موازنة الدفاع في الجزائر 21.6 مليار دولار… فهل تستشعر خطرا؟

كما جرت العادة، جاءت موازنة الدفاع في الجزائر على رأس مختلف القطاعات بـ21.6 مليار دولار، وتتربع بذلك على أكبر ميزانيات الدفاع في أفريقيا، والثالثة عربياً، ما يوحي بأن التخوفات من الاضطرابات التي تشهدها دول الجوار تتعاظم، لذا يبدو أن التكوين والصناعة العسكرية وتحديث ترسانة الجيش أخذت حجماً كبيراً من الاهتمام.

مرتفعة لكنها انخفضت؟

وتقول موازنة الجزائر لعام 2024، إن ارتفاع نفقات الدفاع فرضتها التحديات الأمنية عبر الحدود، وأشارت إلى أن جزءاً مهماً من 21.6 مليار دولار المخصصة لوزارة الدفاع، يوجه نحو تمويل صفقات التسليح وتحديث ترسانة الجيش والقوات المسلحة وشراء منظومات الدفاع الحديثة.

وعلى رغم بلوغها هذا الرقم، غير أنها لم ترتفع، بل انخفضت بنسبة طفيفة مقارنة بعام 2023، حين بلغت 22 مليار دولار، وتنقسم إلى ثلاثة أجزاء، الأول موجه للدفاع بقيمة 3.5 مليار دولار، والثاني للأمور اللوجيستية والدعم متعدد الأشكال بـ 5.6 مليار دولار، والثالث للإدارة العامة بقيمة 12.5 مليار دولار.

ووفق “أفريكا ميليتري” الموقع الأفريقي المهتم بالشؤون العسكرية، حلت الجزائر الأولى أفريقياً من حيث الميزانية العسكرية، بينما تتصدر مصر القائمة من حيث القوة العسكرية بميزانية دفاع وصلت قيمتها إلى 4.4 مليار دولار.

رقم عادي بالنظر إلى التحديات

وتعليقاً على ميزانية الدفاع لعام 2024، يرى الناشط السياسي عبدالحليم بن بعيبش، أنه رقم عادي بالنظر إلى التحديات التي تواجه بلاده إقليمياً، إذ تعيش دول الجوار أزمات مسلحة على حدود طويلة، وهناك أيضاً تحولات دولية جارية تفرض الاعتماد على القوة العسكرية للصمود أمامها، معتبراً أن ميزانية التسلح في الجزائر بسيطة مقارنة مع بعض الدول، كما أن امتلاك تقنيات وأسلحة متطورة يتطلب ميزانية معقولة في ظل الإبداع التكنولوجي الحاصل في الصناعات الحربية.

ويتابع ابن بعيبش، أنه عند الحديث عن الأسلحة يبقى التكوين أحد مضامينه، لكن “لا يجب أن نغفل أن جزءاً كبيراً من الميزانية توجه إلى الأجور والخدمات والأمور اللوجستية، بخاصة مع الحشود العسكرية المرابطة على الحدود مع ليبيا والنيجر والمغرب”، مشدداً على أن “الجزائر ليس من مبادئها استعمال القوة العسكرية مع جيرانها، بل على العكس تهدف إلى ضمان استقرار المنطقة، بالتالي فإن رفع موازنة الدفاع الغرض منه تقوية الجيش من أجل حماية الحدود والتسليح وليس بهدف العدوان على الجيران”.

تهديدات جديدة واستشعار بالخطر

في المقابل، يعتبر أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية إبراهيم بادي، أن الجزائر تولي اهتماماً كبيراً بالدفاع عن محيطها وترابها أمام الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة المتسمة بالتوتر الشديد، معتبراً أنها مرغمة على التأقلم مع هذه الظروف وتحضير نفسها للاحتمالات كافة لا سيما أسوأها، مشيراً إلى التهديدات الجديدة المختلفة، البيئية والصحية والإلكترونية والسيبرانية، التي فرضت على الجيش الجزائري الحصول على معدات ومنظومات متطورة من التسليح، والتوجه نحو تعزيز قدراته التقنية ورفع كفاءة القوات المسلحة. وقال إن تعزيز القدرات الدفاعية وعصرنة وتطوير مختلف مكونات القوات المسلحة، كلها تشكل إحدى الركائز الأساسية التي يبني عليها الجيش الجزائري استراتيجيته لمواجهة مختلف التحديات والأخطار.

ويواصل بادي، أن حضور إسرائيل على الحدود الغربية وتحرك الرماد في الصحراء الغربية قد يكون من بين أسباب رفع موازنة الدفاع، مبرزاً أن كل المؤشرات تؤكد أن 2024 ستكون ساخنة في المنطقة، سواء غربياً أو جنوبياً، بالتالي فإن الجزائر تكون قد استشعرت خطراً قريباً، وختم أن أغلب دول العالم عرفت موازناتها الدفاعية ارتفاعات كبيرة بشكل يؤكد أن الوضع الدولي يتجه نحو توترات يستقر عليها العالم الجديد.

أرقام ونسب

وعرفت موازنة المغرب الدفاعية ارتفاعاً إلى 12.47 مليار دولار عام 2024، كما بلغت في إسبانيا حوالى 12.85 مليارد دولار، وتصاعدت في روسيا بأكثر من 68 في المئة لتبلغ 111.15 مليار دولار، فيما مرر مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قانون ميزانية الدفاع لـ 2024 مقررة بـ880 مليار دولار.

وتبين أرقام معهد ستوكهولم للسلام، أنه في السنوات الخمس الأخيرة، سيطرت الجزائر بشكل مطلق على صدارة واردات القارة الأفريقية من السلاح، إذ احتكرت 52 في المئة من الواردات، وتقتني الجزائر قطعها العسكرية من روسيا بنسبة 59 في المئة، كما أنها تعد ثالث أكبر مشتر للسلاح الصيني على مستوى العالم.

وفي عام 2023، وضع مؤشر “غلوبال فاير باور” المتخصص في الشأن العسكري، الجيش الجزائري في المرتبة 26 عالمياً والمركز الثاني أفريقياً بعد مصر التي احتلت المرتبة 14 عالمياً، والثالث عربياً.

المصدر: اندبندنت عربية