من المسؤول الحقيقي عن تغيّر المناخ؟

يؤدي ارتفاع درجات الحرارة في موجات الحر الشديد وزيادة معدلات هطول الأمطار والعواصف الشديدة. لكن ما الذي يسبب تغيّر المناخ؟ ولماذا ترتفع درجات الحرارة العالمية؟ وهل المناخ الدافئ هو المسؤول عن أحداث الطقس الجامحة؟ هذا ما سلط عليه تقرير الضوء لمعرفة من هو المسبب الحقيقي بتغيّر المناخ، وذلك وفق ما نشر موقع «phys.org» العلمي المتخصص.
الطقس هو حالة الجو التي تشهدها منطقة ما في فترة قصيرة، أما المناخ فهو ما يحدث في منطقة ما على مدى سنوات أو عقود. وتغير المناخ هو الاختلاف الملحوظ في الاتجاهات الطويلة الأجل في درجات حرارة الهواء والماء والمحيطات وأنماط الطقس على المدى الطويل.
وتسجل محطات المراقبة حول العالم كمّا متزايدا من المعلومات التي تكشف كيف تتغير درجات الحرارة وهطول الأمطار. وفيما يمتلك البعض عقودا من القياسات يمتلك البعض الآخر أكثر من قرن من البيانات. حيث يستخدم العلماء هذه السجلات التاريخية لدراسة الارتفاع بمتوسط درجات الحرارة العالمية.
أما عن أهم سبب لتغير المناخ، فيقول التقرير انه إطلاق الانبعاثات في الغلاف الجوي من حرق النفط والغاز والفحم ولنقل الأشخاص والبضائع من مكان إلى آخر وتوليد الطاقة، وفقا لوكالة حماية البيئة الأميركية.
وتظهر القياسات الحديثة أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون آخذة في الارتفاع؛ فمنذ عام 1958 ارتفع مستوى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي الذي تم قياسه في مرصد «ماونا لوا» في هاواي من 316 جزءا في المليون إلى 417 جزءا في المليون.
ورغم أن التغيير قد يبدو ضئيلا، إلا أنه نظرا لارتفاع كمية ثاني أكسيد الكربون بنسبة تزيد على 30 %، تقول وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» وغيرها إن التغييرات لها تأثير كبير على متوسط درجات الحرارة العالمية.
وفي هذا الاطار، توثق الدراسات الوطنية والدولية كيف يحبس ثاني أكسيد الكربون الزائد الطاقة الزائدة ويسبب ارتفاع درجة حرارة الكوكب بشكل أسرع.
وإذا تضاعف ثاني أكسيد الكربون فوق معيار مستويات ما قبل الصناعة، فإن مسودة أحدث تقييم وطني للمناخ قالت إن درجات الحرارة العالمية قد ترتفع بمقدار 4.5-7.2 درجة، ما يؤدي إلى موجات حرارة قاتلة وتلف المحاصيل وغيرها من الآثار المتتالية حول العالم.
وعن الأسباب الأخرى لتغيّر المناخ، يفيد التقرير بأنها تشمل التصنيع والتعدين وقطع الغابات وكذلك إطلاق غاز الميثان وأكسيد النيترو؛ اللذين يساهمان أيضا بظاهرة الاحتباس الحراري، وكذلك يمكن أن يؤدي التذبذب الجنوبي لظاهرة النينيو (نمط من درجات حرارة المياه المتغيرة في المحيط الهادئ) إلى تغيير أنماط الطقس، كما لا ننسى أن تنتج الانفجارات البركانية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تدفئ الأرض وكذا جزيئات الهباء الجوي.
وعن كيفية إيقاف هذا التغيّر في المناخ، كشف التقرير ان العلماء في الأمم المتحدة والحكومات في جميع أنحاء العالم يقولون إنه يجب خفض انبعاثات الوقود الأحفوري لتجنب «عواقب كارثية». وانه للحفاظ على الزيادة بمتوسط درجات الحرارة العالمية عند 2.7 درجة مقارنة بدرجات الحرارة في أواخر القرن التاسع عشر، يجب أن يصل العالم إلى «صافي صفر» من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2050، وفقا لأحدث تقييم مناخي.
وحيث أنه لا يمكن للعالم خفض جميع الانبعاثات، فإن الوصول إلى نتيجة صافي الانبعاثات الصفرية يتطلب إزالة ثاني أكسيد الكربون من الهواء من خلال الوسائل الطبيعية والميكانيكية، حسب ما أفادت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة؛ ويشمل ذلك تدابير مثل الحفاظ على الغابات والأراضي الرطبة التي تخزن الكربون وحمايتها وتطوير تقنيات يمكنها امتصاص الكربون بشكل فعال من الهواء. وحتى إذا وصل العالم إلى صافي انبعاثات صفرية، فإن تقييم المناخ الوطني ينص على أنه سيكون من المستحيل منع بعض الاحترار الجاري بالفعل.

المصدر: الشرق الأوسط