ما دور الغذاء في الوقاية من «الصداع النصفي»؟

أقامت دراسة نُشرت في العدد الأخير من دورية «فرونتيرز إن نيوترشن»، أول علاقة إحصائية بين زيادة تناول الألياف الغذائية وانخفاض معدل الإصابة بالصداع النصفي.
والصداع النصفي، أحد أمراض الصداع الأولية المسببة للعجز الشديد، والتي تسبب إعاقات أكثر من جميع الأمراض العصبية الأخرى مجتمعة، ويقدر معدل الانتشار العالمي بما يتراوح بين 15 و18 في المائة، مما يتسبب في عبء ثقيل على الأفراد والأسر وأنظمة الرعاية الصحية والمجتمعات.
وتلعب العوامل الوراثية والبيئية دوراً مهماً في حدوثه، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤثر مجموعة متنوعة من الحالات الداخلية والخارجية الأخرى، مثل الأنماط الغذائية والأطعمة المحددة والكحول والتوتر وعوامل نمط الحياة الأخرى، على حدوث الصداع النصفي وشدته ومدته، وأراد الفريق البحثي من جامعة جينان الصينية، اختبار العلاقة بين حدوث المرض وفئة من الأطعمة، وهي تلك الغنية بالألياف.
ويقول الباحثون في مقدمة دراستهم، إنه في السنوات الأخيرة، خلص اتحاد العبء العالمي للأمراض (GBD) إلى أن النظم الغذائية دون المستوى هي المسؤولة عن المزيد من الوفيات الناجمة عن الأمراض غير المعدية في جميع أنحاء العالم، أكثر من أي عامل خطر آخر، بما في ذلك التدخين. وأوضح الباحثون أنه بناء على ذلك، فإن الترويج لاستهلاك المكونات الغذائية الصحية، يعتبر طريقة فعالة لتقليل عبء المرض المرتبط بالمخاطر الغذائية. وركزوا في دراستهم على مرض «الصداع النصفي» لانتشاره عالمياً، وعلى الألياف الغذائية؛ إذ يتم الإبلاغ باستمرار عن أن تناول الألياف الغذائية غير كافٍ، مقارنة بالموصى به عالمياً.
وتتكون الألياف الغذائية من بوليمرات الكربوهيدرات، التي لا يمكن هضمها أو امتصاصها في الأمعاء البشرية، ولكنها تدخل الأمعاء الغليظة ويتم تخميرها بواسطة الجراثيم المعوية، وتشمل الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والبطاطس والدرنات والفاصوليا، ولا يوجد خلاف على أنها مفيدة لصحة الإنسان.
وتشمل الفوائد الصحية للألياف الغذائية تحسين وظائف الأمعاء وتقليل تركيز الجلوكوز في الدم وخفض نسبة الكوليسترول في الدم وزيادة الشبع، وهناك أدلة متزايدة على أن الألياف الغذائية تلعب دوراً في تقليل الوفيات والأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكري من النوع الثاني، وأضافت الدراسة الجديدة فائدة أخرى محتملة، وهي التخفيف من الصداع النصفي.
وباستخدام بيانات من المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية، فحص الباحثون العلاقة بين تناول الألياف الغذائية وانتشار الصداع الحاد أو الصداع النصفي، ووجدوا أنه بعد ضبط المتغيرات المشتركة، كان هناك ارتباط عكسي كبير بين تناول الألياف الغذائية والصداع الشديد أو الصداع النصفي، فمقابل كل زيادة بمقدار 10 غرامات لكل يوم في تناول الألياف الغذائية، انخفض معدل انتشار الصداع الشديد أو الصداع النصفي بنسبة 11 في المائة.
ويقول المؤلفون في دراستهم: «على حد علمنا، لم تفحص أي دراسة سابقة العلاقة بين الألياف الغذائية والصداع الشديد أو الصداع النصفي، ومع ذلك، يجب إجراء المزيد من الدراسات المستقبلية لتأكيد هذا الارتباط».
ولم يذكر الباحثون في دراستهم تبريراً لهذا الارتباط بين تناول الألياف وعلاج الصداع النصفي، غير أن محمد عبد الحليم، أستاذ التغذية في جامعة بني سويف (صعيد مصر)، يعتقد أن هذه الفائدة مصدرها الأمعاء. ويقول عبد الحليم لـ«الشرق الأوسط»: «كثير من الدراسات ربطت بين صحة الأمعاء وصحة الدماغ، وحيث إن الألياف الغذائية لديها القدرة على تنظيم الميكروبيوم المعوي، فقد يكون ذلك هو سر الفائدة التي تمنحها الألياف في هذا الاتجاه».
وكانت دراسات سابقة ربطت بين الاضطرابات في الميكروبيوم المعوي وأمراض الجهاز العصبي المركزي، مثل التصلب المتعدد ومرض باركنسون ومرض ألزهايمر والاكتئاب، و«قد يكون الصداع النصفي مرضاً جديداً يضاف إلى قائمة هذه الأمراض»، كما يقول عبد الحليم.

المصدر: الشرق الأوسط