نتنياهو ينهي أزمة الميزانية بتنازلات لحلفائه

مع توقف المفاوضات المباشرة بين ممثلي الائتلاف والمعارضة في إسرائيل، حول خطة الإصلاح القضائي للحكومة، أنهى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأزمة حول الميزانية الإسرائيلية، بتنازلات لحلفائه، وتوصل إلى اتفاقات مثيرة للجدل مع مكونات الائتلاف في حكومته.

وتوقفت مفاوضات الحوار حول الأزمة القضائية بطلب من الجانبين، بسبب اكتظاظ جدول الأعمال التشريعي الذي انصب، الثلاثاء، حول ميزانية الدولة.

وكان مكتب الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، قد أكد توقف المفاوضات على أن يواصل موظفو الرئيس اجتماعات منفصلة ومكثفة مع ممثلين من كل جانب على مدار الأسبوع، استعداداً لتجدد الاجتماعات المباشرة الأسبوع المقبل.

وعلى الرغم مما يقرب من شهرين من المحادثات الجارية بين الفرق التي تمثل التحالف وأكبر حزبين في المعارضة، لم يتم إحراز أي تقدم ملموس، وفقاً لمصادر قريبة من القضية.
صفقة بمراحل

لكن صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، قالت إن مكتب هرتسوغ يجهز عرض «صفقة» على الطرفين، تتضمن أن يقوم الائتلاف الحكومي بعقد لجنة اختيار القضاة بتركيبتها الحالية، مع وجود ممثل للمعارضة، بحيث توافق المعارضة على صيغة تقول إنه سيُسمح للحكومة بتمثيل نفسها في المسائل القانونية عبر جهات تحددها هي، في حال لم ترغب بخدمة المستشارة القضائية للحكومة.

وتقوم صيغة هرتسوغ الجديدة على حل الخلافات على عدة مراحل. في المرحلة الأولى، تُعقد لجنة اختيار القضاة بوجود ممثل واحد عن المعارضة، وليس اثنين، ويقوم الائتلاف بالتفاهم مع رئيسة المحكمة العليا إستير حايوت، بشأن تعيين قاضيين جديدين في المحكمة العليا.

وفي المرحلة الثانية، توافق المعارضة على تمثيل الحكومة لنفسها في المحاكم والقضايا القانونية، في الإجراءات المتعلّقة بقرارات الحكومة، وليس الدعاوى المرفوعة ضد الوزراء.

مقابل ذلك، وفي المرحلة الثالثة، يتم تمديد فترة المفاوضات حول التعديلات القضائية، حتى دورة الكنيست الشتوية، ويضمن ذلك ألا تجري الحكومة أي تغييرات في نظام الحكم «بدون إجماع واسع»، على أن يعالج الاتفاق النهائي الخلافات حول الاستشارة القضائية للحكومة وقانون أساس التشريع.

وقالت مصادر إسرائيلية مطلعة، إنّ ممثلي حزبي «يش عتيد» بزعامة رئيس المعارضة يئير لبيد، و«المعسكر الرسمي» بزعامة بيني غانتس، وافقوا على اقتراح الرئيس الإسرائيلي، لكن الائتلاف الحكومي لم يعط موافقته بعد بسبب الميزانية، إذ يخشى «الليكود» معارضة أحزاب في الائتلاف الحاكم على ذلك، ومن ثم تخريب التصويت على الميزانية.

وكان نتنياهو، توصل الاثنين إلى تسوية للخلافات حول الميزانية العامة للدولة مع حزبي «القوة اليهودية» الذي يرأسه وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، و«الصهيونية الدينية» الذي يتزعمه وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وباقي الأحزاب الحريدية (المتدينة).

ومنح نتنياهو حزب بن غفير، مبلغاً إضافيّاً قدره 250 مليون شيقل، من فائض ميزانيات الوزارات الأخرى. وقال بن غفير، إن «إضافة الميزانية خبر مهمّ لسكان النقب والجليل وسينهي الفجوات».

وقال وزير النقب والجليل، يتسحاك فاسرلاف، إنه «يوم مهم للنقب والجليل». الزيادة في الميزانية ستسمح لنا بإضافة العديد من البرامج المتنوعة لسكان النقب والجليل.

كما توصل نتنياهو إلى تسوية للخلافات حول الميزانية العامة للدولة مع الحريديين، وأعلن «الليكود» على توقيع اتفاق مع وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ووزير البناء والإسكان، يتسحاق غولدكنوب، يقضي بتحويل مبلغ بقيمة 250 مليون شيقل لمعاهد تعليم التوراة.

ويقضي الاتفاق بأن تحول الحكومة منحة لمرة واحدة لطلاب المعاهد التوراتية حتى يونيو (حزيران) المقبل، لتعويض الفجوة في الدفعات الشهرية مقابل تنازل الحريديين عن مطلبهم بالحصول على ميزانيات بأثر رجعي لتعويض مؤسسات جهاز التعليم الحريدي.

وأنهى نتنياهو بهذه الاتفاقات، أزمة كادت تطيح بالحكومة باعتبار أن الموعد النهائي للمصادقة على الميزانية هو الـ29 من الشهر الحالي، وبدون ذلك سيتم حل الكنيست والتوجه لانتخابات عامة جديدة.

وانخرط الكنيست، الثلاثاء، في التصويت على البنود المختلفة في تشريع قانون التسويات المرافق لقانون الميزانية، ويفترض أن يلقي نتنياهو وسموتريتش ورئيس المعارضة، يائير لبيد، خطابات في وقت متأخر، الثلاثاء، ثم يبدأ التصويت حتى وقت متأخر من الليل، وربما ساعات الصباح الأولى من يوم الأربعاء.

وهاجم لبيد، اتفاق نتنياهو مع أحزاب ائتلافه، وقال: «حولوا البلد في نظر الجميع إلى بلد خارج عن عقله». وأضاف: «هذه ميزانية كل ما فيها هو توزيع أموال كثيرة على الأحزاب والمقرّبين، وهو ما يعني تفكيك الاقتصاد الإسرائيلي من الداخل».
عالم ثالث

وكانت مجموعة تضم 280 من كبار الاقتصاديين، قد حذرت نتنياهو من أن تخصيص مليارات الشواقل في أموال الائتلاف لزيادة الدعم للمؤسسات والبرامج الحريدية، يهدد بتحويل إسرائيل إلى دولة عالم ثالث.

وحثت رسالة موقّعة من كبار الاقتصاديين، الحكومة، على «العودة إلى رشدها»، قالوا فيها: «نحن، محاضرون في مجالي الاقتصاد والإدارة… نحذر من أن تحويل الأموال التي تشكل جزءاً من الاتفاقيات الائتلافية المنعكسة في الميزانية القادمة، من المتوقع أن يتسبب في أضرار كبيرة وطويلة المدى لاقتصاد إسرائيل ومستقبلها كدولة مزدهرة».

وقالوا: «يُمنح تخصيص أموال الائتلاف حالياً لاعتبارات سياسية قصيرة المدى، لكنه سيحول إسرائيل على المدى الطويل من دولة متقدمة ومزدهرة إلى دولة متخلفة، يفتقر فيها جزء كبير من السكان إلى المهارات الأساسية للحياة في القرن الواحد والعشرين».

من بين الموقعين على الرسالة، أكاديميون كبار، من ضمنهم المستشار الاقتصادي السابق لنتنياهو ورئيس مجلس الاقتصاد القومي سابقاً يوجين كاندل، والبروفسور عومر موآف، وهو مستشار سابق لوزير المالية، والبروفسور آفي بن بسات، مدير سابق لوزارة المالية، والبروفسور أودي نيسان، رئيس ميزانيات سابق في وزارة المالية، والبرفسور مانويل تراختنبرغ، الذي شغل سلسلة من المناصب الحكومية الرئيسية.

كما وقّعت على الرسالة مجموعة من النواب السابقين لمحافظي بنك إسرائيل، من ضمنهم البروفسور آفيا سبيفاك، ونادين تراختنبرغ، والبروفسور تسفي إكشتاين، ومئير سوكولوف، بالإضافة إلى كبار المسؤولين السابقين في «بنك إسرائيل».

الميزانية الإجمالية لعامي 2023 – 2024، ستخصص مبلغ 484.8 مليار شيقل هذا العام، و513.7 مليار شيقل في عام 2024، مقارنة بـ452.5 مليار شيقل في عام 2022.

المصدر: الشرق الأوسط