الخرطوم مستعدة لمناقشة تسليم البشير إلى لاهاي

أعلنت الحكومة السودانية، أمس، ترحيبها بخطوة استسلام زعيم ميليشيا الجنجويد، علي كوشيب، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، المتهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، في إقليم دارفور، وأكدت في بيان، موقفها المعلن سابقاً باستعدادها لمناقشة أمر مثول بقية المتهمين المطلوبين من المحكمة الجنائية الدولية، ومن بينهم الرئيس المعزول عمر البشير، كجزء من سعي الحكومة لتحقيق العدالة لصالح ضحايا الحرب في دارفور كشرط لازم لتحقيق السلام.

وفي هذا السياق، حثّت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فانتو بنسودا، السلطات السودانية على تسليم بقية المطلوبين للمحكمة، وعلى رأسهم الرئيس المعزول عمر البشير واثنان من مساعديه. ووصفت بنسودا تسليم كوشيب نفسه طواعية للمحكمة وترحيله إلى لاهاي بـ«الإنجاز البارز في حالة دارفور». في إشارة إلى الفظائع التي ارتكبها نظام الرئيس المعزول عمر البشير في هذا الإقليم في العام 2013؛ حيث قتل أكثر من 500 ألف شخص بحسب تقارير الأمم المتحدة ومنظمات دولية أخرى.

وكان كوشيب انتقل منذ أشهر إلى دولة أفريقيا الوسطى التي لديها حدود مع إقليم دارفور غرب السودان، عابراً الحدود بصحبة مجموعة عسكرية كبيرة، قبيل الإعلان رسمياً أول من أمس أنه سلّم نفسه للمحكمة الجنائية الدولية.

وأوضحت المدعية بنسودا أن المحكمة ستتبع الإجراءات القضائية وفقاً لمتطلبات نظام روما الأساسي، مع الاحترام الكامل لحقوق المشتبه به والإجراءات القانونية الواجبة تحت إشراف وسلطة المحكمة. وجددت دعوتها إلى السلطات السودانية لضمان العدالة لأسر ضحايا دارفور دون تأخير لا مبرَّر له. ونوّهت إلى أن أوامر القبض بشأن دارفور ما زالت سارية المفعول ضد الرئيس السابق عمر البشير ووزير دفاعه عبد الرحيم محمد حسين، ومساعده أحمد هارون، إضافة إلى عبد الله بندا، وهو أحد قادة التمرد في الإقليم، وقالت: «لا تزال حكومة السودان ملزمة قانوناً بنقل المشتبه فيهم الأربعة المتبقين إلى المحكمة لمحاكمتهم».

وأضافت بنسودا: «بدلاً من ذلك، يمكن للسودان بموجب نظام روما الأساسي أن يثبت لقضاة المحكمة أنه يجري تحقيقاً صادقاً مع المشتبهين الأربعة الباقين، ويقاضيهم على السلوك الإجرامي المزعوم نفسه، الوارد في أوامر قبضهم الصادرة عن المحكمة».

ورحّبت مدعية المحكمة الجنائية بالحوار مع الحكومة السودانية لاستكشاف جميع الخيارات المتاحة لتسيير الإجراءات القضائية الحقيقية بحق المشتبه فيهم، على خلفية الحالة في دارفور، والذين أصدرت المحكمة أوامر قبض في حقهم… «إما في قاعة محكمة في السودان وإما في المحكمة الجنائية في لاهاي»، وعبّرت عن امتنانها لتعاون كثير من الدول والمنظمات والأفراد الذين ساهموا في متابعة إجراءات ترحيل كوشيب، ووصفته بالتطور المحوري. وقالت: «ولا سيما حكومات جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد وهولندا وبعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية أفريقيا الوسطى».

وفي 31 مارس (آذار) 2005، أحال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الحالة في دارفور بالسودان إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية، بموجب القرار 1593. وبدأ الادعاء تحقيقاته في حالة دارفور في يونيو (حزيران) من ذات العام، وفي 27 أبريل (نيسان) 2007، أصدر قضاة الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة أمر قبض بحق المشتبه فيه، علي كوشيب.

ورأت بنسودا أن نقل المشتبه فيه إلى المحكمة يبعث أيضاً برسالة واضحة لا لبْس فيها، مفادها أنه مهما طال الزمان وصعبت العقبات التي تعترض طريقهم، فإنهم لن يتوقفوا حتى يتم تقديم الجناة المزعومين للجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي إلى العدالة. وقالت إن كثيرين فقدوا الأمل في حالة دارفور، أو سعوا بنشاط لعرقلة التقدم. وأضافت: «حافظنا على تركيزنا ومنظورنا، ولم نستسلم أبداً، أو نتخلَ عن تحقيقنا، على الرغم من تحديات التعاون وبناء الشبكات والشراكات اللازمة، واليوم توجت هذه الجهود».

المصدر: الشرق الأوسط