بعد احتجاز الحوثيين للسفينة “الإسرائيلية”.. هل يتحول البحر الأحمر لساحة جديدة للحرب؟

نفى المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني صباح اليوم الإثنين 20 تشرين الثاني/ نوفمبر، الادعاءات الإسرائيلية التي اتهمت طهران بالمسؤولية عن اختطاف الحوثيين للسفينة التجارية “غالاكسي ليدر” في منطقة البحر الأحمر في 19 تشرين الثاني/ نوفمبر، بعد أن اعتبروا أنها إسرائيلية.

وقال كنعاني “قلنا عدة مرات إن حركات المقاومة في المنطقة تتصرف بشكل مستقل ومن تلقاء نفسها بناء على مصالحها ومصالح شعوبها”. مضيفا أن المزاعم الإسرائيلية تهدف إلى صرف الانتباه بعيدًا عن “هزيمتها النكراء” في معركتها ضد حماس في قطاع غزة.

يأتي ذلك بعد إدانة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي مساء أمس ما أعتبره “هجوم إيراني على سفينة دولية”، متّهمًا الحوثيين بخطف السفينة “بناءً على “تعليمات إيرانية”.

جماعة الحوثي اليمنية احتجزت سفينة شحن في البحر الأحمر لا يوجد إسرائيليين بين طاقمها

وقال كبير محللي الشرق الأوسط لدى مجموعة “نافانتي” الاستشارية الأمريكية محمد الباشا لفرانس برس “قد يكون تأكيد فشل ثماني عمليات نفذها الحوثيون عبر الصواريخ والمسيّرات من اليمن في إصابة أهداف داخل إسرائيل، قد أثّر على قرار إعادة التركيز على ساحة البحر الأحمر”.

وكان الحوثيون قد نفذوا سلسلة هجمات على جنوب إسرائيل، ردا على حربها في قطاع غزة، قبل أن يهددوا الثلاثاء باستهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر.
جدل على هوية السفينة

وكان المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع قد نشر مساء الأحد على منصة “إكس” أوضح فيه خلفيات عملية احتجاز السفينة، قائلا “نفذتِ القواتُ البحريةُ في القواتِ المسلحةِ اليمنيةِ بعونِ اللهِ تعالى عمليةً عسكريةً في البحرِ الأحمرِ كان من نتائجِها الاستيلاءُ على سفينةٍ إسرائيليةٍ واقتيادُها إلى الساحلِ اليمنيِّ”.

ووفقا لموقع “مارين ترافيك” المتخصص في رصد حركة الملاحة، فإن سفينة “غالاكسي ليدر” هي حاملة مركبات بُنيت عام 2002 وترفع علم جزر بهاماس. وقد غادرت ميناء كورفيز في تركيا وكانت في طريقها إلى بيبافاف في الهند، عندما انقطع الاتصال بها السبت جنوب غرب مدينة جدّة السعودية.

من جانبها، قالت إسرائيل لاحقا إن جماعة الحوثي اليمنية احتجزت سفينة شحن مملوكة لبريطانيين ويديرها يابانيون في جنوب البحر الأحمر، واصفة الحادث بأنه “عمل إرهابي إيراني” ستكون له تداعيات على الأمن البحري الدولي.

ونفى الجيش الإسرائيلي أن تكون السفينة التي احتُجزت إسرائيلية، وقال إنها “غادرت تركيا في طريقها إلى الهند وأفراد طاقمها مدنيون من جنسيات مختلفة وليس بينهم إسرائيليون. إنها ليست سفينة إسرائيلية”.

لكن شركة “أمبري” للأمن البحري أكدت أن “المجموعة المالكة لحاملة المركبات مسجّلة باسم راي كار كاريرز، والشركة الأم لهذه المجموعة مدرجة باسم أبراهام رامي أونغار، ومقرها إسرائيل”.

وسبق أن تعرضت سفينة “تجسسية” يملكها أونغار، وهو رجل أعمال إسرائيلي، في شباط/فبراير 2021 لاستهداف في خليج عمان، وفق ما أفادت حينها صحيفة “كيهان” الإيرانية المحافظة.
البحر الأحمر ومضيق باب المندب.. هل سيشكلان دائرة الصراع القادمة؟

وشكَّلت منطقة البحر الأحمر موقعًا استراتيجيًا يحظى بالاهتمام والمراقبة الدولية، كونها نقطة تجارية رئيسية تربط القارات الشرقية بالغربية.

ويحتل مضيق باب المندب المرتبة الثالثة عالمياً بعد مضيقي ملقا وهرمز، حيث يمر عبره يومياً حوالي 3 ملايين برميل نفط، أي نحو أربعة بالمئة من الطلب العالمي على النفط. كما ترتبط حركة التجارة العالمية ارتباطًا قويًا باستقرار مضيق باب المندب والبحر الأحمر، حيث تمر عبره 21 ألف سفينة سنوياً، أي ما يعادل 10% من الشحنات والبضائع البحرية العالمية، بما في ذلك معظم أنشطة التبادل التجاري بين آسيا وأوروبا، وفقًا للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات.

وبعد استيلاء الحوثيين على السفينة الإسرائيلية في تلك المنطقة، تطرَح التساؤلات عما إذا كانت ستنتقل دائرة الصراع والتحالفات الدولية لمنطقة البحر الأحمر؟ ودخول الولايات المتحدة وإسرائيل في حرب تجارية مع إيران والدول المجاورة في تلك المنطقة؟

ردا على تهديدات الحوثيين.. الجيش الإسرائيلي ينشر زوارق وسفنا حربية في البحر الأحمر

أوضح المحلل السياسي والخبير القانوني العراقي صفاء اللامى لمونت كارلو، أنَّ “الولايات المتحدة لا تسعى للدخول في حرب مباشرة وتوسيع رقعة مواجهتها مع إيران وحلفائها في المنطقة، كونها مقبلة على انتخابات رئاسية”.

وأشار اللامى في حديثه، “في حال انتقال دائرة الصراع لتلك الرقعة ستكون نقلات محدودة…لأنَّ اتساع دائرة الصراع لا تخدم سياسة الولايات المتحدة”، وبذلك ستقتصر ردود الفعل الدولية “إما على توجيه طائرات مسيّرة، أو اللجوء لاتخاذ إجراءات دبلوماسية دولية لفرض العقوبات القانونية للقائمين على هذا الفعل.
بعد تنفيذ عملية اختطاف السفن من قبل الحوثيون… ما هو دور إيران وحلفاؤها في المنطقة؟

في الوقت الذّي تنفي به إيران تدخلها بهذا الفعل، أكَّد اللامى أنّها لن تتخلّى عن دعم حلفائها في المنطقة، “بل ستقدِّم الدعم المادي والمعنوي في حال دخولهم في دائرة صراع مع الولايات المتحدة”.

المصدر: مونت كارلو الدولية