خامنئي يصدر عفواً عن السجناء مشروطاً بخطاب «الندم»

أعلن القضاء الإيراني أن المرشد علي خامنئي أصدر عفواً وتخفيفاً للعقوبة عن «عشرات الآلاف» من «المتهمين والمدانين» من السجناء، ومن بينهم بعض مَن ألقت السلطات القبض عليهم لاتهامات لها علاقة بالأمن، خلال المظاهرات المناوئة للحكومة في الآونة الأخيرة.
جاء ذلك بعد أن ساهمت حملة قمع وحشية نفذتها السلطات في تهدئة اضطرابات واحتجاجات في أنحاء البلاد. لكن العفو جاء بشروط؛ فوفقاً للتفاصيل التي نشرتها وسائل إعلام رسمية، فإن الإجراء لن ينطبق على الموقوفين الذين يواجهون تهماً تصل إلى الإعدام، أو حتى مزدوجي الجنسية المحتجزين في البلاد.
وذكرت «رويترز»، نقلاً عن الوكالة الرسمية (إرنا)، أن الشمول بالعفو يتطلب «عدم ارتكاب التجسس لصالح الأجانب، عدم الاتصال المباشر بعملاء المخابرات الأجنبية، عدم ارتكاب القتل والإيذاء المتعمد، عدم التدمير وإحراق المرافق الحكومية والعسكرية والعامة، وعدم وجود مدعٍ خاص».
وذكرت وسائل الإعلام الرسمية أن خامنئي وافق على العفو «بمناسبة الذكرى الرابعة والأربعين لانتصار ثورة 1979»، و«أعياد شهر رجب».
وأشارت الوكالة إلى أن العفو لن يشمل أيضاً مَن اتُهموا بما وصفته بـ«الفساد في الأرض»، وهي جريمة قاسية العقوبة يواجهها المحتجون، وأُعدِم أربعة منهم.
واجتاحت احتجاجات أنحاء إيران، بعد وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني عندما كانت رهن الاحتجاز لدى «شرطة الأخلاق» بدعوى «سوء الحجاب» في سبتمبر (أيلول). وشارك في تلك الاحتجاجات إيرانيون من شتى الأطياف والمشارب، بما شكَّل أجرأ تحدٍّ للمؤسسة الحاكمة منذ الثورة، في عام 1979.
ونقلت الوكالة عن خطاب رفعه رئيس السلطة القضائية، غلام حسين محسني إيجئي، إلى خامنئي، أنه يطلب فيه إصدار أمر العفو، وقال: «خلال الأحداث الأخيرة ارتكب عدد من الأشخاص، خصوصاً الشباب، سلوكيات وجرائم نتيجة إملاءات العدو ودعاياته، الأمر الذي تسبب في مشكلات لأنفسهم، ومعاناة أسرهم وأقاربهم. والآن يطالب عدد كبير منهم بالمغفرة، بعد فضح خطة الأعداء الخارجيين والتيارات المناهضة للثورة والشعب، معربين عن الأسف والندم».
بدوره، قال نائب رئيس السلطة القضائية الإيرانية صادق رحيمي، وفقاً لما نقلته وسائل الإعلام الرسمية: «بالطبع مَن لم يعبروا عن ندمهم على ما فعلوا وقدموا التزاماً كتابياً بعدم تكرارها فلن يشملهم العفو».
وبحسب رحيمي، فإن هذا أول «عفو» يشمل عدداً كبيراً من السجناء يوافق عليه خامئني، بعد فبراير (شباط) 2019.
أتى الإعلان عن «العفو العام»، في وقت طرح فيه نواب بالبرلمان الإيراني مشروع قانون لملاحقة مَن يدلون بتصريحات تتعارض مع مواقف السلطات. ويستهدف القانون المشاهير، خصوصاً بعدما انتقد عدد كبير منهم سلوك السلطات في قمع المحتجين.
ودافع النائب عن مدينة طهران، علي خضريان، عن القانون. وقال: «إذا كان رأي هؤلاء (المشاهير) ضد رأي الدولة، فسيؤدي إلى أضرار كبيرة بالأشخاص والممتلكات العامة». وأضاف: «لو كان مثل هذا القانون، لم نرَ قلة المسؤولية في المجتمع».
وتقول «وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان» (هرانا) إن السلطات اعتقلت نحو 20 ألفاً فيما يتعلق بالاحتجاجات التي تتهم إيران أعداء أجانب بتأجيجها. ولم تقدم الأجهزة الأمنية والقضاء الإيراني والوزارة الداخلية حتى الآن أي إحصائيات عن العدد الإجمالي للمعتقلين في أنحاء البلاد.
وقال محمود أميري مقدم، رئيس «منظمة حقوق الإنسان في إيران»، ومقرها أوسلو، إن العفو الجماعي الذي أصدره خامنئي «ما هو إلا مجرد دعاية ونفاق»، وقال: «تم تضمين عدد فقط من المتظاهرين في هذا العفو، الذين أرسلوا خطاب ندم مكتوباً يطلب العفو، ولا يشمل أولئك الذين يواجهون تهماً عقوبتها الإعدام». وكتبت المنظمة التي يقودها أميري، على حسابها في «تويتر»، أن «الاحتجاج من حق المواطنين»، مؤكدة أن «اعتقالهم والأحكام الصادرة بحقهم غير مبررة».
وفي وقت سابق من الشهر الماضي، قالت المنظمة التي تراقب حالات الإعدام عن كثب إن مائة من المحتجين المعتقلين على الأقل ربما يواجهون عقوبة الإعدام.
وانتقدت «منظمة العفو الدولية» السلطات الإيرانية، بسبب ما وصفته بأنه «محاكمات صورية لترهيب المشاركين في انتفاضة شعبية هزت إيران».
وتقول وكالة «هرانا» إن 527 شخصاً قُتِلوا جراء حملة القمع التي أطلقتها السلطات لإخماد الاحتجاجات التي عصفت بأكثر من 160 مدينة. وبحسب المنظمة، سقط 71 قاصراً بين قتلى المحتجين. وفي المقابل، سجل 70 قتيلاً في صفوف قوات الأمن.
وتباطأت وتيرة الاحتجاجات بشكل ملحوظ منذ بدء تنفيذ عمليات الإعدام. وأفادت «إذاعة فردا» الأميركية الناطقة بالفارسية بأن أهالي أحياء عديدة في العاصمة طهران رددوا هتافات مناهضة للسلطة، مشيرة إلى حراك مماثل في مدن كرج وشيراز وسنندج وبندر عباس.
وفي سياق متصل، قاد عشرات المزارعين في أصفهان، أمس، جراراتهم باتجاه طهران، في حركة رمزية، للمطالبة بإحياء نهر زاينده رود، حسبما أظهرت فيديوهات نشرها حساب ينشر أخبار النقابات العمالية على «تويتر».

المصدر: الشرق الأوسط