مَن سيتولى رئاسة الحكومة البريطانية خلفاً لبوريس جونسون؟

يعد رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، الذي استقال من قيادة حزب المحافظين ورئاسة الوزراء اليوم (الخميس)، بطل حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست). وبعد الانتخابات التشريعية عام 2019 التي سحق فيها حزبه المحافظ المعارضة العمالية ونال أكبر عدد من المقاعد في البرلمان منذ 1987 خلال إدارة مارغريت ثاتشر، كان جونسون يطمح لأن يدخل التاريخ كواحد من رؤساء حكومات بريطانيا الذين بقوا في السلطة لأطول مدة، مثل ثاتشر والزعيم العمالي توني بلير. لكنه تعثر بعد ثلاث سنوات مضطربة.

ودعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس إلى «الهدوء والوحدة» عقب استقالته. وكتبت في تغريدة من بالي حيث من المتوقع أن تشارك في اجتماع وزاري لمجموعة العشرين، غداً (الجمعة): «اتّخذ رئيس الوزراء القرار الصائب. حققت الحكومة تحت قيادة بوريس الكثير من الإنجازات -إنجاز بريكست، واللقاحات، ودعم أوكرانيا. نحن الآن بحاجة للهدوء والوحدة ومواصلة الحكم حتى إيجاد زعيم جديد».

أما جونسون فقال: «يجب أن تبدأ الآن عملية اختيار الزعيم الجديد. اليوم عيّنت حكومة لتتولى المسؤولية معي حتى اختيار زعيم جديد».

وقال جاستن توملينسون، نائب رئيس حزب المحافظين، على «تويتر»: «استقالته كانت حتمية. علينا في الحزب أن نتّحد بسرعة ونركز على الأمور المهمة. هذه أوقات صعبة على جبهات متعددة».

وسيتعين على المحافظين الآن انتخاب زعيم جديد، وهي عملية قد تستغرق أسابيع أو شهوراً. وأظهر استطلاع سريع أجرته «يوغوف» أن وزير الدفاع بن والاس هو الاختيار المفضل لدى أعضاء حزب المحافظين لخلافة جونسون، تليه وزيرة الدولة للتجارة بيني موردنت، ثم وزير المالية السابق ريشي سوناك. ويرى مراقبون أنه يتعين على جونسون المغادرة فوراً وتسليم السلطة لنائبه دومينيك راب بداعي أنه فقد ثقة حزبه. وقال كير ستارمر زعيم حزب العمال المعارض إنه سيدعو إلى تصويت على الثقة في البرلمان إذا لم يتحرك حزب المحافظين للإطاحة بجونسون على الفور. وأضاف: «إذا لم يتخلصوا منه، فسيتدخل حزب العمال من أجل المصلحة الوطنية ويطرح تصويتاً بحجب الثقة لأننا لا نستطيع الاستمرار مع رئيس وزراء يتشبث بالسلطة لأشهر وأشهر».

وتأتي الأزمة في وقت يواجه فيه البريطانيون ضغوطاً هي الأشد منذ عقود على أوضاعهم المالية، وذلك عقب جائحة «كوفيد – 19» والارتفاع المستمر للتضخم. ومن المتوقع أن يكون الاقتصاد البريطاني الأضعف بين الدول الكبرى عام 2023 بعد روسيا. كما تأتي بعد سنوات قليلة من انقسام داخلي أشعله تصويت محتدم في 2016 على مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي وكذلك في مواجهة تهديدات تواجه تكوين المملكة المتحدة نفسها مع تزايد المطالب بإجراء استفتاء آخر على استقلال اسكوتلندا والذي قد يكون الثاني خلال عشر سنوات. وقال بعض من بقوا في مناصبهم، ومن بينهم وزير الدفاع والاس، إن ما يمنعهم من الرحيل هو التزامهم بالحفاظ على أمن البلاد. وكانت الاستقالات الوزارية كثيرة بحيث باتت الحكومة تواجه خطر الشلل. وعلى الرغم من قرب رحيله، كان جونسون يعمل على ملء الأماكن الشاغرة في حكومته. وقال مايكل إليس، وهو وزير يشرف على تسيير شؤون الحكومة، للبرلمان: «من واجبنا الآن أن نتأكد من أن هذا الشعب لديه حكومة فاعلة».

وفي ما يلي الشخصيات التي يمكن أن تتولى السلطة خلفاً له:

– بن والاس: صار وزير الدفاع البالغ من العمر 52 عاماً يتمتع بشعبية أكثر من أي وقت مضى في أجواء الغزو الروسي لأوكرانيا. على الرغم من أنه نفى اهتمامه بقيادة حزب المحافظين، إلا أنه يعد في صفوف الحزب شخصية صريحة وكفؤة. إلا أن أحد المقربين منه قال إنه يفضل أن يصبح أميناً عاماً لحلف شمال الأطلسي. وكشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «يوغوف» بين أعضاء في حزب المحافظين ونُشرت نتائجه اليوم (الخميس)، أن بن والاس وزير الدفاع منذ 2019 سيفوز على جميع منافسيه الآخرين في حال إجراء انتخابات لاختيار زعيم محافظ جدي، وقال: «بعضنا عليه التزام بالحفاظ على الأمن في هذا البلد أياً كان رئيس الوزراء. الحزب لديه آلية لتغيير القادة وأنا أنصح زملائي باستخدامها. بانتظار ذلك لن يسامحنا المواطنون على ترك الوزارات شاغرة».

– بيني موردونت: كانت بيني موردونت (49 عاماً) وزيرة الدولة للتجارة الخارجية، من الشخصيات المهمة في حملة «بريكست» في 2016 وعملت منذ ذلك الحين على التفاوض بشأن الاتفاقيات التجارية. موردونت التي خدمت في الاحتياط في البحرية الملكية، معروفة بمهارتها في الخطابة. وحسب استطلاعات للرأي، ارتفعت مؤخراً شعبيتها بين المحافظين وتعد خياراً جدياً كرئيسة للوزراء. ويشير استطلاع الرأي الذي أجرته «يوغوف» إلى أنها المرشحة الجدية الثانية لتولي قيادة الحزب، بعد والاس.

– ريشي سوناك: استقال وزير الخزانة، وهو أول بريطاني من أصول هندية يتولى هذا المنصب، من الحكومة أول من أمس (الثلاثاء) في خطوة مفاجئة. تضعه استقالته في صفوف المرشحين الأوفر حظاً لخلافة جونسون، بعد أن تراجعت شعبيته بسبب ثروته والترتيبات الضريبية لزوجته الثرية التي أثارت استياءً في خضمّ أزمة القدرة الشرائية. كان سوناك الذي هاجر أجداده من شمال الهند إلى المملكة المتحدة في الستينات، محللاً في بنك «غولدمان ساكس» وعمل لاحقاً في صناديق مضاربة. وأصبح نائباً في عام 2015. وتولى سوناك، المدافع عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والبالغ من العمر 42 عاماً، منصب وزير الخزانة عام 2020 لكنه تعرض لانتقادات بسبب الإجراءات غير الكافية للجم ارتفاع الأسعار.

– ليز تراس: صراحتها واستعدادها للتدخل في الحروب الثقافية جعلا وزيرة الخارجية ليز تراس تحظى بشعبية كبيرة لدى قاعدة حزب المحافظين. حصلت تراس (46 عاماً) على هذا المنصب الحساس مكافأة على عملها كوزيرة للتجارة الدولية. في هذا المنصب، أبرمت الاختصاصية في التبادل الحر التي صوتت لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي قبل أن تنتقل إلى المعسكر الآخر، سلسلة اتفاقات تجارية بعد «بريكست». وتثير مواقفها المتشددة بشأن غزو أوكرانيا أو تهديداتها بالانفصال عن اتفاق الاتحاد الأوروبي بشأن آيرلندا الشمالية إعجاب بعض المحافظين.

المصدر: الشرق الأوسط