إثيوبيا: شبح حرب أهلية يلوح في إقليم «أورومو»

تشهد إثيوبيا توترات كبيرة في «أورومو»، الإقليم الأكثر اكتظاظاً بالسكان في البلاد. ففي أوائل ديسمبر (كانون الأول)، نظمت مظاهرات طلابية للاحتجاج على قمع القوات الحكومية لمعارضي الأورومو، وحصلت اشتباكات مع ميليشيات من إقليم الأمهرة المجاور، أعادت إشعال الجمر في الإقليم. وفي حين تم التوقيع مؤخراً على اتفاق سلام لإنهاء عامين من الحرب الأهلية في إقليم تيغراي (شمال البلاد) بين حكومة آبي أحمد ومتمردي الإقليم، فإن التوتر المتجدد في أورومو يهدد بإغراق إثيوبيا مجدداً في حالة عدم استقرار مزمن.
فقد أشار تقرير لصحيفة «لوموند» الفرنسية صادر يوم الثلاثاء، إلى أنه في الفسيفساء التي تشكل إثيوبيا ومجموعاتها العرقية الـ24، يشكل إقليم «أورومو» – الذي يبلغ عدد سكانه 40 مليون نسمة، ويقع في قلب البلاد، ويحيط بالعاصمة – مسرحاً لتمرد عمره ثلاث سنوات، يغذيه «جيش تحرير أورومو» (OLA). وحصلت اشتباكات بين أفراد جماعتين عرقيتين هما «الأورومو» و«الأمهرة»، أكبر قوميتين إثيوبيتين. وهي حرب كامنة لها جذورها في تراكم أسباب: مطالبات إقليمية، ونزاعات تاريخية وعرقية، وكذلك صراع على النفوذ السياسي.
أثارت الصور الأخيرة لعمليات إعدام مقاتلي الأورومو على أيدي ميليشيات «فانو» المنتمية لقومية الأمهرة، حالة الغضب. بين 25 و29 نوفمبر (تشرين الثاني)، كانت منطقة هورو غودورو، على مسافة 250 كم شمال غربي العاصمة أديس أبابا، ساحة معركة يخشاها رئيس الوزراء آبي أحمد: اشتبكت الميليشيات الإقليمية وتم إخلاء حوالي 20 قرية في هذه المنطقة حيث يتداخل المجتمعان الأمهري والأورومي، وفق التقرير.
وأوضح التقرير أن الهجوم على هورو غودورو، أيقظ مؤيدي قومية الأورومية، الذين قاموا تاريخياً بحملة للاعتراف بلغتهم على المستوى الوطني، فيما يؤكد حزب المؤتمر الفيدرالي الأورومي المعارض، أن المنطقة دخلت في حالة «حرب»، متأسفاً لقيام «أزمة سياسية عميقة»، ومتهماً الحكومة الإثيوبية بـ«دفع البلاد إلى حافة الهاوية».
ولفت التقرير إلى أنه من ناحية أخرى، تدعي ميليشيات الأمهرة أنها تعمل لهدفين: تطالب بحق تاريخي في هذه الأراضي، وتدعي حماية الأقليات الأمهرية ضحايا الاضطهاد. وتقول جمعية «أمهرة في أميركا» (AAA)، وهي جماعة ضغط، إنها أحصت 308 عمليات قتل استهدفت أقلية الأمهرة في أورومو في عام 2021.
ودون التحقق من صحة هذا الإحصاء، تقر اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان (EHRC) بأن الهجمات التي «تستهدف المدنيين عمداً تستند في الغالب إلى الإثنية» في هذه المنطقة، بحسب تقرير «لوموند».
يذكر أن السلطات الاتحادية تفرض الأحكام العرفية في مناطق عدة. وكثيراً ما تُقطع خطوط الهاتف. ويتجنب المستثمرون الأجانب الذهاب إلى هناك، حيث وسائل الإعلام ممنوعة. وفي منطقة وليغا (غرب)، يعرضك دخول الطريق لخطر الخطف على أيدي مقاتلي جيش تحرير أورومو، الذين أصبحوا بارعين في فن قطع الطرق الرئيسية.
ويستخدم الجيش الفيدرالي وسائل كبيرة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار، محاولاً السيطرة على تمرد جيش تحرير أورومو، . ففي 9 نوفمبر، قصف الجيش في أربع غارات وسط مدينة مندي التي يسيطر عليها المتمردون، ما أسفر عن مقتل 20 من السكان على الأقل، بحسب التقرير.
وفي تقريرها الصادر في 7 ديسمبر (كانون الأول)، أشارت اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان إلى وحشية السلطات الفيدرالية في إقليم أورومو: «نفذت الحكومة عمليات إعدام خارج نطاق القضاء، وضربات جوية في المراكز الحضرية… و(تنفذ) الاعتقالات التعسفية، و(تقوم) بتعذيب المشتبه بهم».

المصدر: الشرق الأوسط