ناقلة أممية لتفريغ «صافر» منعاً لكارثة بيئية باليمن والبحر الأحمر

 

أعلن مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر توقيع اتفاق لشراء سفينة كبيرة يمكنها استيعاب أكثر من مليون برميل من النفط الخام ستنقل من الناقلة «صافر» المتعطلة منذ سنوات ويأكلها الصدأ قبالة سواحل اليمن، ويمكن أن تؤدي إلى كارثة بيئية في البحر الأحمر.
وتعد صفقة الشراء التي تفاوض عليها البرنامج مع شركة «يوروناف» الكبرى والمستقلة للناقلات، خطوة أولى في عملية نهائية لتفريغ حمولة «صافر» المهجورة والقضاء على خطر حصول تسرب نفطي أو انفجار في الناقلة.
وإذ وصف ما تحقق بأنه «اختراق كبير»، قال شتاينر في مؤتمر صحافي عقده بالمقر الرئيسي للأمم المتحدة في نيويورك إنه جرى العثور على الناقلة مزدوجة الهيكل «بعد بحث مكثف في سوق عالمية شديدة التوتر»، متوقعاً أن تبحر الناقلة في غضون الشهر المقبل إلى مياه البحر الأحمر اليمنية وترسو بجانب «صافر». وأضاف أنه «إذا سارت الأمور وفقاً للخطة، فسيبدأ نقل النفط الخام من سفينة إلى أخرى في أوائل مايو (أيار) المقبل». وتوجد السفينة حالياً في الصين حيث تخضع للصيانة.
وعلق منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ديفيد غريسلي، قائلاً إنه يأمل في تفريغ النفط من «صافر» خلال الأشهر الثلاثة إلى الأربعة المقبلة. وقال: «لكننا لا نزال بحاجة ماسة إلى التمويل لتنفيذ الخطة ومنع وقوع كارثة».
وكانت الأمم المتحدة حذرت من أنه في حال حصول تلوث نفطي جراء عدم التحرك، سيكون خامس أسوأ كارثة ناجمة عن ناقلة نفط، مقدرة كلفة «عمليات التنظيف وحدها بنحو 20 مليار دولار».
ويفيد خبراء بأن الوقت يداهم لأن ناقلة «صافر» التي يبلغ طولها 360 متراً والراسية قبالة ميناء الحديدة في غرب اليمن قد تنشطر في أي لحظة.
وبنيت «صافر» في اليابان خلال السبعينات من القرن الماضي وبيعت من الحكومة اليمنية في الثمانينات لتخزين ما يصل إلى ثلاثة ملايين برميل من النفط تضخ من الحقول في محافظة مأرب بشرق اليمن. ومنذ تعطلها عام 2015، لم تخضع «صافر» لأي صيانة، في وقت يشهد فيه اليمن واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم بسبب الحرب الدائرة بين الحكومة والمتمردين الحوثيين.
وعام 2020، أظهرت وثائق داخلية أن مياه البحر تسربت إلى حجرة محرك «صافر»، ما تسبب في تلف الأنابيب وزيادة خطر الغرق. وغطى الصدأ أجزاء من الصهريج وأدى إلى تسرب الغاز الذي يمنع الخزانات من تجميع الغازات القابلة للاشتعال.
وقال الخبراء إن الصيانة لم تعد ممكنة لأن الأضرار التي لحقت بالسفينة لا يمكن إصلاحها. وحذرت الأمم المتحدة مراراً وتكراراً من أن الناقلة يمكن أن تطلق نفطاً يزيد بمقدار 4 أضعاف عن كارثة «إكسون فالديز» سيئة السمعة قبالة ألاسكا عام 1989.
واعتبارًا من 7 مارس (آذار)، جمعت الأمم المتحدة 95 مليون دولار من 129 مليون دولار اللازمة لمرحلة الطوارئ لنقل النفط الخام من «صافر».
وقال شتاينر إن التكلفة «المؤلمة» لناقلة النفط الخام الكبيرة البالغة من العمر 50 عاماً، بلغت 55 مليون دولار، مضيفاً أن الأمم المتحدة بحثت لأسابيع وطلبت تبرعات. وأوضح أن «السوق شديدة الحرارة لدرجة أنه كان علينا في النهاية أن نستنتج أن الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها المضي قدماً، بدلاً من انتظار كرم شخص ما، هي اتخاذ قرار ليس فقط باستئجار سفينة ولكن في الواقع بشرائها».
وقال غريسلي: «بصراحة، كان خيارنا الوحيد شراء سفينة»، علماً بأن الخطوة غير اعتيادية للأمم المتحدة.
ورحبت الولايات المتحدة التي ستسهم بحدود 10 ملايين دولار بالإعلان، داعية الدول الأخرى إلى المساعدة «حتى تتمكن الأمم المتحدة من استكمال هذه العملية الطارئة في أسرع وقت ممكن»، بحسب ما قاله الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس.
وقالت المندوبة البريطانية الدائمة لدى الأمم المتحدة باربرا وودوارد إنه «يجب أن يبدأ العمل الآن بشكل عاجل. لا وقت للتأخير». وأضافت أن بريطانيا تعهدت العام الماضي بدفع نحو 7 ملايين دولار لهذه العملية.
وكانت منظّمة «غرينبيس» البيئية دعت، العام الماضي، الدول العربية إلى التحرّك «قبل فوات الأوان». ونبهت إلى أن المخاطر التي تشكلها «صافر» لا تقتصر على «شعب اليمن والبلدان المجاورة» بل تتعداها إلى «الأنظمة البيئية الهشة في المنطقة، خصوصاً التنوع البيولوجي الفريد للبحر الأحمر».

المصدر: الشرق الأوسط