حماس تهاجم فتح دفاعا عن حصتها في حكم غزة

FILE PHOTO: Palestinians shop in an open-air market near the ruins of houses and buildings destroyed in Israeli strikes during the conflict, amid a temporary truce between Hamas and Israel, in Nuseirat refugee camp in the central Gaza Strip November 30, 2023. REUTERS/Ibraheem Abu Mustafa/File Photo

حصل خلال الساعات الماضية تصعيد كبير بين فتح وحماس بشأن تعيين رئيس الحكومة الجديد محمد مصطفى، في وقت يقول فيه مراقبون إن التصعيد يتجاوز شخص مصطفى، وإن بيان حماس القوي ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس يكشف عن انزعاجها من تهميشها في عملية التعيين.

ويرى المراقبون أن حماس تعرف أن بقاءها في الحكم أمر مستحيل، وهي تعمل ما في وسعها للحفاظ على حصتها في السلطة ولو من باب الاستشارة في اختيار رئيس الوزراء، ويعتقد الرئيس الفلسطيني أن الفرصة باتت سانحة أمامه لاستعادة حكم غزة بعد هزيمة حماس عسكريا وسياسيا وإنسانيا في ظل الدمار الذي خلفته الحرب وبدء موجة الاحتجاجات ضدها في القطاع.

ويأتي تعيين رجل الأعمال البارز محمد مصطفى رئيسا للحكومة كإشارة من عباس على استعداده لإدخال إصلاحات على سلطته بالتخلي عن حكومة محسوبة على حركة فتح لصالح حكومة تكنوقراط على أمل أن تجد القبول من الولايات المتحدة التي سبق أن دعت إلى إعادة تأهيل السلطة.

لكن رهان عباس لا يضع في الحساب موقف إسرائيل التي ترفض مطلقا أيّ دور للسلطة الفلسطينية في المرحلة القادمة.

وبقطع النظر عن تشدد إسرائيل ضد عباس، فإن مزاجا فلسطينيا واسعا يرفض استمرار سلطة عباس وكذلك استمرار حماس بأيّ شكل في حكم غزة، ويراهن على طبقة سياسية جديدة تلقى القبول داخليا وخارجيا.

ويرى مراقبون أن حدة بيان حماس يظهر امتلاكها معلومات بشأن توافق إقليمي – أميركي على استثنائها في المرحلة القادمة من أيّ دور.

وانتقدت حماس ما أسمته بالقرار الفردي الذي اتخذه عباس بتعيين أحد حلفائه رئيسا للوزراء وتكليفه بالمساعدة في إصلاح السلطة الفلسطينية وإعادة إعمار غزة.

وقالت حماس إن عباس اتخذ القرار دون التشاور معها على الرغم من مشاركتها مؤخرا في اجتماع في موسكو شاركت فيه أيضا حركة فتح لإنهاء الانقسامات الممتدة منذ فترة طويلة والتي تضعف التطلعات السياسية للفلسطينيين.

وأضافت “إن اتخاذ القرارات الفردية، والانشغال بخطوات شكلية وفارغة من المضمون، كتشكيل حكومة جديدة دون توافق وطني؛ هي تعزيز لسياسة التفرد وتعميق للانقسام، في لحظة تاريخية فارقة، أحوج ما يكون فيها شعبنا وقضيته الوطنية إلى التوافق والوحدة، وتشكيل قيادة وطنية موحدة تحضّر لإجراء انتخابات حرة ديمقراطية بمشاركة جميع مكونات الشعب الفلسطيني”.

لكنّ ردّ فتح لم يتأخّر، إذ سارعت الحركة التي يتزعّمها عبّاس إلى إصدار بيان اتّهم حماس بالتسبّب بـ”نكبة أكثر فداحة وقسوة من نكبة العام 1948″.

وقالت فتح في بيانها إنّ “من تسبّب في إعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة، وتسبّب بوقوع النكبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، وخصوصاً في قطاع غزة، لا يحقّ له إملاء الأولويات الوطنية”.

وأضاف البيان أنّ حماس هي “المفصول الحقيقي عن الواقع وعن الشعب الفلسطيني”، متّهماً الحركة بأنّها “تفاوض الآن إسرائيل وتقدّم لها التنازلات تلو التنازلات ولا هدف لها سوى أن تتلقّى قياداتها ضمانات لأمنها الشخصي”.

واستهجنت فتح “حديث حماس عن التفرّد والانقسام”، متسائلة عمّا إذا كانت حماس قد شاورت أحداً “عندما اتّخذت قرارها القيام بمغامرة السابع من أكتوبر الماضي، والتي قادت إلى نكبة أكثر فداحة وقسوة من نكبة العام 1948؟”.

كما اتّهمت فتح في بيانها حماس بالسعي إلى إبرام اتفاق مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “للإبقاء على دورها الانقسامي في غزة والساحة الفلسطينية”.

وبدأت حرب بين حماس وإسرائيل بعد شنت الحركة هجوما على بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر، مما أدى إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة وفقا للإحصائيات الإسرائيلية.

وأدى الهجوم الإسرائيلي منذ ذلك الحين إلى مقتل أكثر من 31 ألفا ونزوح ما يقرب من 2.3 مليون من سكان غزة من منازلهم.

وتم تكليف مصطفى، الذي ساعد في تنظيم إعادة إعمار غزة في أعقاب صراع سابق، بقيادة عمليات الإغاثة وإعادة بناء المنطقة التي دُمّرت في أكثر من خمسة أشهر من الحرب، وإصلاح مؤسسات السلطة الفلسطينية، وفقا لخطاب التعيين.

ويحل مصطفى محل رئيس الوزراء السابق محمد اشتية الذي استقال مع حكومته في فبراير.

ومنذ سيطرة حماس على غزة عام 2007، في خطوة حصرت سلطة عباس في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، فشلت الجهود العربية والدولية في التوفيق بينها وبين حركة فتح التي تشكل العمود الفقري للسلطة الفلسطينية.

ويريد الفلسطينيون أن تكون المنطقتان أساسا لقيام دولتهم المستقلة في المستقبل.

وقالت حماس إن أيّ محاولة لاستبعادها من المشهد السياسي بعد الحرب هي “وهم”.

وفي تحذير في الآونة الأخيرة، قال مسؤول أمني لموقع إخباري مرتبط بحماس إن محاولات العشائر أو زعماء المجتمع المحلي التعاون مع خطط إسرائيل لإدارة غزة ستعتبر “خيانة” وستُقابل “بقبضة من حديد”.

لكن الجماعة نفت تقارير إعلامية تحدثت عن أنها قتلت بعض زعماء العشائر المحليين في الأيام القليلة الماضية لتدخلهم في توزيع المساعدات.

المصدر: صحيفة العرب