مصر: محاولات حكومية لحلحلة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية

كثفت الحكومة المصرية من محاولاتها لحلحلة أزمة اقتصادية ذات انعكاسات اجتماعية تواجهها مصر منذ شهور، وذلك عبر إجراءات متنوعة تستهدف اجتذاب عملات أجنبية وموارد مالية لدعم الموازنة تضمنت تعديلات لآليات تنظيم الاستيراد، ومحفزات للمصريين بالخارج تسمح باستيرادهم لسيارات مقابل ودائع مالية بالعملات الأجنبية، فضلاً عن إعلان موافقة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على وثيقة «ملكية الدولة» والتي تمهد لتخارج نسبي للمؤسسات المملوكة للدولة من الأسواق لإتاحة «مجال أكبر لمشاركة القطاع الخاص في النمو الاقتصادي».
وأعلن «البنك المركزي المصري» (الخميس) وقف آلية العمل بـ«الاعتمادات المستندية» لدى تنفيذ العمليات الاستيرادية، والعودة إلى صيغة «مستندات التحصيل»، والتي من شأنها «تسهيل عمليات الاستيراد».
وتعهد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي لمواطنية، قبل أيام بـ«تعدي الصعاب» داعياً إلى «الحفاظ على الدولة»، كما طمأن بشأن توافر «الدولارات» لدى الدولة.
وفيما بدا تشجيعاً لمواطنيها بالخارج على استيراد سيارات وإدخالها إلى البلاد، أقرت الحكومة المصرية تعديلات على «مشروع قرار خاص لأحكام قانون منح بعض التيسيرات للمصريين المقيمين بالخارج».
وقال بيان حكومي إن التعديلات «استجابة لما تمت إثارته من جانب بعض المصريين المقيمين بالخارج راغبي استيراد السيارات، وسعياً لمنح المزيد من التيسيرات بما يحقق الأهداف المنشودة».
ونص تعديل القرار على أنه «يحق للمصري الذي له إقامة قانونية سارية في الخارج، استيراد سيارة ركوب خاصة واحدة لاستعماله الشخصي معفاة من الضرائب والرسوم، التي كان يتعين أداؤها للإفراج عن السيارة طبقاً للشروط والأحكام الواردة بالقانون وهذا القرار، وذلك مقابل سداد المبلغ النقدي المستحق والمحدد، وفقاً لفئة السيارة بجداول محددة».
وأوضح السفير نادر سعد، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، أن الحكومة «ارتأت ضرورة مراعاة ما تمت إثارته من عدد من الإشكاليات التي واجهت بعض المصريين المقيمين بالخارج، حيث تركزت التعديلات في إلغاء الشرط الخاص بإيداع المبلغ المتعين سداده قبل التحويل بثلاثة أشهر على الأقل، مع الاكتفاء بتقديم كشف حساب بنكي للحساب المُحول منه المبلغ، كما تم إلغاء الشرط الخاص بالتصديق لدى وزارة الخارجية على الإقامة وكشف الحساب البنكي، وشهادة بيانات السيارة المقدمين من المصري المقيم في الخارج»، مضيفاً أن «التعديلات نصت على تحويل المبلغ النقدي المستحق وفقاً لفئة السيارة في الجداول المرفقة بالقرار، بما يعكس قيام مصلحة الجمارك بإضافة فئات متدرجة (عالية – متوسطة – عادية) داخل كل ماركة».
وعلى صعيد السوق الداخلية، دخلت «وثيقة سياسة ملكية الدولة» حيز التنفيذ بعد موافقة الرئيس المصري عليها، بحسب ما أعلنه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في إفادة رسمية (الخميس).
وقال مدبولي، خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة المصرية، إن «(وثيقة سياسة ملكية الدولة)، تؤكد حرص البلاد على إتاحة مجال أكبر لمشاركة القطاع الخاص في توليد النمو الاقتصادي، وإيجاد فرص العمل، وزيادة مستويات الاستثمارات والصادرات»، مشيراً إلى أنها «تستهدف رفع معدلات الاستثمار بنسبة تتراوح ما بين 25 و30 في المائة، وزيادة معدل النمو الاقتصادي إلى نحو 9 في المائة، وتنظيم العلاقة مع القطاع الخاص».
وتوقع مدبولي أن يؤدي تنفيذ الوثيقة إلى «تحقيق وفورات مالية تمكن من دعم أوضاع الموازنة العامة، وتحقيق الانضباط المالي، وضمان الاستدامة المالية، وتعزيز قدرة الدولة المالية على دعم شبكات الأمان الاجتماعي، لحماية الفئات الهشة، وزيادة مستويات قدرة صمود الاقتصاد المصري أمام الأزمات».
وتفاعل قطاع كبير من الاقتصاديين المصريين والمسؤولين السابقين مع المحاولات الحكومة لحلحلة الأزمة الاقتصادية، التي رأوا معها «ضرورة تغيير المسار الاقتصادي» وفق ما رأى نائب رئيس الوزراء المصري الأسبق زياد بهاء الدين.
وقال بهاء الدين، في مقال نشرته صحيفة «المصري اليوم» (الخميس): «نحتاج لمراجعة أولويات الإنفاق العام، والحد من صرف مواردنا المحدودة في مشروعات غير مطلوبة بشكل عاجل أو غير واضحة التكلفة ولا العائد، وتوجيه المزيد منها نحو المشروعات القومية التي يستفيد منها الناس بشكل مباشر وتسهم في رفع مستويات معيشتهم، مثل برنامج (حياة كريمة) الذي يعبر عن التوجه المطلوب».
وأضاف: «نحتاج للتوقف عن الحديث عن تشجيع الاستثمار وتحسين مناخه والإعلان عن تسهيلات وحوافز هامشية وغير مؤثرة، بينما سلوك البيروقراطية طارد للاستثمار، والتدخلات من مختلف الجهات كفيلة بإحباط أكثر المستثمرين تفاؤلاً وحماساً. المطلوب هو توجه داعم من كل جهات الدولة، واقتناع بأن نجاح الاستثمار الخاص هو ما يوفر لنا فرصاً للعمل وحصيلة ضريبية وزيادة في التصدير وتنمية مستدامة».

المصدر: الشرق الأوسط