الخطوط الجزائرية تحاول عبثا مجاراة توسع الخطوط المغربية في افريقيا
أعلنت الخطوط الجوية الجزائرية عن خطة لافتتاح سبع وجهات باتجاه افريقيا في خطوة تأتي محاولة لمجاراة نسق التوسع الذي دشنته الخطوط الجوية الملكية المغربية التي كانت قد كشفت عن خطط توسع واعدة نحو العمق الافريقي والعمل على التحول الى مركز ترانزيت إقليمي ودولي في خضم تحولات اقتصادية تشهدها المملكة المغربية منذ سنوات.
ودشن المغرب الذي من المقرر أن يستضيف أهم فعاليتين رياضيتين عالميتين هما كأس أمم افريقيا 2025 وكأس العالم 2030 (مشاركة مع اسبانيا والبرتغال)، مشاريع ضخمة لتطوير البنية التحتية تشمل توسعة عدد من المطارات والموانئ واقتناء طائرات نقل مدني لتجديد أسطول النقل الجوي وهي خطوة استفزت الجزائر التي تتوجس من أن تسحب الانجازات المغربية البساط من تحت أقدامها في افريقيا.
وكان بمقدور الجزائر التي تتوافر على ثروة نفطية وغازية ضخمة واستفادت طيلة عقود من ارتفاع اسعار الطاقة في العالم أن تتحول إلى مركز ثقل اقليمي، لكنها استهلكت الفائض من ايرادات النفط في شراء السلم الاجتماعي وفي التركيز على ضرب المشاريع المغربية ومحاولة تعطيلها خاصة في افريقيا وهو ما يفسر الى حد كبير حالة التأخر التي غرقت فيها الدولة النفطية العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط، على جميع المستويات اضافة إلى معاناتها من استشراء الفساد الذي نخر مؤسسات الدولة.
وقررت الجزائر الاهتمام أخيرا ببنيتها التحتية وتحسين أوضاع قطاعاتها المتردية لاسيما النقل الجوي بعد أن سبقها المغرب في هذا المجال بأشواط وباتت المقارنة بينهما تثير إحراجا للسلطة التي تلاحق أي انجاز للمملكة حيث بات هاجس التقدم المغربي يشكل أزمة وسط مقارنة بما بلغته المملكة من تقدم على أكثر من مستوى اقتصادي ودبلوماسي في محيطها الافريقي وأيضا دوليا مستفيدة من شراكات واسعة مع الفاعلين الدوليين.
وفي خطوة متأخرة، تستعد شركة الخطوط الجوية الجزائرية إلى فتح سبع خطوط جوية جديدة حتى نهاية العام الجاري. وذلك بناء على تعليمات الرئيس عبدالمجيد تبون الذي يستعد للترشح لفترة رئاسية ثانية وينشط لتحسين صورته باتخاذ مبادرات إنمائية للبنية التحتية القديمة خصوصا مع ما يعانيه الجزائريين في الداخل والخارج من مشاكل الناقل الجوي
وقال المدير العام للخطوط الجوية الجزائرية ياسين بن سليمان، الثلاثاء خلال عرض قدمه أمام لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية، بالمجلس الشعبي الوطني. أنه سيتم فتح سبعة خطوط جديدة خلال الثلاثي الرابع من سنة 2024. وأضاف أن الشركة تعتزم توقيع 4 اتفاقيات رابح-رابح. خلال الثلاثي الثالث من العام الجاري.
كما تنوي الخطوط الجوية الجزائرية زيادة عدد الرحلات نحو بعض الوجهات الدولية، وتحدثت عن خطط تتعلق بـ”إنشاء مركز للشحن. وإطلاق فرع المناولة والرقمنة واستعمال التكنولوجيات الجديدة. وتطوير مركز الجزائر العاصمة. وإعادة تنظيم المؤسسة. وتطوير الخدمات الملحقة وشبكة البيع”.
وتبدو هذه الخطة تداركا لا بد منه لأزمة بات يعيشها النقل الجوي في الجزائر، ولم يعد بالإمكان الاستمرار بتجاهلها لاسيما مع اقتراب الانتخابات الرئاسية التي تحتاج من تبون انجازات واصلاحات لاستخدامها في الدعاية الانتخابية.
وتؤكد مصادر جزائرية مطلعة، أن السلطات باتت محرجة من المقارنة مع المغرب خصوصا في ظل المشاريع والمبادرات الاستثنائية والرائدة التي أطلقها في السنوات الأخيرة والتي جعلت الهوة واسعة بين البلدين في التنمية حيث امتدت النظرة المستقبلية للملكة في التنمية لتشمل الدول الأفريقية، كما سجل المغرب قفزة لافتة في مجال تطوير النقل الجوي.
ويبدو من توقيت الإعلام الجزائري أن يأتي في سياق السباق مع المغرب الذي قام في ديسمبر/كانون الأول الماضي ببلورة استراتيجية جديدة ترمي إلى تطوير قطاع النقل الجوي بالمغرب وتأخذ بعين الاعتبار خصوصيات مختلف المناطق والأسواق المستهدفة وتتوخى بالأساس إنشاء آلية لإحداث خطوط جديدة تتماشى جنبا إلى جنب مع مخططات تسويق العرض المغربي وتواكب الحاجيات المختلفة للاقتصاد الوطني.
وتهدف هذه الاستراتيجية إلى تطوير تدابير لتعزيز القوانين التنظيمية في مجال خدمات النقل الجوي والسلامة الجوية؛ وهذا في حد ذاته استوجب وضع نظام معلوماتي متطور لتتبع أنشطة النقل الجوي، كما أن المخطط الجديد لتطوير النقل الجوي تضمن إحداث مرصد خاص بالقطاع ليشكل فضاء للدراسات والتبادل والحوار بين مختلف المتدخلين في قطاع الطيران؛ وخصص حيزا هاما لتحسين جودة الخدمات الجوية التي ينبغي توفيرها والتماشي مع تخفيض الانبعاث الكربوني للحفاظ على البيئة.
ويتعلق الأمر كذلك بتقوية ربط المملكة بالسوق الدولية للنقل الجوي، من خلال إبرام اتفاقيات جديدة تتعلق بالنقل الجوي، فضلا عن زيادة عدد الرحلات بالخطوط الدولية المستغلة حاليا، وتحسين جودة الخدمات بالمطارات الوطنية.
ويسير المغرب بخطى ثابتة نحو تعزيز أسطوله الجوي والبري في مجال النقل استعدادا لاحتضان مباريات مونديال 2030، وفي نفس الوقت الاستجابة للتحديات الراهنة والمساهمة في الازدهار الاقتصادي في المملكة تماشيا مع خطط التنمية التي تصل بطموحاتها إلى أبعد من الحدث الكروي العالمي.
وقام المكتب الوطني المغربي للسياحة بفتح 35 خطا جويا مع 10 شركات طيران دولية برسم الموسم الصيفي 2023، وذلك في إطار الجهود المبذولة مع منظمي الأسفار وشركات الطيران الوطنية والدولية من أجل الرفع من عدد السياح الوافدين على المغرب.
وتضم ثمان وجهات مغربية، هي أكادير والصويرة وفاس ومراكش والناظور وورزازات، والرباط وطنجة، في حين دخلت الخطوط الجوية الجديدة 9 أسواق مصدرة للسياح، تتمثل في كل من ألمانيا وبلجيكا وإسبانيا وفرنسا واليونان ولوكسمبورغ وهولندا والبرتغال والمملكة المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، تم فتح 4 خطوط جوية جديدة نحو مدينة أكادير، و4 خطوط نحو فاس، و7 خطوط جديدة إلى مراكش، وخطين باتجاه الناظور، وخطين إلى ورزازات، و3 خطوط جديدة نحو الرباط.
وفي ظل الانتعاش الواعد لحركة النقل الجوي، تطمح الخطوط الملكية المغربية إلى ترسيخ مكانتها كـ”رابط عالمي” يعمل لفائدة كافة شرائح العملاء في خمس قارات بحلول عام 2037.
ولأجل ذلك، تم التوقيع على عقد البرنامج 2023-2037 في شهر يوليو/تموز الماضي بين الحكومة والخطوط الملكية المغربية لتعزيز دور النقل الجوي في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومواكبة طموح المملكة لجذب 65 مليون مسافر بحلول عام 2037.
وبموجب هذا الاتفاق، تعمل الخطوط الملكية المغربية على مضاعفة أسطولها الجوي بأربع مرات من 50 طائرة حاليا إلى 200 طائرة خلال 15 سنة المقبلة. كما ستقوم الشركة بتطوير خطوط جوية تواكب خارطة الطريق الاستراتيجية لقطاع السياحة 2023-2026، من خلال الانفتاح على وجهات دولية جديدة.
من خلال تفعيل خارطة الطريق الاستراتيجية لقطاع السياحة، التي تطمح لاستقطاب 17.5 مليون سائح بحلول سنة 2026، وبفضل كافة الجهود المبذولة للنهوض بهذا القطاع الأساسي بالنسبة للاقتصاد الوطني، يرتقب أن يتواصل تحسن حركة النقل الجوي خلال سنة 2024 مع زيادة متوقعة تبلغ حوالي 6 في المئة.
وأدت السياسة التي اتبعها المغرب منذ بداية عام 2004 إلى تحرير سوق الطيران وارتفاع عدد السياح الوافدين وتعزيز تنمية القدرات الجوية للبلاد. كما ساهمت اتفاقية ” الأجواء المفتوحة ” في وصول فاعلين جدد الى السماء المغربية، وكان من بينهم على الخصوص شركات النقل الجوي المنخفضة التكلفة ومنذ ذلك الحين تمت إعادة توزيع حصص سوق النقل الجوي بين الشركات المنخفضة التكلفة “اللوكوست” الوافدة والشركات التقليدية التي أنشئت سابقا.
يذكر أن عدد شركات النقل الجوي التي كانت تخدم وجهة المغرب سنة 2004 ، لم يكن يتجاوز 22 ناقلة ، أما اليوم فقد أصبح عددها41 شركة ، ضمنها 18 من الشركات المنخفضة التكلفة التي تشغل رحلاتها من وإلى المغرب.
وسجل عمر الكتاني الخبير الاقتصادي أن “سبع سنوات كافية لكي يجهز المغرب ويقوي أسطوله في النقل، كما أن المسألة كلها تتعلق بالكلفة”. وأورد أن ”تحقيق هاته الأهداف قبل 2030، يرتبط أيضا بـ”القيمة المضافة المغربية”، وذلك قصد تحقيق كلفة قليلة، وأيضا حتى يتم كسب الخبرة ( الصيانة/ التسيير/ الخدمات…)”.
وأبرز أنه “طالما توجد في هاته العقود التي يتم الإعلان عنها إشراك لليد العاملة المغربية فيها قصد كسب الخبرة وتقليص الكلفة، سيكون المغرب رابحا بشكل كبير”. واستطرد بأن “المغرب يتوفر على مهندسين في أعلى المستويات، ويمكنهم أن يقدموا الكثير في عملية تقوية أسطول النقل قبل تظاهرة كأس العالم 2030”.
المصدر: ميدل إيست أونلاين