تدهور العلاقات بين إسرائيل والمنظمات الأممية.. هل يتوقف عمل هيئات الأمم المتحدة داخل الأراضي المحتلة؟

تكررت المشادات بين إسرائيل والمنظمات الأممية العاملة داخل الأراضي المحتلة منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة المحاصر، وزادت التوترات بين ممثلين لتلك المنظمات والدولة العبرية، حتى أصبحت الاتهامات تنذر بدفع إسرائيل لعدة هيئات دولية للمغادرة.

آخر تلك المشادات كانت بعدما أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، الإثنين، عبر منصة إكس، إن الجيش الإسرائيلي أبلغ الوكالة الأممية بوجوب إخلاء مستودع للمساعدات الطبية في جنوب غزة، قبل أن تجعله “العمليات البرية” في المنطقة غير قابل للاستخدام.

وجاء في منشور المدير العام “اليوم، تبلغت منظمة الصحة العالمية من جيش الدفاع الإسرائيلي بوجوب نقل إمداداتنا من مستودعنا الطبي في جنوب غزة في غضون 24 ساعة، لأن عمليات برية ستضعه خارج الخدمة”، وتابع “نناشد إسرائيل سحب هذا الأمر واتخاذ كل التدابير الممكنة لحماية المدنيين والبنى التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمرافق الإنسانية”.

ذلك ما نفاه الجيش الإسرائيلي فجر الثلاثاء، وقال مكتب تنسيق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية “كوغات” التابع لوزارة الدفاع الإسرائيلية في منشور على منصة إكس، إن “الحقيقة هي أننا لم نطلب منكم إخلاء المستودعات، وقد قلنا ذلك، بوضوح وخطيا أيضا، لمسؤولي الأمم المتحدة المعنيين”، وأضاف المنشور “من مسؤول في الأمم المتحدة نتوقع، على أقل تقدير، مزيدا من الدقة”.

وخلال مؤتمر صحافي في القاهرة، أكد المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية للشرق المتوسط أحمد المنظري أن “منظمة الصحة العالمية قلقة للغاية إزاء استئناف الأعمال القتالية، بما في ذلك القصف المكثف في غزة”.

وتثير الحصيلة المرتفعة للقتلى والأزمة الإنسانية في القطاع تنديدا حول العالم، إذ وصلت حصيلة الضحايا بحسب وزارة الصحة في القطاع إلى 15899 قتيلا، جراء القصف الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.

وقال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية “شهدنا ما حصل في شمال غزة. هذا الأمر لا يمكن أن يشكل نموذجا للجنوب”، وأشار إلى أن “تكثيف العمليات العسكرية على الأرض في جنوب غزة، خصوصا في خان يونس، يهدد بحرمان آلاف الأشخاص من الرعاية الصحية”.

وفي ذات السياق، أعلنت لين هاستينغر، منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في بيان نشر الاثنين، أن مع التوسع في العمليات البرية الإسرائيلية “لا مكان آمن في غزة ولم يبق مكان يمكن التوجه إليه”.

وأعربت هاستينغز في بيانها عن أسفها لأن “الظروف المطلوبة لإيصال المعونات إلى الناس في غزة لا تتوفر. إن سيناريو أكثر رعبا بشوط بعيد يوشك أن تتكشف فصوله، وهو سيناريو قد لا تملك العمليات الإنسانية القدرة على الاستجابة له، لو قدر له أن يتحقق”.

على ما يبدو جاء بيان هاستينغز، التي تقيم في القدس المحتلة، بعدما أبلغت السلطات الإسرائيلية الأمم المتحدة بأنها لن تجدد تأشيرة مبعوثتها الكندية الجنسية، ما يجعل منصبها شاغر، في وقت تتزايد في الهجمات والمداهمات على منازل الفلسطينيين في الضفة الغربية، واغتيالات المستوطنين المسلحين لأهالي الضفة بدون حساب أو رقيب.

من جهته، جدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الدعوة إلى “وقف إطلاق نار إنساني دائم في غزة” وإطلاق سراح جميع الرهائن، مطالبا القوات الإسرائيلية بـ”تجنب أعمال جديدة يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني الكارثي أساسا في غزة” وتجنيب المدنيين في القطاع مزيدا من المعاناة.

وهذه ليست أول مرة ينتقد فيها الأمين العام إسرائيل، فقد سبق واتهم الدولة العبرية ب”الانتهاكات الواضحة للقانون الدولي الإنساني في غزة”، وأكد أن “أي طرف في الصراع المسلح ليس فوق هذا القانون”، ودعا كلا من إسرائيل وحركة حماس إلى وقف إطلاق نار فوري.

وحذر غوتيرش وقتها، من “العقاب الجماعي” للشعب الفلسطيني، بعدما فرضت إسرائيل حصارا على القطاع وكثفت القصف دون هوادة، وأوضح قائلا “إن الشعب الفلسطيني يخضع لاحتلال خانق على مدى 56 عاما”، مشيرا إلى أن “هجوم حماس لم يأت من فراغ”.

وأثارت هذه التصريحات حفيظة الإسرائيليين، إذ خاطب وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، غوتيريش، بحدة مذكرا إياه بمقتل مدنيين إسرائيليين في الهجمات التي شنتها حماس على إسرائيل.

ودعا سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان، غوتيريش إلى الاستقالة، وكتب منشورا على صفحته على منصة إكس، قال فيه إن الأمين العام للأمم المتحدة الذي “أبدى تفهما للإرهاب والقتل” لا يصلح لقيادة الأمم المتحدة.

ومع استمرار التصعيد، من المحتمل أن تفقد المنظمات الأممية العاملة داخل الأراضي المحتلة وقطاع غزة المحاصر تصاريح البقاء وتأشيرات العاملين فيها.

المصدر: مونت كارلو الدولية