أطفال سوريون يتركون مقاعد الدراسة ويعملون في ورش ميكانيك السيارات

ساهمت الظروف الاجتماعية الصعبة والعوز والتفكك الأسري في ارتفاع أعداد الأطفال العاملين في المهن الشاقة داخل مدينة إدلب وعموم مناطق المحافظة الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة، شمال غربيّ سورية.

ويرى مراقبون أن الدور المحدود للمنظمات التي تُعنى بحماية الأطفال وضمان حقوقهم، شكلت عاملاً إضافياً زاد من مفاقمة عمالة الأطفال أيضاً، وزيادة عدد المتسربين من المدارس، ورغم غياب الإحصائيات الرسمية لهذه الظاهرة، إلا أن الورش والمحلات تعجّ بأطفال وقاصرين ينهمكون في أعمال شاقة تفوق سنّهم، تسلبهم حقهم الأساسي في التعلّم واللعب، فضلاً عن التمتع بطفولتهم.

الطفل رواد (12 عاماً) يعمل منذ عام في ورشة ميكانيك سيارات بالمدينة الصناعية في مدينة إدلب، تحدث لـ”العربي الجديد” عن هذه المهنة وعن سبب توجهه لها، مبيّناً أنه بعد تركه لمقاعد الدراسة، بسبب شدة الفقر، أصبح حلمه أن يتعلم هذه المهنة وتكون له ورشته الخاصة مستقبلاً.

ويتقاضى رواد 100 ليرة تركية (5.7 دولارات) من معلمه في الأسبوع الواحد، وقد خصصها لشراء الخبز، وهو ما يعتبره مساعدة لوالده المريض الذي يعمل في مجمع للخردوات عندما تكون حالته جيدة، ويقول: “فور استيقاظي من النوم، أغسل وجهي، ثم أحمل زوادتي وآتي إلى هذا العمل الشاق والممتع في آن واحد، ولا أرجع إلى البيت حتى الساعة السادسة مساءً، وأسعد جداً عندما يحين يوم عطلتي كل جمعة كي أقضي يوماً مع عائلتي وألعب مع أصدقائي كرة القدم”.

بدوره، أكد الطفل محمد (18 عاماً) المهجَّر من مدينة سراقب في ريف إدلب الشرقي، أنه يعمل في هذه المهنة منذ سبع سنوات عندما ترك تحصيله العلمي في الصف الخامس الابتدائي، ويقول في حديثه لـ”العربي الجديد”: “بسبب الفقر تركت المدرسة واخترت هذه المهنة التي أحبها وأتقنها جيداً الآن، واجهت العديد من المصاعب والتحديات الخطيرة حتى وصلت إلى هذه الخبرة، وعملي في مدينة سراقب كان أفضل من الآن مادياً و معنوياً”.

من جهته، يرى المدرس محمد العلي من ريف إدلب الجنوبي، خلال حديثه لـ”العربي الجديد” أن من أهم أسباب عمالة الأطفال في الوقت الحالي صعوبة التعلّم، وعدم ثقة الكثير من الأهالي بالعملية التعليمية، ويقول: “كثير من الآباء اختلفت نظرتهم عن السابق. كانت النظرة للتعليم تقليدية، فالطفل عليه أن يتعلم مهما كانت الظروف، لكن هذه النظرة اختلفت في الوقت الحالي، بسبب الفقر والنزوح والحاجة، فكان لا بد أن يعمل الطفل ليكون معيلاً، ولو بالحد الأدنى”.

ووفق بيان صدر عن “فريق منسقو استجابة سورية” في 4 سبتمبر/أيلول “تشهد مناطق شمال غرب سورية خلال الفترات الأخيرة زيادة كبيرة في الاحتياجات الإنسانية للمدنيين في المنطقة، بالتزامن مع اقتراب فصل الشتاء وارتفاع أعداد المحتاجين للمساعدات الإنسانية إلى أكثر من 3.7 ملايين نسمة يشكل 85% منهم من القاطنين ضمن المخيمات، إضافة إلى الارتفاع المستمر في أسعار المواد والسلع الأساسية في المنطقة، يضاف إليها تزايد معدلات البطالة بين المدنيين بنسب مرتفعة للغاية وصلت إلى 85% بشكل وسطي”.

المصدر: العربي الجديد