«اتحاد الشغل» التونسي يقاطع الحوار ويلوّح بإضراب عام

قال الاتحاد التونسي للشغل، ذو التأثير القوي، أمس، إنه سيقاطع حواراً «شكلياً ومعروف النتائج» حول الإصلاحات السياسية والاقتصادية، دعا إليه الرئيس قيس سعيد، موضحاً أن الهيئة الإدارية، التي تعد أعلى سلطة قرار فيه، وافقت على تنظيم إضراب عام وطني، احتجاجاً على تجميد الأجور والوضع الاقتصادي السيئ، في خطوة يُتوقع أن تفتح مواجهة مع سعيد، الذي يستعد لإعادة صياغة دستور جديد، وتضعه في أصعب اختبار.
ويعد الاتحاد العام التونسي للشغل أقوى قوة سياسية في تونس، وقد تشكل دعوته للإضراب أكبر تحدٍّ حتى الآن لسعيد، منذ حله البرلمان، في خطوة وصفها معارضوه بأنها ترسخ حكم الرجل الواحد.
وقال المتحدث باسم «الاتحاد»، سامي الطاهري: «نرفض أي حوار تحدد فيه الأدوار من جانب واحد، وتستبعد منه القوى المدنية والسياسية الوطنية»، معتبراً الحوار، الذي دعا إليه سعيد «غير قادر على إخراج البلاد من أزمتها، بل سيعمقها ويطيل أمدها إلى حد تفكيك أوصالها»، موضحاً أن موعد الإضراب سيعلن في وقت لاحق.
وكانت عدة أحزاب معارضة، من بينها حركة النهضة، قد أكدت منذ فترة مقاطعة المحطات الانتخابية المعلنة من قبل الرئيس ضمن خارطة الطريق السياسية، فيما تمسكت أطراف أخرى بجدوى المشاركة السياسية، ودعم المسار التصحيحي الذي خلص تونس من «حكم تزعمته حركة النهضة خلال عشرية سوداء»، غير أن إصرار الرئيس التونسي على استبعاد الأحزاب السياسية، بما فيها الداعمة لخياراته من جلسات الحوار، أربك حسابات الكثير منها، وجعلها تفرض ضغوطاً كبيرة من أجل المشاركة في الحوار.
وفي هذا السياق، استقبل الرئيس سعيد، عبيد البريكي، رئيس «حركة تونس إلى الأمام»، في محاولة أخيرة لضمان المشاركة في الحوار، فيما أكد أسامة عويدات، عضو المكتب السياسي لحركة الشعب، أن الرئيس استقبل، أمس، سعيد زهير المغزاوي، رئيس الحركة، بشأن الحوار الوطني المزمع تنظيمه قبل 20 يونيو (حزيران) المقبل.
في غضون ذلك، أكد حزب «التيار الديمقراطي» المعارض مقاطعته لكل المحطات الانتخابية المقبلة، ورفضه المشاركة في الاستفتاء الشعبي المقرر في 25 يوليو (تموز) المقبل، وكذا الانتخابات البرلمانية المنتظرة نهاية السنة الجارية. ودعا الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والمجتمع المدني إلى مقاطعة «مسار التأسيس للجمهورية الجديدة».
من ناحيته، قال زهير الحمدي، رئيس «التيار الشعبي» الداعم للمسار التصحيحي للرئيس سعيد، إن اللجنة الاستشارية القانونية لتأسيس الجمهورية الجديدة، التي ستعد مشروع الدستور الجديد، «تشوبها نقائص لا بدّ من تداركها، وذلك عبر دعوة النخب الوطنية في شتى الاختصاصات إلى المشاركة فيها»، مطالباً بتوسيع تركيبة هذه اللجنة لتضم اختصاصات أخرى، مثل علم الاجتماع والفلسفة والتاريخ، باعتبار أن الدساتير ليست مجرد وثيقة قانونية، على حد تعبيره.
أما بخصوص موقفه من الحوار الوطني كما ورد في المرسوم الرئاسي، فقد أكد الحمدي أن حزبه ما زال متمسكاً بمقاربته للحوار، التي تطالب بألا يكون تقليدياً، بل حواراً يكسر الجمود السياسي، ويفتح المجال لإرساء مشاورات أفقية يشارك فيها جميع الفاعلين، على حد قوله.
في غضون ذلك، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن مجموعة من التعيينات الجديدة، بعد أن وافق الرئيس سعيد على تركيبتها، من بينها تعيين ماهر الجديدي نائباً لرئيس هيئة الانتخابات. كما شملت هذه التعيينات 6 مناصب إدارية، حيث تم تكليف رضا الميساوي بمنصب المدير تنفيذي للهيئة، وذلك في محاولة للفصل بين المسار الانتخابي الذي يقوده فاروق بوعسكر، والمسار الإداري الذي تسعى أطراف عدة إلى إبعاده عن دائرة أعضاء الهيئة الانتخابية.

المصدر: الشرق الأوسط