ناشطة حقوقية بحرينية تواجه خطر الاعتقال عند وصولها إلى المنامة للمطالبة بالإفراج عن والدها

واجه الناشطة الحقوقية البحرينية الدنماركية مريم الخواجة التي تعيش في المنفى، خطر الاعتقال عند وصولها إلى البحرين هذا الأسبوع، في خطوة تهدف إلى الضغط للإفراج عن والدها الحقوقي البارز عبد الهادي الخواجة المسجون منذ 12 عامًا.

ويأتي ذلك بالتزامن مع زيارة ولي عهد البحرين رئيس الوزراء الأمير سلمان بن حمد آل خليفة إلى واشنطن وفي حين ألغت السلطات البحرينية زيارة كانت مقررة الجمعة لفريق من مفوضيّة الأمم المتّحدة لحقوق الإنسان، كان يُفترض أن يجري تقييمًا لوضع السجون في البلاد.

وعبد الهادي الخواجة (62 عامًا) الذي يحمل أيضًا الجنسية الدنماركية، يقضي عقوبة بالسجن المؤبد بتهمة “تشكيل مجموعة إرهابية”، إثر مشاركته في احتجاجات عام 2011. لكن فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي خلص في 2012 إلى أن احتجازه “تعسفيّ” لأنه نتج عن ممارسته لحقوق أساسية.

قالت مريم الخواجة لوكالة فرانس برس، إنها تتوقع أن يتمّ توقيفها فور وصولها إلى المملكة الخليجية موضحةً “أنني أتخذ هذه الخطوة لأن حياة والدي بخطر ولم يعد بإمكاني الجلوس وانتظار تلك المكالمة الهاتفية التي يتم إبلاغي فيها بوفاته في السجن”.

وأضافت مريم “أنا بالطبع خائفة من أن أتعرّض للاعتقال”، علمًا أنها محكومة غيابيًا بالسجن سنة بتهمة “التعدّي على شرطيّتين” ولديها أربع قضايا أخرى معلّقة، مؤكدةً أنها مدركة أن خطوتها “قد تعني أنني سأقضي بقية حياتي في السجن”.

وتعليقًا على خطوة الخواجة، قال متحدث باسم الحكومة البحرينية لفرانس برس إن “المُدانين” يخضعون “للآليات القضائية والإجراءات القانونية الواجبة”.

وتحظى خطوة مريم بدعم كبير من منظمات حقوقية دولية.

وترافق الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أنياس كالامار مريم في رحلتها إلى البحرين “للمطالبة بالإفراج غير المشروط عن والدها… ومن أجل إطلاق سراح جميع سجناء الرأي في البحرين”، وفق ما أعلنت كالامار على حسابها على منصّة “إكس” (تويتر سابقًا).

وشارك عبد الهادي الخواجة في تأسيس “مركز البحرين لحقوق الإنسان” وشغل مناصب عدة في منظمات حقوقية إقليمية ودولية. وفاز بجوائز عديدة أبرزها جائزة مارتن إينالز 2022، إحدى أرقى جوائز حقوق الإنسان في العالم. كما رُشّح عام 2013، مع ابنتيه مريم وزينب، لنيل جائزة نوبل للسلام لمطالبته الحكومة البحرينية باحترام الحقوق الأساسية والقيام بإصلاحات سياسية.
“مواجهة تدقيق دولي”

في جنيف، أكدت المتحدثة باسم مفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان رافينا شامداساني لفرانس برس أن الحكومة البحرينية “أرجأت” زيارة فريق المفوضية إلى المنامة حيث كان يُفترض أن يجري “تقييمًا لظروف السجون”.

وجاء ذلك في أعقاب إضراب عن الطعام نفّذه سجناء احتجاجًا على ظروف احتجازهم.

وتؤكد عائلة الخواجة ومنظمات حقوقية أنه كان من بين أكثر من 800 سجين بدأوا إضرابًا عن الطعام في السابع من آب/أغسطس وعلّقوه مساء الاثنين بعدما تعهدت السلطات منحهم المزيد من الحقوق. في المقابل، تنفي السلطات أن يكون من بين المضربين وتقول إن عددهم كان 121 فقط.

لكنّ ابنته زينب أكدت أن والدها استأنف إضرابه صباح الأربعاء بعد “عدم أخذه إلى موعد طبيب” العيون، مشيرةً إلى أنه يواجه خطر فقدان البصر “إذا لم تتمّ معالجة الزَرَق في عينيه”، إضافة إلى عدم عرضه على طبيب القلب أواخر الشهر الفائت، علمًا أنه يعاني مشاكل قلب خطيرة.

في المقابل، أكدت الإدارة العامة للإصلاح والتأهيل التابعة للحكومة في بيان أرسلته لفرانس برس، أن الخواجة يتناول وجباته وأنه “ذهب إلى موعده الطبي” الخميس مشيرةً إلى أن صحّته “مستقرّة”.

وخلال فترة الإضراب، شهدت مناطق عدة في البحرين احتجاجات شبه يومية محدودة دعمًا للنزلاء، وفق ناشطين.

من جانبه، اعتبر المسؤول في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية سيد الوداعي إن “الطريقة الوحيدة لمعالجة هذه الاتهامات الفارغة والزائفة هي أن يقوم ناشطون شجعان مثل مريم بتحدي (السلطات) وإجبارها على مواجهة تدقيق دولي”.

وأكّدت مريم الخواجة أن ضغطها على الحكومتين الدنماركية والأميركية لم يؤدّ إلى “بذل المزيد من الجهد لضمان الإفراج” عن والدها.

ولم تردّ الحكومة الدنماركية على الفور على طلب فرانس برس التعليق.

في واشنطن، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء أنه سيثير مع الأمير سلمان بن حمد ملف حقوق الإنسان.

والبحرين حليف استراتيجي للولايات المتحدة وتستضيف الأسطول الخامس للبحرية الأميركية.

والمرة السابقة التي زارت فيها البحرين عام 2014، أوقفت الخواجة ثلاثة أسابيع، قبل أن يُسمح لها بمغادرة البلاد نتيجة ضغط دولي كبير.

وعام 2011، شهدت المملكة الخليجية، أصغر دولة في الشرق الأوسط، حملة قمع لمتظاهرين طالبوا بملكية دستورية وبرئيس وزراء منتخب. ومذاك، أوقفت السلطات مئات الناشطين والسياسيين المعارضين وحاكمتهم وأصدرت بحقّهم عقوبات قاسية بينها الإعدام والسجن المؤبّد كما تمّ تجريد بعضهم من الجنسية.

المصدر: فرانس 24