توقعات برفع أسعار الفائدة في مصر

توقعت مؤسسات مالية وبحثية أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة خلال اجتماعه المقرر الخميس المقبل، وذلك بعد أن رفعت بنوك مركزية حول العالم خلال الأسبوع الماضي، وأبرزها الفيدرالي الأميركي الفائدة 50 نقطة أساس.
وترى إدارة البحوث بشركة «إتش سي» للأوراق المالية والاستثمار، في ضوء الوضع الراهن لمصر، أن «البنك المركزي المصري سيرفع سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، في اجتماعه المقبل».
وأرجعت هبة منير محللة قطاع البنوك والاقتصاد الكلي بالشركة، الأسباب إلى «مواجهة التضخم ولجذب التدفقات المستفيدة من فروق الأسعار»، متوقعة بلوغ معدل التضخم 19.1 في المائة خلال ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وذلك بعد أن تسارع في نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث ارتفع بنسبة 2.3 في المائة على أساس شهري، و18.7 في المائة على أساس سنوي، وأدى إلى النقص الحالي في تدفقات رأس المال الأجنبي.
وأشارت منير في مذكرة بحثية، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، إلى «تراجع قيمة الجنيه المصري… بسبب الضغوط المتراكمة على ميزان المدفوعات وارتفاع التزامات الدين الخارجي».
وتوقعت ارتفاع الدين الخارجي إلى إجمالي الناتج المحلي إلى 38.8 في المائة، خلال السنة المالية الحالية، من 37.7 في المائة في السنة المالية المقابلة، مع تراجع صافي الاحتياطي النقدي الأجنبي بنسبة 18 في المائة تقريباً على أساس سنوي في نوفمبر الماضي، إلى 33.5 مليار دولار، وزيادة بنسبة 67.7 في المائة في احتياطي الذهب على أساس سنوي مقابل تراجع 22.3 في المائة بالعملات الأجنبية على أساس سنوي، بالإضافة إلى انخفاض تحويلات المصريين في الخارج لشهر أغسطس (آب) بنسبة 8 في المائة على أساس شهري، لتصل إلى 2.2 مليار دولار.
وأشارت منير إلى اتساع صافي مركز الالتزامات الأجنبية للقطاع المصرفي، باستثناء البنك المركزي، إلى 16.4 مليار دولار في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، من 5 مليارات دولار في الوقت نفسه من العام السابق، مع انخفاض الودائع بالعملات الأجنبية، غير المدرجة في الاحتياطات الرسمية، إلى 1.67 مليار دولار في نوفمبر من 11.5 مليار دولار في العام السابق.
ويشير جدول سداد الديون الخارجية المستحقة على مصر إلى نحو 20.2 مليار دولار خلال السنة المالية الحالية، في الوقت الذي وصل فيه متوسط العائد على أذون الخزانة أجل الـ12 شهراً، بعد خصم الضرائب، إلى 15.99 في المائة (باحتساب معدل ضرائب 15 في المائة للمستثمرين الأميركيين والأوروبيين في الطرح المقام 8 ديسمبر مع نسبة عرض إلى تغطية تبلغ 3.20 مرة)، ما يشير إلى الحاجة لرفع العوائد، وفق منير، التي أشارت إلى أذون الخزانة المصرية أجل الـ12 شهراً حالياً التي تقدم عائداً حقيقياً سالب 0.1 في المائة؛ على أنه في حال احتساب الزيادة المتوقعة من جانب «إتش سي»، البالغة 200 نقطة أساس، قد تسهم في جذب التدفقات المستفيدة من فروق الأسعار.
كانت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري، قد قررت زيادة سعر الفائدة 200 نقطة أساس، باجتماع استثنائي في 27 أكتوبر الماضي، والانتقال إلى نظام سعر الصرف المرن بشكل دائم.
وبناءً على ذلك، يصل إجمالي الارتفاع في أسعار الفائدة بمصر عام 2022 بمعدل 500 نقطة أساس، بالتزامن مع زيادة أسعار الفائدة للبنك الاحتياطي الفيدرالي بإجمالي قدره 425 نقطة أساس من بداية العام حتى الآن.
وينظر لاجتماع المركزي المصري المقبل، بأنه سيكون حاسماً في مسألة خفض جديد للجنيه، لسد الفجوة بين السوقين الرسمية والموازية، إذ يباع الدولار في البنوك الحكومية بـ24.70 جنيه للدولار، في حين تخطى سعره 30 جنيهاً في السوق السوداء. غير أن هناك آراء مصرفية مسؤولة أكدت أن هذه «الفجوة نشأت فقط نتيجة زيادة الطلب على الدولار في الوقت الذي تواجه فيه البلاد شحاً في العملة الصعبة»، متوقعة في هذا الصدد، أن «تقل أو تختفي تماماً، الفجوة بين السوقين الرسمية والسوداء بمجرد ضخ الدولارات في السوق».
ووافق مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، على منح مصر قرضاً جديداً بقيمة 3 مليارات دولار، في ظل أزمة تمويل دولارية في البلاد تتفاقم حدتها يوماً بعد يوم.
ويتطلع المسؤولون في مصر إلى تمويلات إضافية، بفضل القرض، قدرها صندوق النقد بنحو 14 مليار دولار، وفق بيان صحافي، أشار فيه بالخصوص إلى دول مجلس التعاون الخليجي، ما قد يشير إلى قرب حلحلة أزمة الدولار في البلاد، والتي نتجت عن خروج استثمارات أجنبية غير مباشرة مع بدء الحرب الأوكرانية، ورفع الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة على الدولار.
يأتي القرض الجديد مع سياسة نقدية جديدة يحددها محافظ البنك المركزي المصري حسن عبد الله، الذي جاء خلفاً لطارق عامر، الذي استقال قبل انقضاء مدته أغسطس الماضي، وفق بيان صحافي وقتها.
وينظر إلى قرض الصندوق الجديد في مصر، الذي يعادل 115.3 في المائة من حصة مصر في الصندوق، على أنه بداية «سيساعد في تلبية احتياجات ميزان المدفوعات وتقديم الدعم للميزانية»، لمواجهة أزمة عملة استفحلت وشلت السوق وضربت قطاعات اقتصادية حيوية، في دولة يبلغ تعدادها أكثر من 100 مليون نسمة.

المصدر: الشرق الأوسط