جلسة البرلمان اللبناني غداً ستنتهي من دون انتخاب رئيس

يأتي انعقاد الجلسة النيابية الثانية المقرّرة غداً لانتخاب رئيس للجمهورية في سياق رفع العتب؛ هذا في حال تأمّن لانعقادها حضور أكثرية ثلثي أعضاء البرلمان، ويتوقّف مصيرها على مشاركة النواب المنتمين إلى كتلة «الوفاء للمقاومة»؛ (حزب الله)، في الجلسة في حال أحجموا عن التضامن مع حليفهم «التيار الوطني الحر» الذي أعلن مقاطعته لها بالتوافق مع نواب حزب «الطاشناق» احتجاجاً على انعقادها في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الذي يصادف الذكرى الثانية والثلاثين لإخراج العماد ميشال عون من القصر الجمهوري في بعبدا ولجوئه إلى مقر السفارة الفرنسية؛ ومنها إلى منفاه الباريسي.
انعقاد الجلسة النيابية في موعدها غداً يتراوح بين هبّة باردة وأخرى ساخنة بغياب النواب الأعضاء في تكتّل «لبنان القوي» البالغ عددهم 21 نائباً، و3 نواب من تكتل «قوى التغيير» هم: وضّاح الصادق وفراس حمدان لوجودهما خارج البلاد، وسينتيا زرازير التي تخضع للعلاج في المستشفى بعد العملية الجراحية التي أُجريت لها، من دون استبعاد إمكان تضامن «حزب الله» مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل واحتمال انضمام بعض النواب الذي يدورون في فلكه إلى ملاقاته في قراره، مع أن «الحزب» كان يتموضع سياسياً في الضفة الأخرى عندما تولّت وحدات من الجيش السوري إخراج عون من «بعبدا» في 13 أكتوبر 1990.
ومع أن أمانة السر في المجلس النيابي لم تتبلّغ حتى عصر اليوم بتقدّم أي نائب باعتذار من عدم حضور الجلسة، فإن حضور «حزب الله» سيتقرر قبيل انعقادها، ومقاطعتها ستؤدي إلى إحراجه مع حليفه الاستراتيجي رئيس المجلس النيابي نبيه بري. ويبدو أن الجلسة لن تُحدِث مفاجأة من شأنها أن تبدّل من واقع الحال السياسية التي انتهت إليها سابقتها بتعذّر انتخاب الرئيس بذريعة أن الظروف ليست ناضجة لانتخابه، إلا إذا ضمن «حزب الله» أن مقاطعته للجلسة لن تؤدي للإخلال بعلاقته بحركة «أمل».
ولا شيء يحول دون أن يتمدّد المشهد السياسي إلى الأيام العشرة الأخيرة من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون التي تُبقي على البرلمان في حال انعقاد دائم إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية، مما يفتح الباب أمام دخول لبنان في شغور رئاسي، وليس في مقدور الكتل النيابية التكهُّن منذ الآن بتحديد الموعد الزمني لإنجاز الاستحقاق الرئاسي؛ لأن ترحيله سيقود إلى إعادة خلط الأوراق بانضمام مرشحين جدد إلى زملائهم الحاليين وعلى رأسهم قائد الجيش العماد جوزف عون.
أما في حال انعقاد الجلسة، فإنها تأتي تمديداً لسابقتها ولن تُحدث خرقاً يمكن التأسيس عليه؛ بما يسمح بإعادة خلط الأوراق ترشُّحاً على الأقل في المدى المنظور وخلال المهلة المتبقية من ولاية الرئيس عون، ما دامت موازين القوى داخل البرلمان لم تتبدّل ومحكومة بلعبة توازن يمنع أي فريق من التحكُّم في المسار العام للعملية الانتخابية. لذلك؛ فإن الجلسة ستشهد مبارزة بين الفريق الداعم لترشُّح النائب ميشال رينيه معوّض، والفريق الآخر المؤيد للاقتراع بالورقة البيضاء، مع احتمال التساوي بينهما في عدد أوراق المقترعين بغياب تكتّل «لبنان القوي» الذي كان اقترع بورقة بيضاء.
ويكمن الجديد في جلسة الغد، إذا قرر «حزب الله» «الإفراج» عنها مراعاةً لحليفه الرئيس بري، في أن تكتل «قوى التغيير» بالتنسيق مع كتلة نواب صيدا – جزين: عبد الرحمن البزري، وأسامة سعد، وشربل مسعد، سيقترع هذه المرة بورقة مرمّزة تحمل علامة فارقة لتأكيد تمايزها عن المحور الذي يقترع بورقة بيضاء، وبخلاف موقفه في الجلسة السابقة باقتراع نوابه لسليم ميشال إده. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصدر نيابي بأن تكتّل «قوى التغيير» على تنسيق تام مع نواب كتلة صيدا – جزين التي تحبّذ الاقتراع بورقة تحمل شعاراً سياسياً لتمرير رسالة تتطلع من خلالها إلى وقوفها في منتصف الطريق بين المحورين التقليديين مع إصرارها على إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري؛ لأن البلد لا يحتمل إقحامه في شغور رئاسي مديد.
وفي المقابل؛ بادر معوّض إلى تكثيف لقاءاته لتوسيع التأييد النيابي له، وقد التقى مطوّلاً النواب الأعضاء في كتلة «الاعتدال الوطني» ذات الغالبية المنتمية إلى الطائفة السنّية لعله يتمكن من إقناعهم، ولو على مراحل، بدعم ترشّحه لضمان حصوله على تأييد 45 نائباً؛ أي بزيادة 4 نواب من خارج المحور النيابي الذي كان رشّحه، والذي يتشكّل من «اللقاء الديمقراطي» وحزبَي «القوات اللبنانية» و«الكتائب» وكتلة «التجدد» التي ينتمي إليها معوض، إضافة إلى عدد من النواب المستقلين. وينطلق معوض في معركته الرئاسية من تأييد 41 نائباً، هم بالإضافة إلى النواب الـ36 الذين أيّدوه في الجلسة السابقة: ستريدا جعجع، وفؤاد مخزومي، وسليم الصايغ، ونعمت أفرام لوجودهم خارج لبنان، ومعهم النائب الذي اقترع في الجلسة بورقة كُتب عليها اسم مهسا أميني التي قتلت على يد قوات الأمن الإيرانية، وتردّد أن صاحب الورقة ينتمي إلى «اللقاء الديمقراطي» برئاسة النائب تيمور وليد جنبلاط.

المصدر: الشرق الأوسط