منفذ هجوم جسر لندن تشبّع بالتطرف عبر العولقي – عثمان خان التزم بكل الشروط المرتبطة بإطلاق سراحه المبكر

كشفت وسائل إعلام بريطانية عن معلومات جديدة حول عثمان خان، منفذ عملية جسر لندن التي أودت بحياة شخصين وأصابت 3 آخرين، قبل أن تتمكن الشرطة من تصفيته بإطلاق النار عليه. وأصبح خان، البريطاني الجنسية والبالغ من العمر 28 عاماً والذي تنحدر عائلته من كشمير الخاضعة لسيطرة باكستان، متطرفاً بسبب الدعاية عبر الإنترنت التي نشرتها «القاعدة في شبه الجزيرة العربية»، لا سيما تلك التي ساهم فيها المتشدد أنور العولقي الذي قالت المخابرات الأميركية إنه «قائد العمليات الخارجية» للفرع اليمني للتنظيم، وقتل بغارة جوية نفذتها طائرة من دون طيار عام 2011.

وألهمت الدعاية المتشددة المنتشرة على الإنترنت لتنظيم «القاعدة» المتطرف الأصولي عثمان خان لتنفيذ هجومه الدموي الذي أسفر عن مقتل اثنين من المارة وإصابة 3 آخرين طعناً يوم الجمعة عند جسر لندن.

وقالت وكالة «رويترز» إن خان تحول إلى التشدد عبر دعاية على الإنترنت نشرها «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب» خصوصاً دعاية المتشدد أنور العولقي. وعاش عثمان خان في مدينة ستوك وسط إنجلترا، وهو معروف للسلطات البريطانية، حيث أدين سابقاً بارتكاب جرائم منذ عام 2012، وصدر حكم بسجنه 8 سنوات، وتم الإفراج عنه العام الماضي، شريطة وضع حلقة إلكترونية بقدمه لمراقبة تحركاته. إلا إن خان حصل على تصريح من الشرطة ليتمكن من السفر إلى لندن، حتى لا يصدر سوار التتبع إنذاراً. وقالت الشرطة البريطانية إن خان كان ملتزماً بكل الشروط المرتبطة بإطلاق سراحه. وكان خان جزءاً من مجموعة من المتشددين في مدينة ستوك الإنجليزية، وأقامت هذه المجموعة صلات وثيقة مع المتشددين في لندن وعاصمة ويلز كارديف، ودعمت مخططات تفجير الحانات المحلية. وأراد عثمان خان تأسيس مدرسة في كشمير لتدريب جيل جديد من المسلحين البريطانيين على القتال، سواء في كشمير أو في بريطانيا. وقال القاضي البريطاني، ألان ويلكي، عندما أصدر الحكم على خان في عام 2012: «تعد مجموعة ستوك مجموعة بارزة، وأعضاؤها يعدّون أنفسهم جهاديين أكثر جدية من الآخرين». وأضاف ويلكي: «لقد اعتقدوا أنهم سيتمكنون في نهاية المطاف من العودة، وغيرهم من المجندين، إلى المملكة المتحدة على أنهم إرهابيون مدربون وذوو خبرة قادرون على القيام بهجمات إرهابية في هذا البلد». وأُلغي العمل بأحكام السجن للصالح العام بعد أشهر من سجن خان عام 2012. والنظام الجديد الذي حل محله يقضي بأن ينفذ المحكومون ثلثي مدة العقوبة على الأقل قبل إطلاق السراح المشروط بالعمل في الخدمة الاجتماعية. وحددت شرطة أسكوتلانديارد بحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز» أول من أمس المشتبه فيه بأنه شخص يدعى عثمان خان، من ستافورد – إنجلترا، وتم إطلاق سراحه من السجن العام الماضي وذلك على ما يبدو بعدما وافق على وضع سوار إلكتروني بقدمه لمراقبة تحركاته. وقالت السلطات إنه كان أحد أفراد مجموعة خططت في 2010 لزرع متفجرات في دورات المياه في بورصة لندن، وربما مهاجمة معالم بريطانية أخرى، وشخصيات بارزة مثل بوريس جونسون، عمدة لندن آنذاك. وقد أثارت حالة الفوضى التي شهدتها لندن، الجمعة الماضي، بالقرب من الجسر نفسه الذي تسبب هجوم إرهابي شنته مجموعة من الرجال عليه أيضاً، في يونيو (حزيران) 2017، في مقتل 8 أشخاص وعشرات الجرحى، تساؤلات عدة حول مدى فعالية نظام إعادة التأهيل في السجون البريطانية، وعن الإفراج المبكر عن خان، وذلك رغم تحذيرات القاضي المسؤول عن محاكمته بشأن التهديدات التي لا يزال يمثلها. وفي فبراير (شباط) 2012، تم الحكم على خان بالعقاب بسجن غير محدد المدة، ولكن لمدة لا تقل عن 8 سنوات، إلا إن محكمة الاستئناف حكمت عليه في 2013 بعقوبة محددة المدة وهي السجن لمدة 16 عاماً، ولكن تم إطلاق سراحه بعد مرور نصف المدة.

وقد وقع الهجوم قبل أسبوعين فقط من الانتخابات العامة شديدة الأهمية لبريطانيا، والتي يواجه فيها جونسون، رئيس الوزراء الحالي، ضغوطاً كبيرة، وقد أعرب الأخير، السبت، للصحافيين عن رغبته في تشديد العقوبات الصادرة بحق المدانين بالجرائم العنيفة والإرهاب، قائلاً: «لطالما جادلت بأنه من الخطأ السماح للمجرمين الخطرين والعنيفين بالخروج من السجن مبكراً». وقالت لجنة الإفراج المشروط في بريطانيا، والمسؤولة عن وضع تقييمات لمخاطر السجناء لتحديد ما إذا كان يمكن إطلاق سراحهم بأمان أم لا، في بيان، السبت، إنها لم تراجع قضية خان، مضيفة أنه يبدو أن الأخير قد تم إطلاق سراحه بشكل تلقائي، بعد الحصول على ترخيص، وهذا يعني أنه قد تم الإفراج عنه بعد وضع شروط معينة «دون إحالته إلى اللجنة»، وذلك على حد تعبير اللجنة المختصة. وفيما لم يؤكد وزير الأمن البريطاني، براندون لويس، السبت، ما إذا كان يعدّ الهجوم بمثابة فشل من قبل السلطات أم لا، فإنه سعى إلى دحض الآراء التي تقول إن خفض التمويل قد لعب دوراً في حدوثه، وقال لـ«سكاي نيوز»: «التمويل وعدد الضباط المكلفين بمكافحة الإرهاب يزيد باستمرار منذ 2015».

وإلى جانب التساؤلات التي أثارتها هذه القضية، فقد كان هناك ثناء من قبل المجتمع على المارة الذين استطاعوا إيقاف المشتبه فيه وهو يشق طريقه على الجسر بحسب تقرير لـ«نيويورك تايمز»، حيث أظهرت بعض لقطات الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي رجلاً وهو يحاول التصدي لخان مستخدماً طفاية حريق، فيما شوهد آخر وهو يهدده ممسكاً بناب حوت كان يستخدم لتزيين حائط قاعة «فيشمونجر»، وذلك وفقاً للتقارير المحلية.

وقد قام المارة بطرح خان أرضاً في الشارع خارج القاعة، فيما شوهد رجل يرتدي بدلة وربطة عنق وهو يأخذ سكيناً ويمشي بعيداً عنه، ثم حددت الشرطة هذا الرجل فيما بعد بأنه أحد رجال شرطة النقل البريطانية والذي كان خارج أوقات العمل الرسمية وقت الهجوم. وأشاد رئيس بلدية لندن، صادق خان، بشجاعة المارة، وقال: «ما يلفت النظر في المقاطع التي رأيناها الشجاعة المذهلة التي تحلى بها العامة الذين هرعوا حرفياً نحو الخطر، دون معرفة ما الذي قد يواجهونه».

المصدر: الشرق الأوسط