ماذا وراء دعوة الصدر إلى مقاطعة الانتخابات في العراق؟

ويقول الكاتب والأكاديمي العراقي عقيل عباس إن موقف الصدر الأخير إزاء الانتخابات المحلية يمثل “امتداداً لموقف التيار الصدري الراسخ في شأن الانسحاب من دوائر السلطة والذي حصل بعد انتخابات عام 2021”.

ويضيف عباس في حديث إلى “اندبندنت عربية” أن هذا الموقف يعني أن “التيار الصدري ليس ذاهباً للمعارضة بمعناها السياسي وحسب، بل إلى شكل من أشكال القطيعة مع الطبقة السياسية بصورة كاملة”، لافتاً إلى أن خطاب التيار الصدري يبين بصورة واضحة وجود “إرادة لصنع مسافة سياسية ونفسية مع ترتيبات الحكم في العراق بعد عام 2003”.

تمهيد للدخول على خط الاحتجاج

وتمثل دعوة الصدر إلى مقاطعة الانتخابات المحلية في العراق “تطوراً منطقياً لموقفه من العملية السياسية بعد انسحابه عام 2022″، كما يعبر عباس الذي يشير إلى أن خيارات الصدر في شأن العودة للسياسة “لم تعد تنطلق من مسارات الشرعية الانتخابية”.

ويلفت إلى أن دعوة المقاطعة تلك تمثل تأكيداً لموقف التيار الصدري في شأن “تعميق القطيعة مع الطبقة السياسية في العراق” مما يثير التساؤلات في شأن احتمال “استفادة التيار الصدري من أي لحظة احتجاج شعبي مقبل”.

وإضافة إلى احتمالات استعداد التيار الصدري للاستفادة من أي حراك شعبي في البلاد، يرى عباس أن ثمة قراءة أخرى لدى زعيم التيار الصدري ترتبط باحتمال أن “تواجه الطبقة السياسية مصاعب قد تصل إلى الانهيار بسبب الإدارة المالية والاقتصادية السيئة للبلاد وعمليات التوظيف الكبيرة خلال الفترة الأخيرة”.

ويختم بأنه إذا ما حصل هذا الانهيار فإن “القوة الوحيدة الموجودة والمنظمة لتكون بديلاً معقولاً عن الجماعات السياسية داخل السلطة هي التيار الصدري، خصوصاً بعد خروجه من الطبقة السياسية وتسجيل اعتراضه منذ نحو عام ونصف العام”.

فرز بين الأطراف السياسية الشيعية

وفي السياق يعتقد الباحث في الشأن السياسي سليم سوزة أن دعوة زعيم التيار الصدري تتعدى حدود دفع أتباعه إلى مقاطعة الانتخابات المحلية، بخاصة أن “الصدريين أصلاً مقاطعون لانتخابات المجالس، سواء صدرت الدعوة أم لم تصدر، لعدم وجود قائمة تابعة لهم في الانتخابات وعدم وجود أمر من زعيم التيار بانتخاب شخصيات معينة”.

ويضيف سوزة أن مراد الصدر من تلك الدعوة يرتبط بـ “محاولته الفرز بين تياره وبقية الأطراف السياسية وتحديداً قوى الإطار التنسيقي”، مبيناً أن الدعوة أتت “لتحويل المقاطعة من خيار فردي صدري إلى أمر جماعي تنظيمي وسياسي من قيادة التيار، وبالتالي حُسبت كنشاط سياسي”.

ويرى أن تلك الدعوة “ستنعكس بصورة مؤثرة على مشهد الانتخابات المحلية، خصوصاً أن التيار الصدري له ثقل كبير ولكونه يعد كتلة كبيرة في المجتمع العراقي”.

ويتابع سوزة أن انسحاب الصدر على مستوى الحكومة والبرلمان عام 2022 “أبقى له نفوذاً داخل مجالس المحافظات، خصوصاً أن آخر انتخابات جرت عام 2013″، لافتاً إلى أن تلك الدعوة “ستنهي وجود التيار الصدري في المجالس المحلية مما يعطي انطباعاً واضحاً بأنها دعوة إلى الفرز بين معسكري التيار الصدري من جهة والإطار التنسيقي من الجهة الأخرى”.

ولفت إلى أن دعوة الصدر الأخيرة “قطعت الطريق أمام أية شخصيات من التيار الصدري ترشحت للانتخابات المحلية”، مبيناً أن الالتزام بالمقاطعة سيكون معياراً لـ “الانتماء للتيار”.

ويبدو أن ما يجري يمثل “خطوة استباقية لما يريد الصدر فعله خلال المرحلة المقبلة”، بحسب سوزة الذي يشير إلى أن المقاطعة تلك تمثل “نشاطاً سياسياً إضافياً وتمهد لأن يقود الصدر حراكاً جديداً مع عدم وجود أية التزامات بينه وبين كل تشكيلات إدارة الدولة”.

المصدر: اندبندنت عربية