مشكلة سد النهضة تتفاعل ومصر توجه رسالة اعتراض إلى مجلس الأمن

في تصعيد دولي لأزمة سد النهضة، الذي أقامته إثيوبيا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، أرسلت وزارة الخارج المصرية خطابا رسميا إلى مجلس الأمن الدولي للاعتراض على «الإجراءات الأحادية الجانب» التي اتخذتها إثيوبيا، مطالبة المجلس بـ«تحمل مسؤولياتها في هذا الشأن»، ومؤكدة «احتفاظها بحقها الشرعي باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان وحماية أمنها القومي».

وأعلنت وزارة الخارجية المصرية، في بيان صحافي الجمعة، أن «سامح شكري، وزير الخارجية المصري، وجه خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لتسجيل اعتراض مصر ورفضها التام، لاستمرار إثيوبيا في ملء سد النهضة بشكل أحادي، دون اتفاق مع مصر والسودان حول آليات ملء وتشغيل السد»، معتبرا هذه الإجراءات «خالفة صريحة لاتفاق إعلان المبادئ المبرم بين الدول الثلاث عام 2015، وانتهاكاً جسيماً لقواعد القانون الدولي واجبة التطبيق، والتي تلزم إثيوبيا، بوصفها دولة المنبع، بعدم الإضرار بحقوق دول المصب».

ودخلت مصر نزاعا مائيا مع إثيوبيا منذ نحو 11 عاما، اعتراضا على قيام أديس أبابا ببناء سد النهضة الذي تخشى القاهرة من تأثيره على حصتها من مياه النيل. وفي إطار المفاوضات المستمرة لحل الأزمة، وقعت مصر والسودان وإثيوبيا «إعلان مبادئ» حول السد في الخرطوم عام 2015. ولم تنجح المفاوضات المستمرة، والتي تم بعضها برعاية دولية، من بينها المفاوضات التي رعتها الولايات المتحدة إبان حكم الرئيس السابق دونالد ترمب، في الوصول إلى اتفاق حول قواعد ملء السد وتشغيله، لتشرع أديس أبابا في المرحلة الثالثة من ملء خزان السد، بشكل أحادي من دون الاتفاق مع دولتي المصب، مصر والسودان.

وأشار وزير الخارجية المصري، إلى أن «مصر سعت خلال المفاوضات التي جرت على مدار السنوات الماضية، للتوصل لاتفاق عادل ومنصف حول سد النهضة، إلا أن إثيوبيا قد أفشلت كافة الجهود والمساعي التي بذلت من أجل حل هذه الأزمة»، بحسب البيان. وأكد تمسك مصر بضرورة التوصل لاتفاق حول سد النهضة، يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، وأن الدولة المصرية لن تتهاون مع أي مساس بحقوقها، أو أمنها المائي، أو أي تهديد لمقدرات الشعب المصري، الذي يمثل نهر النيل شريان الحياة الأوحد له».

ودعا شكري مجلس الأمن «لتحمل مسؤولياته في هذا الشأن، والتدخل لضمان تنفيذ البيان الرئاسي الصادر عن المجلس، والذي يلزم الدول الثلاث بالتفاوض من أجل التوصل لاتفاق حول سد النهضة في أقرب فرصة ممكنة».

وجرت آخر جلسة للمفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا، في أبريل (نيسان) 2021، وفشلت في التوصل إلى اتفاق على آلية ملء السد وتشغيله، الأمر الذي دعا إلى عرض النزاع على مجلس الأمن الدولي.

وصرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أن «مصر كانت قد تلقت رسالة من الجانب الإثيوبي يوم 26 يوليو (تموز) الجاري، تفيد باستمرار إثيوبيا في ملء خزان سد النهضة خلال موسم الفيضان الجاري، وهو الإجراء الذي ترفضه مصر وتعتبره مخالفة للالتزامات التي يفرضها القانون الدولي على إثيوبيا»، مشيرا إلى أن «القاهرة تشدد على مطالبة أديس أبابا بالتحلي بالمسؤولية والامتثال لقواعد القانون الدولي، والمبادئ الحاكمة للمجاري المائية العابرة الدول، وفي مقدمتها تجنب الضرر ذي الشأن، وتُحملها كامل المسؤولية عن أي ضرر ذي شأن على المصالح المصرية قد ينجم عن انتهاك إثيوبيا لالتزاماتها المُشار إليها»، وقال إن «مصر تحتفظ بحقها الشرعي المكفول في ميثاق الأمم المتحدة باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان وحماية أمنها القومي، إزاء أية مخاطر قد تتسبب بها مستقبلاً الإجراءات الأحادية الإثيوبية».

يأتي هذه التصعيد بعد أيام من لقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود، في القاهرة الإثنين الماضي، والتي أكد خلاله الرئيس المصري، «توافق مصر والصومال على خطورة السياسات الأحادية عند القيام بمشروعات على الأنهار الدولية»، مشددا على «ضرورة التوصل بلا إبطاء لاتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد».

كما يتزامن التصعيد مع محاولة الولايات المتحدة الأميركية إحياء دورها كوسيط لحل الأزمة، عبر جولة بدأها المبعوث الأميركي الخاص للقرن الأفريقي مايك هامر، الأحد الماضي، وتستمر حتى الأول من أغسطس (آب)، وتشمل مصر والإمارات وإثيوبيا.

المصدر: الشرق الأوسط