جرائم نظام الأسد.. مسار ممتد من الشكاوى والتحقيقات خارج سوريا

منذ بدء النزاع عام 2011، وُجهت للنظام السوري اتهامات عدة بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية” وممارسات تنتهك حقوق الإنسان، من قبيل التعذيب والاغتصاب والاعتداءات الجنسية والإعدامات خارج إطار القانون وشن هجمات كيميائية.

وقد استهدفت دعاوى قضائية وتحقيقات في عدة بلدان -خاصة بأوروبا- مسؤولين كبارا في نظام بشار الأسد.
ألمانيا

أعلن المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان -وهي منظمة ألمانية غير حكومية- أمس أن 7 لاجئين سوريين هم ضحايا أو شهود على اعتداءات جنسية وعمليات اغتصاب في معتقلات النظام السوري، قدّموا شكوى جنائية أمام القضاء الألماني.

وتستهدف الشكوى بالاسم تسعة مسؤولين في النظام والاستخبارات الجوية، وبينهم جميل حسن الذي كان يرأس حتى عام 2019 المخابرات الجوية، والملاحق أساسا بموجب مذكرة توقيف دولية من ألمانيا وفرنسا.

وتأتي هذه الشكوى في وقت تجري فيه منذ نهاية أبريل/نيسان الماضي في ألمانيا محاكمة مسؤوليْن سابقين في الاستخبارات السورية لجآ إلى هذا البلد، أمام محكمة كوبلنز بتهمة ارتكاب “جرائم ضد الإنسانية”.

والمسؤولان هما أنور رسلان وإياد الغريب، وهما ضابطان سابقان في الاستخبارات.

وفي عام 2017، ازدادت في ألمانيا دعاوى السوريين الذين أكدوا انهم تعرضوا للتعذيب في سجون النظام، وتحرك القضاء أمام تجاوزات وثقتها منظمات غير حكومية وكشفتها شهادات ناجين لجؤوا إلى الخارج.

وفي مارس/آذار من العام نفسه، رفع 7 سوريين لجؤوا إلى ألمانيا وقالوا إنهم ضحايا تعذيب، دعاوى ضد مسؤولين في الاستخبارات السورية، كما ذكر المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان.

وفي سبتمبر/أيلول 2017، تسلمت النيابة الفدرالية حوالي 27 ألف صورة من أصل 55 ألفا حملها “قيصر” -وهو اسم مستعار لمصوّر سابق في الشرطة العسكرية السورية انشقّ عن النظام عام 2013- تظهر الوحشية والانتهاكات في السجون السورية.

وبعد شهرين، تقدم 13 شخصا بدعويين جديدتين تتعلقان بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، ووجهت الشكاوى فيهما ضد 17 من كبار المسؤولين -بينهم وزير الدفاع والنائب العام العسكري في حينه- لاتهامهم بالتواطؤ في الانتهاكات المرتكبة في سجن صيدنايا السيئ الصيت.
فرنسا

في منتصف سبتمبر/أيلول 2015، فتحت النيابة العامة في باريس تحقيقا أوليا حول ارتكاب “جرائم ضد الإنسانية”، تتعلق بأعمال خطف ارتكبها النظام السوري.

وفي يوليو/تموز 2016، تقدمت أسرة طبيب سوري توفي عن 37 عاما في أحد سجون النظام السوري عام 2014، بشكوى في باريس بتهمة التعذيب والقتل.

وفي نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2016، فتح تحقيق حول اختفاء فرنسييْن من أصل سوري اعتقلا في سوريا في 2013، ولا يزال مصيرهما مجهولا، وهما مازن دباغ ونجله باتريك.

وشكّلت الشكوى التي تقدمت بها عائلة دباغ متهمة الاستخبارات الجوية السوية باعتقالهما، مقدمة لصدور مذكرات توقيف في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، للمرة الأولى في فرنسا، بحق ثلاثة مسؤولين سوريين، هم رئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك، وجميل حسن وعبد السلام محمود من فرع المخابرات الجوية في دمشق.

وفي فبراير/شباط 2019، أوقفت السلطات الفرنسية عبد الحميد. س، وهو جندي سابق يشتبه في تواطؤه في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وأفرج عنه تحت إشراف قضائي في فبراير/شباط الماضي لعدم كفاية الأدلة.

الولايات المتحدة

وفي عام 2013، فرّ مصور سابق في الشرطة العسكرية السورية من البلاد حاملا معه 55 ألف صورة توثق التعذيب والانتهاكات في سجون النظام السوري بين العامين 2011 و2013.

وفي عام 2014، مثل “قيصر” -وهو الاسم المستعار لهذا المصور- أمام الكونغرس الأميركي في جلسة استماع سرية، كانت الدافع لإقرار “قانون قيصر” في عام 2019، والذي دخل حيز التنفيذ الأسبوع الحالي، ويفرض عقوبات مشددة على النظام السوري.

وذكر قيصر أن وظيفته كانت تصوير الجثث لحساب وزارة الدفاع قبل النزاع وبعده، وقال “رأيت صورا مروعة لجثث أشخاص تعرضوا للتعذيب.. جروح عميقة وحروق وعمليات خنق.. عيون خرجت من حدقاتها.. أطفال ونساء تعرضوا للضرب على أجسادهم ووجوههم”.
إسبانيا

رفض القضاء الإسباني في يوليو/تموز 2017 شكوى قدمتها مواطنة سورية ضد تسعة من كبار المسؤولين في النظام السوري، بتهمة الاعتقال القسري والتعذيب وإعدام شقيقها عام 2013.
آلية أممية

في عام 2016، شكلت الأمم المتحدة “آلية دولية محايدة ومستقلة” هدفها المساعدة والتحقيق والملاحقة القضائية للأشخاص المسؤولين عن ارتكاب “الجرائم الأشد خطورة” في سوريا.

وتعمل هذه اللجنة منذ أبريل/نيسان 2018 على جمع الأدلة من أجل تسهيل إصدار أحكام محتملة على مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية.

وتملك اللجنة أكثر من مليون وثيقة، بينها صور وأشرطة فيديو وصور أقمار صناعية ووثائق وشهادات ضحايا.

المصدر: الجزيرة