تقرير: الحكومة الإيرانية تخترق هواتف المعتقلين «لتوريطهم في جرائم»

منذ بدء موجة الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران في سبتمبر (أيلول) الماضي، شهدت البلاد حملة من القمع من قبل الحكومة، أدت إلى مقتل مئات المتظاهرين واعتقال الآلاف، فيما أعدم شنقاً رجلان على ارتباط بهذا الحراك.

وبالإضافة للتصدي للاحتجاجات بالشوارع، تركز الكثير من اهتمام الحكومة الإيرانية على إغلاق المواقع والصفحات المناهضة للسلطات على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي.

لكن وراء الكواليس، يشعر البعض بالقلق من أن الحكومة تستخدم التكنولوجيا بطريقة أخرى، تتمثل في قرصنة واختراق تطبيقات الهاتف الجوال لمراقبة وقمع المعارضة.

وكشفت إحدى المحتجزات في سجن إيفين الوحشي الشهير بشمال طهران، لشبكة «سي إن إن» الأميركية، أن السلطات اخترقت حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي وفتشت في المحادثات والرسائل النصية الخاصة بها «لتوريطها في جرائم بعينها».

وقالت الفتاة المحتجزة: «في أحد الأيام بعد اعتقالي في أواخر سبتمبر (أيلول)، قال المسؤولون لي أثناء استجوابي: هل تعتقدين أنه يمكنك الخروج من هنا حية؟ سنقوم بإعدامك. عقوبتك ستكون الإعدام. لدينا أدلة ستدعم هذا الحكم، نحن على دراية بكل شيء».

وقالت المحتجزة إن السلطات الإيرانية بعد ذلك اتهمتها بإدارة مجموعة ناشطة مناهضة للنظام على تطبيق «تلغرام»، وهو ادعاء تنفيه تماماً.

وأضافت قائلة: «لدي بعض الأصدقاء من السجناء السياسيين. لقد وضع المحققون أمامي نسخاً مطبوعة من محادثاتي الهاتفية مع أولئك الأصدقاء، وسألوني عن علاقتي بهم».

وتعتقد الفتاة الإيرانية أن عملاء إيرانيين اخترقوا حساب «تلغرام» الخاص بها في 12 يوليو (تموز)، حيث لاحظت حينها أن الحساب تم فتحه من عنوان بروتوكول إنترنت (IP Address) مختلف عن ذلك الذي تمتلكه.

وأثناء وجودها في السجن، على حد قولها، أعادت السلطات الإيرانية تنشيط حسابها على التطبيق لمعرفة من حاول الاتصال بها والكشف عن النشطاء السياسيين الذين كانت على تواصل معهم.

ويحذر نشطاء حقوق الإنسان داخل وخارج إيران منذ سنوات من قدرة النظام الإيراني على اختراق هواتف المتظاهرين والمعارضين والوصول إلى الصور والبيانات وسجلات المكالمات وغيرها من المعلومات الشخصية الهامة عن بعد.

ويقول الخبراء إن شركات التكنولوجيا قد لا تكون مجهزة تجهيزاً جيداً للتعامل مع مثل هذه الحوادث.

وقال أمير رشيدي، مسؤول الأمن الرقمي في منظمة حقوق الإنسان «Miaan Group»، إن الأساليب التي وصفتها المحتجزة الإيرانية لـ«سي إن إن» تتطابق مع قواعد اللعبة التي يتبعها النظام الإيراني.

وأضاف قائلاً: «لقد قمت بنفسي بتوثيق العديد من هذه الحالات. لديهم إمكانية الوصول إلى أي شيء يتجاوز خيالك. الحكومة الإيرانية تدير البنية التحتية للاتصالات السلكية واللاسلكية بالكامل في البلاد».

وربما تكون الحكومة الإيرانية قد استخدمت أساليب قرصنة مماثلة لمراقبة حسابات «تلغرام» و«إنستغرام» الخاصة بنيكا شاكرمي، المتظاهرة البالغة من العمر 16 عاماً والتي لقيت حتفها بعد مشاركتها في مظاهرة في طهران.

وتقول السلطات الإيرانية إن شاكرمي انتحرت، وهو الأمر الذي رفضه معارفها وعائلتها، مشيرين إلى أنها «قُتلت على يد قوات الأمن».

ففي 20 سبتمبر (أيلول) الماضي، كانت شاكرمي شخصية قيادية مسيطرة في الاحتجاجات. وقد ظهرت في عدة مقاطع فيديو وهي تقف على صناديق القمامة المقلوبة وتلوح بحجابها الذي خلعته تحدياً للسلطات، وسط هتافات «الموت للديكتاتور»، في إشارة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي.

وبعد ساعات قليلة من تسجيل هذه المشاهد، اختفت شاكرمي فجأة، وبعد أكثر من أسبوع علمت عائلتها بوفاتها.

وبعد اختفاء الفتاة، قالت خالتها ومتظاهرون آخرون لشبكة «سي إن إن» إن حساباتها على «تلغرام» و«إنستغرام» تم تعطيلها.

وفي 12 أكتوبر (تشرين الأول)، لاحظ اثنان من أصدقاء شاكرمي أن حسابها على «تلغرام» عاد لفترة وجيزة، وحدث الشيء نفسه مع حسابها على «إنستغرام» في يوم 28 أكتوبر.

وأشار عدد من الخبراء إلى أن هذا التنشيط لحسابات شاكرمي ربما كان الغرض منه هو «تصيد محتجين آخرين» بغرض اعتقالهم.

وتعليقاً على ذلك، قال ريمي فوغان، المتحدث باسم «تلغرام»: «نقوم بشكل روتيني بمعالجة العشرات من حالات الاختراق المماثلة التي يحيلها إلينا نشطاء من منظمات موثوقة ونعطل الوصول إلى الحسابات المخترقة».

ونصح فوغان المستخدمين بتفعيل ميزة التحقق بخطوتين أو المصادقة الثنائية (Two – Step Verification) والتي تطالب المستخدم عند الدخول للتطبيق من جهاز مختلف بإدخال كلمة مرور إضافية أنشأها الشخص في السابق.

وتواصلت شبكة «سي إن إن» مع الحكومة الإيرانية للتعليق على هذا التقرير لكنها لم تتلق أي رد.

المصدر: الشرق الأوسط