هل تنقذ مبادرة «الرئاسي» ليبيا من «الفوضى السياسية»؟

تترقب الأوساط الليبية ما ستسفر عنه الأيام المقبلة بخصوص التعاطي مع المبادرة التي طرحها المجلس الرئاسي، بقيادة محمد المنفي، وسط تساؤلات سياسيين عن مدى نجاعتها في وقف «الفوضى السياسية» المسيطرة على البلاد راهناً.

وجاءت المبادرة الرئاسية بُعيد إعلان المجلس الأعلى للدولة، برئاسة خالد المشري، تعليق مباحثاته مع مجلس النواب، الذي يرأسه عقيلة صالح، على مستوى الرئيسين، ووقف أعمال اللجنة المشتركة المعنية ببحث «المسار الدستوري».

ويسيطر الانقسام السياسي والجهوي على مجريات الأحداث في ليبيا، بحيث يريد كل فصيل فرض أجندته على الطرف الآخر، في ظل اتهامات متبادلة بـ«انتهاء الولاية» و«التشبث بالسلطة».

وبعد ساعات من طرح مبادرة المجلس الرئاسي، تعاملت معها كل جبهة من منظور خاص. فعضو مجلس النواب المُقال زياد دغيم دافع عنها، باعتبار أن «مرجعيتها تتمثل في خريطة الطريق التي سحبت الاختصاص الدستوري من مجلسي النواب والأعلى للدولة، إلى ملتقى الحوار السياسي»، لكن قال إن «الملتقى مُجمد من الناحية العملية».

وأضاف دغيم في تصريحات صحافية، اليوم (الجمعة)، أن هذه المبادرة انطلقت من حتمية «أنه حان الوقت لتجميع القوى الوطنية كافة تحت مظلة المجلس الرئاسي، بمشاركة مجلسي النواب والدولة، في حل النقاط الخلافية، وإنجاز قاعدة دستورية توافقية تجرى على أساسها الانتخابات الليبية».

وتهدف مبادرة المجلس الرئاسي إلى عقد لقاء تشاوري بين المجالس الثلاثة (الرئاسي والنواب والدولة)، بالتنسيق مع مبعوث السكرتير العام للأمم المتحدة إلى ليبيا عبد الله باتيلي، كما «تهيئ لحوار دستوري كأولوية لإنهاء المراحل الانتقالية، تُضمن فيه المبادرات والأفكار والرؤى، التي طرحتها الأحزاب والقوى الوطنية على المجلس الرئاسي خلال الأيام الماضية».

وتابع دغيم، مستشار المجلس الرئاسي لشؤون الانتخابات، من دفاعه عن المبادرة، قائلاً إن «الاستجابة لها تضمن أساساً دستورياً، بدلاً من خوض غمار الخيارات الأخرى الصعبة»، ورأى أن تلك الخيارات، «ستجعل الشعب في مواجهة سياسية مباشرة مع المعرقلين غير الراغبين في التغيير»، مبرزاً أن المجلس الرئاسي رأى في لقائه السابق مع المبعوث الأممي أن «الوقت حان لالتزام الجميع بخريطة الطريق، والانخراط في حوار سعياً إلى إنجاز أساس دستوري».

وتضامن مع وجهة نظر دغيم عديد السياسيين، الذين عبروا عن آمالهم في أن تتعاطى الأطراف الليبية مع المبادرة «لإنهاء التخبط السياسي والفوضى، التي زادت عبر الانقسام الراهن، والصراع على السلطة»، مشيرين إلى تعدد المبادرات التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية، بينما تراوح الأزمة مكانها وتزداد تعقيداً، حسبهم.

من جانبه، تساءل الكاتب الليبي يوسف حسيني: «كيف لثلاثة مجالس منتهية الولاية، ومغتصبة للسلطة، ويصنفها الشارع كجزء من المشكلة، أن تنتج حلاً».

ووجه حسيني، حديثه إلى المجالس الثلاثة، أمس (الخميس) وقال: «إذا كان هذا هو طرحكم الجديد (المكرر) للحل، بعد كل الذي جرى ويجري في البلاد، فأرجو أن ترحلوا بهدوء، وبأسرع ما يمكن، فقد يتحول كلامكم غير المعقول إلى استفزاز يحرق البلد».

أما الدكتور محمد عامر العباني، فأبدى تأييده «لكل المبادرات التي تقدم رؤى وأفكاراً للخروج من الانسداد السياسي، والتوجه نحو إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية»، لكنه اعتبر أن «المشكلة الحقيقية في ليبيا ليست سياسية، أو مجرد انتقال سلمي للسلطة، بقدر ما هي انفلات أمني وجماعات مسلحة تغتصب السلطة».

وقال العباني، في تصريحات صحافية، مساء (الخميس)، إن «الحكومات المتعاقبة على ليبيا… مجرد حكومات ذات سلطة صورية، لم تتمكن من ضبط الأمور في كامل الأقاليم، لسبب بسيط هو أن من يمتلك السلطة هو الذي يمتلك القوة»، مضيفاً: «هذا ما تملكه الجماعات المسلحة ولا تملكه الحكومات، لذا فإن الحديث عن انتقال السلطة سلمياً في ليبيا هو أقرب إلى ترف سياسي من الأمنيات الطيبة»، ومتسائلاً: «كيف نتحدث عن انتقال سلطة ليست بأيدينا، ونتجاهل وجود الجماعات المسلحة التي تمتلك السلطة؟».

وانتهى العباني إلى أن «الخروج من الأزمة في ليبيا مرتبط بإنهاء الفوضى الأمنية وانتشار السلاح واغتصاب السلطة».

وتعطلت المباحثات المرتقبة بين مجلسي النواب و«الدولة» بسبب إقرار الأول قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا، وهو ما اعترض عليه الثاني، وعده «هو والعدم سواء»، معلناً «البدء في إجراءات الطعن الدستوري عليه».

ووفقاً للقانون الجديد للمحكمة، فإنه «لا يجوز الطعن بعدم دستورية القوانين إلا من طرف رئيس مجلس النواب، أو رئيس الحكومة، أو 10 نواب أو 10 وزراء»، «على أن تحال كل الطعون المرفوعة أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في طرابلس إلى المحكمة الدستورية ببنغازي، بمجرد صدور قانون تشكيلها».

المصدر: الشرق الأوسط