اسرائيل تتوعد بالردّ على هجوم إيران وطهران تحذّر من استهداف مصالحها
توعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الكثيف وغير المسبوق الذي شنته إيران على الرغم من الدعوات إلى تجنب التصعيد في الشرق الأوسط في ظل الحرب الدائرة قي قطاع غزة.
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هيرتسي هاليفي مساء الإثنين في تصريحات أدلى بها في قاعدة نيفاتيم التي أصيبت في القصف الإيراني إن إسرائيل “ستردّ على إطلاق هذا العدد الكبير جدا من الصواريخ والمسيرات على أراضي دولة اسرائيل”.
على الإثر، حذر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الثلاثاء من أن “أصغر عمل ضد مصالح طهران سيقابل برد هائل واسع ومؤلم ضد جميع مرتكبيه”.
في هذه الأثناء، يواصل القصف المدفعي والغارات الإسرائيلية إيقاع مزيد من القتلى والدمار في قطاع غزة المحاصر والمهدد بالمجاعة. وقالت وزارة الصحة التابعة لحماس إن 46 قتيلاً سقطوا خلال 24 ساعة حتى صباح الثلاثاء.
وقال رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو للمجندين الجدد الثلاثاء إن الجيش الإسرائيلي يقاتل حماس “بلا رحمة وسنهزمهم”.
بعد أشهر من التوتر في المنطقة، أطلقت إيران ليل السبت الأحد أكثر من 300 من الصواريخ والمسيرات على إسرائيل في أول هجوم مباشر على عدوتها اللدود التي نسبت إليها استهداف قنصليتها في دمشق في الأول من نيسان/أبريل وقتل سبعة أفراد من الحرس الثوري بينهم ضابطان كبيران.
وأكدت إسرائيل إحباط الهجوم بالتعاون مع حلفائها وفي مقدمهم الولايات المتحدة، وبمشاركة فرنسا وبريطانيا والأردن والسعودية كذلك.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري الثلاثاء للصحافيين في قاعدة جولس العسكرية بينما كان يعرض بقايا صاروخ إيراني تم اعتراضه “لا يمكننا ان نقف مكتوفي الأيدي أمام هذا النوع من العدوان، إيران لن تنجو من العقاب”.
ومع إدانة الهجوم الإيراني، دعت غالبية الأطراف، بمن فيهم حلفاء لإسرائيل، الى تجنب ردّ كبير من شأنه زيادة تأجيج منطقة الشرق الأوسط التي قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنها صارت “على حافة الهاوية”.
وصدرت آخر هذه الدعوات الثلاثاء عن موسكو، وقال المتحدث باسم الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر خلال اتصال هاتفي مع رئيسي الثلاثاء “عن أمله في أن تتحلى جميع الأطراف بضبط النفس بشكل معقول وتجنب المنطقة بأكملها جولة جديدة من مواجهة محفوفة بتداعيات كارثية”.
الى ذلك، أعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي عن “قلقه” من احتمال أن ترد إسرائيل بضرب المنشآت النووية الإيرانية. وقال غروسي في مؤتمر صحافي ليل الإثنين “نحن قلقون من هذا الاحتمال”، مضيفا “ما يمكنني أن أقوله لكم هو أن الحكومة الإيرانية أبلغت مفتشينا في إيران أمس (الأحد) بأن كل المنشآت النووية التي نقوم بتفتيشها يوميا، ستبقى مغلقة لاعتبارات أمنية”. ولكنه قال إنه لن يسمح للمفتشين بالعودة إلى أن يهدأ الوضع تماماً.
من جانبها، أكدت الولايات المتحدة أنها لا تريد “حربا واسعة مع إيران” ولن تكون طرفا في أي عملية انتقامية.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن الاثنين “دحرنا هذا الهجوم” الإيراني، داعيا إسرائيل إلى تجنب التصعيد والعمل على “وقف لإطلاق النار” مرتبط بالإفراج عن الرهائن المحتجزين في قطاع غزة.
“ضبط النفس”
منذ بداية الحرب في غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، يتصاعد التوتر في الشرق الأوسط، بما في ذلك بين إسرائيل وإيران المتعاديتين منذ انتصار الثورة الإسلامية في 1979، وحلفاء كل منهما.
على رغم ذلك، امتنعت الجمهورية الإسلامية حتى الآن عن مهاجمة إسرائيل بشكل مباشر. ويخوض البلدان منذ أعوام حربا في الظل عبر أطراف أخرى مثل حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن والفصائل الفلسطينية الحليفة لطهران. الى ذلك، تتهم طهران إسرائيل بتنفيذ عمليات سرية على أراضيها، واستهداف قيادات عسكرية إيرانية في سوريا.
وأكدت إيران أن هجومها كان “ناجحاً” وحقق “كل أهدافه”، وأنها تعتبر الرد على قصف قنصليتها مسألة منتهية.
وشدد رئيسي على أن بلاده مارست “حقها في الدفاع عن النفس”، واستهدفت بهجومها “المراكز” التي استخدمت في عملية قصف القنصلية في دمشق.
استهدفت القصف الإسرائيلي والغارات مختلف أنحاء قطاع غزة الثلاثاء، لا سيما في خان يونس في الجنوب حيث قالت وزارة الصحة إنه تم “انتشال جثامين 15 شهيدًا بينهم أطفال من مناطق متفرقة فيها صباح اليوم”.
انسحب الجيش من خان يونس بداية نيسان/أبريل بعد عدة أشهر من القتال العنيف. وأعلنت الأمم المتحدة الثلاثاء أن وجود ذخائر غير منفجرة بين الأنقاض “بما في ذللك قنابل زنتها 500 كيلوغرام في المدارس وعلى الطرق”، يعوق عملية تقييم الأضرار، بعد مهمة ميدانية.
وقالت الأمم المتحدة في وقت سابق هذا الشهر، إن هناك حاجة الى “ملايين الدولارات وسنوات عديدة لتطهير القطاع من الذخائر غير المنفجرة”.
وفي مدينة غزة، تشكل طابور طويل أمام مخبز أعيد فتحه مؤخرا، حيث عمل عدة موظفين على خدمة العملاء الذين كانوا ينتظرون منذ ساعات طويلة، بحسب صور التقطها مصور وكالة فرانس برس.
وقال خالد الغولة “انتظرت ست ساعات للحصول على ربطة خبز… الوضع صعب جدا. ظلم أن يكون لدينا مخبز واحد فقط لإطعام قطاع غزة بأكمله”.
وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن حجم المساعدات الإنسانية التي سمحت إسرائيل بدخولها إلى القطاع، وتصل إلى 181 شاحنة كل يوم منذ بداية نيسان/أبريل ومعظمها من مصر، لا يزال أقل بكثير من هدف إدخال 500 شاحنة يوميا.
وتثير خطط إسرائيل خشية المجتمع الدولي نظرا لأن رفح الحدودية مع مصر، يتكدس فيها مليون ونصف مليون فلسطيني معظمهم من النازحين، وفق الأمم المتحدة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي الثلاثاء أنه يواصل عملياته في وسط القطاع حيث أكد قتل مقاتلين وتدمير منصة لإطلاق الصواريخ وعشرات “الأنفاق والقواعد العسكرية” التابعة لحماس.
واندلعت الحرب على إثر هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر على الأراضي الإسرائيلية من غزة وأدى إلى مقتل 1170 شخصًا، معظمهم من المدنيين، حسب أرقام لوكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وخطف أكثر من 250 شخصا ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفي 34 منهم وفقا لمسؤولين إسرائيليين.
وردا على ذلك، توعدت إسرائيل بـ”القضاء” على حماس التي تسيطر على غزة منذ 2007 وتعتبرها اسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي “إرهابية”.
وأدت الحرب الى مقتل 33843 شخصا في القطاع، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحماس.
المصدر: فرانس 24