4.5 مليون طفل يمني خارج المدارس والرسوم وتكلفة الكتب المدرسية جعلت التعليم بعيد المنال

أظهرت بيانات وزعتها منظمة دولية معنية بالطفولة أن 4.5 مليون طفل يمني خارج المدارس، وذكرت أن ثلث الأسر أبلغت بأن لديها طفلا واحدا على الأقل تسرب من المدرسة، وأن الرسوم المدرسية الشهرية وتكلفة الكتب المدرسية جعلت التعليم بعيد المنال بالنسبة للكثير.

وبحسب تقرير حديث لمنظمة «إنقاذ الطفولة» فإن اثنين من كل خمسة أطفال، أو 4.5 مليون طفل، خارج المدرسة، مع احتمالية تسرب الأطفال النازحين من المدرسة بمقدار الضعف مقارنة بأقرانهم.

في غضون ذلك بينت منظمة الصحة العالمية أن ثلث الأسر التي شملها الاستطلاع في اليمن لديها طفل واحد على الأقل تسرب من المدرسة في العامين الماضيين على الرغم من الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة ودخلت حيز التنفيذ في عام 2022.

ووفق ما جاء في التقرير فإن الأطراف اليمنية استمرت في الالتزام بعناصر الهدنة الأساسية ولم يشتعل القتال على نطاق واسع من جديد، ومع هذا الالتزام انخفضت معدلات الضحايا، لكن ثلاثة أرباع الطلاب 76 في المائة أفادوا بأن شعورهم بالأمان لم يتزايد، وذكر 14 في المائة من الأسر أن العنف سبب مباشر للتسرب من المدارس.

وأدى العنف المستمر والاقتصاد المنهار في اليمن وفق هذه البيانات إلى دفع ثلثي السكان إلى ما دون خط الفقر ونزوح ما يقدر بنحو 4.5 مليون شخص أو 14 في المائة من السكان، وقد نزح معظمهم عدة مرات.

تسرب إجباري

وجد تحليل منظمة «إنقاذ الطفولة» أن الأطفال اليمنيين النازحين معرضون أكثر بمرتين للتسرب من المدارس، وذكرت أنه في حين أن العودة إلى المنطقة الأصلية تقلل من تعرض الأطفال النازحين داخليا للتسرب من المدارس بنسبة 20 في المائة، فإن استمرار انعدام الأمن يمنعهم من العودة إلى ديارهم.

وبحسب التقرير فإن الرسوم المدرسية الشهرية وتكلفة الكتب المدرسية تجعل التعليم بعيد المنال بالنسبة للكثيرين، حيث أفاد 20 في المائة من الأسر بأن هذه الرسوم لا يمكن تحملها.

وقال أكثر من 44 في المائة من مقدمي الرعاية والأطفال الذين شملهم الاستطلاع إن الحاجة إلى دعم دخل أسرهم كانت السبب الرئيسي وراء التسرب من المدارس.

ويذكر هاني (48 عاما)، وهو مدرس، أنه اضطر إلى سحب اثنتين من بناته الأربع من المدرسة بسبب ارتفاع التكلفة. وقال إن المصاريف المدرسية لكل طفل قد تصل إلى أكثر من 25 في المائة من راتبه الذي يساوي نحو 46 دولارا وهذا لا يكفي حتى لتغطية الطعام الذي تحتاجه الأسرة، حيث يبلغ الحد الأدنى لشراء سلة الغذاء لإعالة أسرة مكونة من سبعة أفراد لمدة شهر 85 دولارا في المتوسط ​ استنادا إلى تقرير منظمة «إنقاذ الطفولة».

أما رامي، وهو صبي يبلغ من العمر 12 عاما، فيبين أنه اضطر إلى ترك المدرسة لإعالة أسرته. ويقول كيف يمكنني الذهاب إلى المدرسة وأنا أعلم أننا لا نستطيع تغطية نفقاتنا وأن إخوتي بحاجة إلى الطعام، ولهذا يجب أن أترك المدرسة وأن أعمل.

ويقول محمد مناع، المدير القطري المؤقت لمنظمة إنقاذ الطفولة في اليمن، إنه وبعد تسع سنوات من هذا الصراع المنسي نواجه حالة طوارئ تعليمية لم يسبق لها مثيل. يجب أن تكون آخر النتائج التي توصلنا إليها بمثابة دعوة للاستيقاظ، وعلينا أن نتحرك الآن لحماية هؤلاء الأطفال ومستقبلهم.

ويضيف مناع «رغم أن الهدنة قللت من بعض أعمال العنف، فإنها لم تحقق على الإطلاق الاستقرار الذي تحتاج إليه العائلات بشدة لإعادة بناء حياتها. قبل كل شيء، تحتاج العائلات في اليمن إلى وقف رسمي لإطلاق النار؛ ودون أن تترك العائلات في طي النسيان».

ويؤكد بالقول «لا يمكننا أن نترك أطفال اليمن الذين لا يتوقون إلى شيء أكثر من الأمان وفرصة التعلم، حيث يغيب عن بالهم مستقبل مليء بالاحتمالات».

ودعت المنظمة الدولية جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك السلطات اليمنية والدول المانحة والمؤسسات والجهات الإنسانية الفاعلة، إلى معالجة هذه التحديات بشكل عاجل. ويشمل ذلك الالتزام بعملية سلام متجددة، وضمان حماية المدارس والطلاب، وزيادة التمويل للتعليم، وتوسيع نطاق التدخلات المتكاملة لحماية الطفل.

10 ملايين طفل

في اتجاه آخر ذكرت منظمة «إنقاذ الطفولة» أن نحو 10 ملايين طفل في اليمن بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، في وقت لا يزال أكثر من نصف السكان (18.2 مليون شخص، بينهم 9.8 مليون طفل) بحاجة إلى الدعم المنقذ للحياة.

ورأت المنظمة في تقريرها أن الهشاشة تتجلى بشكل أوضح في استمرار ارتفاع معدلات سوء التغذية، حيث يعاني أكثر من 2.7 مليون طفل من سوء التغذية الحاد بينما يعاني 49 في المائة من الأطفال دون الخامسة من التقزم أو سوء التغذية المزمن، ويحول هذا الوضع دون تمكن الأطفال من النمو إلى أقصى إمكاناتهم في ظل ضرر لا يمكن إصلاحه لنموهم البدني والمعرفي على المدى الطويل.

وتقول كاثرين راسل، المديرة التنفيذية لليونيسف، «إن المزيج الشرس بين النزاع الذي طال أمده والاقتصاد المنهار ونظام الدعم الاجتماعي الذي أثبت عدم نجاعته كان له تأثير مدمر على حياة الفتيات والفتيان الأكثر هشاشة في اليمن».

وأضافت: «لا يزال عدد كبير جدا من الأطفال محرومين من الضروريات الأساسية، بما في ذلك التغذية السليمة، الأمر الذي قد يهدد الأجيال القادمة ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لتزويد الأطفال بالتدابير الوقائية والعلاج، فهم في أمس الحاجة إليه».

وتهدف اليونيسف هذا العام إلى الوصول إلى أكثر من 500 ألف طفل لعلاجهم من سوء التغذية الحاد الوخيم، باعتبار أن ذلك إجراء حاسم للمساهمة في الحد من وفيات الأطفال دون سن الخامسة.

وتعهدت مسؤولة المنظمة بأن تستمر وشركاؤها في تقديم الدعم المنقذ للحياة للمساعدة في ضمان أن الأطفال الذين عانوا كثيراً سينعمون بأيامٍ أكثر إشراقاً في المستقبل، لكنها أكدت أن القيام بذلك يتطلب الدعم المستمر، والالتزام، والتضامن من شركائنا، والمجتمع الدولي قاطبة.

المصدر: الشرق الأوسط