلى السباق الرئاسي، مخاوف بعض المتنافسين، خصوصاً في المنطقة الغربية، في وقت رأى سياسيون أن الدبيبة، الذي ترأس حكومة «الوحدة الوطنية» منذ تسعة أشهر تقريباً، لديه إمكانات لم تتوفر لأحد من المرشحين، أقلها المال ورصيد من المبادرات التي أطلقها مؤخراً واستهدفت فئة الشباب وتم تمويلها من أموال الدولة.

ويرى عضو المجلس الأعلى للدولة عبد القادر أحويلي، أن عودة المستبعدين، خصوصاً الدبيبة، وبدرجة ما سيف الإسلام القذافي، للسباق الرئاسي، قد أشعلت مناخ المنافسة، خصوصاً بين المرشحين عن المنطقة الغربية، بغض النظر عن انعقاد الانتخابات أم لا.

ورأى أحويلي لـ«الشرق الأوسط»، أن الدبيبة يعد الأكثر حظوظاً، نظراً لاستفادته من موقعه في السلطة عبر إصدار قرارات ودعم مبادرات اجتماعية غير تنموية، قدمت لشريحة الشباب تم تمويلها بأموال الدولة، وهو ما جعل البعض يرددون أنه بدأ حملته الدعائية للرئاسة فور توليه موقعه كرئيس للحكومة. وأضاف: «هذا فضلاً عن تبعية أغلب التشكيلات العسكرية بالعاصمة له، وأيضاً دعم كبار الرأسماليين الذين يرتبطون بعلاقات وثيقة بأسرته المتجذرة في مجال التجارة وقطاع الأعمال (…)، أما نجل العقيد الراحل معمر القذافي فيعتمد على أنصار والده، بالإضافة لشرائح واسعة تفتقد ماضياً أكثر استقراراً من حاضرهم». وتابع: «إذا افترضنا أن الدبيبة سيلجأ للاعتماد على مناصرة مدينته مصراتة، فهناك مرشحون آخرون ممن قدموا الطعن ضد ترشحه ينتمون إلى المدينة ذاتها، وعقلاء هذه المدينة لن يختلفوا أو يقاتلوا بعضهم بعضاً مهما حدث».

ورجح أن يستمر التنافس فيما بين هؤلاء المتنافسين جميعاً في إطار «المواجهة الإعلامية الشرسة أو عبر تفجير قضايا وكشف وثائق ومعلومات تدين بدرجة أي شخصية منهم». وكان كل من المرشحين فتحي باشاغا، وعارف النايض، وعثمان عبد الجليل، قد قدموا طعوناً ضد ترشح الدبيبة.

وفيما يتعلق بالتحالفات المتوقعة، استبعد أحويلي، ما يُطرح حول احتمال تحالف باشاغا مع سيف القذافي بهدف مواجهة الدبيبة، في حال تأهل أي منهما للجولة الثانية، وقال: «باشاغا قام قبل أشهر قليلة بعقد حوارات مع من يصفون بالصف الثاني من (تيار سبتمبر)، وهؤلاء بالأساس يُحملون سيف الإسلام مسؤولية خراب البلاد كونه من أرجع جماعة (الإخوان) للمشهد السياسي في ليبيا، التي كان لها دور كبير في نهاية المطاف في إسقاط نظام والده».

أما الباحث الليبي المختص في الشؤون الاستراتيجية والأمنية، فرج زيدان، فتوقع أن تتركز أي تحالفات انتخابية، خصوصاً قبيل الجولة الثانية للسباق الرئاسي بين «مرشح من الشرق ونظير له من الغرب». وقال زيدان في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «لا يمكن تجاهل المنطقة الشرقية بما تمثله من أهمية اقتصادية، أو إهمال القوى الموجودة بها عند الحديث عن عقد أي تحالفات».

ويرى زيدان أن «ارتباط عدد غير هين من المرشحين بالغرب الليبي بدرجة أو بأخرى بالتشكيلات المسلحة المنتشرة هناك، لا يعني حتمية توظيفها في المشهد الانتخابي في إطار تصفية الحسابات مع الخصوم كما يروج البعض»، موضحاً أن «إقحام تلك التشكيلات بأي حادث له علاقة بالانتخابات، سيُعد انتحاراً سياسياً للمرشحين المرتبطين بهم». وتابع قائلاً: «التنافس سوف يستمر بشكله الراهن، خصوصاً عبر توظيف الجيوش الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، وقد يصل الأمر لهجوم سيبراني لمواقع مرشح ما، وغير بعيد عن هذا قد يكون هناك استخدام واسع للمال السياسي».

أما عضو المجلس الأعلى للدولة أبو القاسم قزيط، فذهب إلى أن «الدبيبة الذي يعده البعض أبرز مرشحي الغرب وفقاً لمعطيات اللحظة الراهنة، لن يغامر بإصدار أي قرار يُشتمُ منه تصفية حسابات مع أي مرشح آخر، وهذا سواء جرت الانتخابات في موعدها أم تم تأجيلها». وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» توقع قزيط، «قيام الدبيبة بحصار من قدموا طعوناً ضده وعقده بعض التسويات لاحتواء بعض مناصريهم، وهو ما قد يؤدي في النهاية إلى إضعاف أي معارضة له».

واعتبر قزيط أن ترشح ما يقرب من 50 مرشحاً من الغرب يعد «دلالة على إخفاق الحليف التركي عن إيجاد توافق بينهم للدفع بمرشح واحد، أو حتى عدد محدود منهم، ما قد يصب في النهاية لصالح المرشح خليفة حفتر (القائد العام للجيش الوطني المتنحي مؤقتاً)، أو سيف القذافي، اللذين يحظيان بكتلة تصويتية صلبة، وإن لم تكن كبيرة، وقد يتأهل أي منهما لخوض الجولة الثانية».

وفيما يتعلق بموقف تيار «الإسلام السياسي» من مرشحي الغرب، يرى قزيط أن هذا التيار ينتظر ويراقب ليتحالف في النهاية مع الأكثر حظوظاً منهم، منوهاً بأن «قوة هذا التيار ليست في كتلة ناخبيه على الإطلاق، وإنما في قدرته على إدارة المشهد».

المصدر: الشرق الأوسط