مطالبة بانضمام ليبيا إلى «الجنائية الدولية» لمعاقبة الميليشيات

جددت الاشتباكات الدامية بين الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية ليل أمس الخميس، المطالبة بمحاسبة هذه المجموعات على «ترهيب المواطنين، وتدمير الممتلكات العامة والخاصة في البلاد، وإشاعة أجواء من الفوضى في البلاد».
ودعا عبد المنعم الحر، أمين المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا، إلى انضمام بلاده إلى «المحكمة الجنائية الدولية»، وقال: «يجب أن يتحمل المسؤولية كل مسؤول غضَّ البصر، أو كان جزءاً من ضمن مرتكبي جرائم الحرب التي تحدث غالباً بين أجهزة أمنية وعسكرية، يُفترض أنها وُجدت لحماية الوطن والمواطن».
ودافع الحر عن هذا المطلب، وأضاف: «أطالب بذلك لإيماني المطلق بأن المدعي العام العسكري والنائب العام في ليبيا، رغم جهودهما المبذولة، ليست لديهما القدرة على جلب الجناة وأمراء الحرب الحاليين»، وأرجع ذلك لكون هذه التنظيمات المسلحة «تتستر بشرعية من السلطة الحاكمة، وأفرادها غير منضبطين، ولا قيمة لديهم للتدرج الهرمي بالمؤسسة الأمنية أو العسكرية».
وتكونت الميليشيات المسلحة في ظل الانفلات الأمني في ليبيا منذ إسقاط النظام السابق عام 2011، ويخضع بعضها لسلطة المجلس الرئاسي منذ عام 2016 والبعض الآخر موالٍ للحكومة ووزارتي الدفاع والداخلية التابعين لها. لكن من وقت لآخر تندلع اشتباكات بين هذه المجموعة المدججة بالسلاح الثقيل، لأسباب مختلفة من بينها التحرش بالسلاح والخطف المتبادل لعناصرها وتوسيع نفوذها على الأرض.
وفي السياق ذاته، دفع الاقتتال العنيف بين الميليشيات في العاصمة، عضو مجلس النواب عن الجنوب مصباح دومة، إلى التساؤل عن «من سيعاقب هؤلاء العابثين بأمن العاصمة وأرواح المواطنين المدنيين»؟ بينما استنكر نواب آخرون الأعمال التي أسفرت عن سقوط كثير من القتلى والجرحى وترويع المواطنين.
وتعد قضية المجموعات المسلحة وانتشار السلاح في عموم ليبيا من الأزمات التي تؤرق البلاد، في ظل هشاشة النظام الأمني وانقسام أجهزة الدولة. كما أنه لا تتوفر إحصائية رسمية عن حجم السلاح المنتشر في أرجاء البلاد، لكن الأمم المتحدة أحصت 20 مليون قطعة على الأقل، خلال السنوات الماضية.
وبُذلت مساعٍ أممية وعربية كثيرة على مدار السنوات الماضية لنزع سلاح الميلشيات. وفي 25 مايو (أيار) الماضي، حطت الأزمة الليبية رحالها في مدينة طليطلة الإسبانية، وسط حضور مكثف من حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، والبعثة الأممية، بالإضافة إلى أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة «5+5».
وتطرق الاجتماع الموسع، الذي حضرته ستيفاني ويليامز، مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة لدى البلاد، إلى طرق الدعم الدولي لمساعدة ليبيا في تفكيك الميليشيات المسلحة ونزع أسلحتها، وإعادة إدماج هذه المجموعات في مؤسسات الدولة الأمنية والمدنية.
وضم الوفد الليبي نائب رئيس المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، ووزيري العمل والتأهيل والداخلية بحكومة «الوحدة»، علي العابد وخالد مازن، ورئيس الأركان بالجيش الليبي المتمركز بغرب البلاد، الفريق أول محمد الحداد، وعدداً من الدبلوماسيين الأجانب، بالإضافة لمشاركة أعضاء اللجنة المحلية (410) المكلفة ببرنامج تنظيم واستيعاب ودمج القوى المساندة في مؤسسات الدولة.
في شأن آخر، دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، السلطات في البلاد، إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين على خلفية المظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها مناطق عدة في ليبيا مطلع الشهر الجاري، وعُرف بـ«جمعة الغضب»، للمطالبة «برحيل الأجسام السياسية»، واعتراضاً على تردي الحياة المعيشية.
وكانت جمعية حقوقية كثيرة قد رصدت عمليات توقيف عدد من النشطاء السياسيين ممن شاركوا في المظاهرات التي اندلعت في مناطق من بينها طرابلس وطبرق، بغرب وشرق ليبيا، وأسفر عنها إضرام النيران في ديوان مجلس النواب.
وأعربت البعثة الأممية، مساء أول من أمس، عن «قلقها» إزاء موجة الاعتقالات والاحتجازات، التي وصفتها بـ«التعسفية» في شرق ليبيا وغربها في أعقاب تلك المظاهرات، ولفتت البعثة إلى اعتقال عبد المجيد الغراف، منتصف الشهر الجاري، وهو متقاعد يبلغ من العمر 69 عاماً، ويعاني من مشكلات صحية، أمام مسجد في طبرق، ولا يزال مكان وجوده مجهولاً.
وقالت البعثة: «يجب أن يتمتع الليبيون بالحرية في الممارسة السلمية لحقوقهم في حرية التعبير والتجمع، بعيداً عن الاعتقالات التعسفية».

المصدر: الشرق الأوسط