«نزوح» للأجانب من إثيوبيا مع اقتراب المعارك من أديس أبابا

نضمت فرنسا أمس (الثلاثاء) إلى الولايات المتحدة ودول أجنبية أخرى في «قافلة النزوح» عن إثيوبيا التي تشهد قتالاً أهلياً، في وقت أعلن متمردو تيغراي أنهم باتوا على مسافة 200 كلم عن العاصمة أديس أبابا.
وقالت السفارة الفرنسية في أديس أبابا في رسالة إلكترونية بعثت بها إلى رعايا فرنسيين: «جميع الرعايا الفرنسيين مدعوون رسمياً لمغادرة البلد في أقرب وقت». كذلك دعت السفارة التركية لدى أديس أبابا مواطنيها الموجودين في إثيوبيا إلى مغادرتها على خلفية احتدام الاشتباكات بين قوات الجيش وعناصر «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي» التي تقود تمرداً في هذا الإقليم بشمال البلاد. ونقلت وكالة الأناضول للأنباء الرسمية عن السفارة في أديس أبابا قولها عبر حسابها الرسمي على موقع «تويتر»، الاثنين: «بناءً على التطورات المتسارعة في الوضع الأمني لإثيوبيا، ننصح مواطنينا الموجودين في البلاد بمغادرتها عبر الرحلات الجوية المجدولة».
وفي الإطار ذاته، أشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أنها اطلعت على وثيقة رسمية للأمم المتحدة تفيد بأن المنظمة الدولية ستقوم بإجلاء جميع أفراد عائلات الموظفين الدوليين من إثيوبيا بحلول يوم الخميس. وطلبت تعليمات أمنية داخلية للأمم المتحدة بدء تنظيم «عملية الإجلاء» والحرص على أن «يغادر جميع أفراد عائلات الموظفين الدوليين، ممن يحق لهم بذلك، إثيوبيا في موعد أقصاه 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 2021».
وجاء ذلك في وقت أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أنه سيلتحق بدءاً من أمس الثلاثاء بالجبهة لقيادة جنوده الذين يقاتلون المتمردين، في وقت تقترب فيه المعارك أكثر فأكثر من العاصمة أديس أبابا. وقال آبي في بيان نشره على حسابه في موقع «تويتر» إنه «اعتباراً من الغد (أي أمس الثلاثاء) سأتوجه إلى الجبهة لقيادة قواتنا المسلحة». وأضاف مخاطباً «أولئك الذين يريدون أن يكونوا من أبناء إثيوبيا الذين سيفتح التاريخ ذراعيه لهم، دافعوا عن البلد اليوم. لاقونا في الجبهة»، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير من أديس أبابا.
وأسفرت الحرب التي اندلعت في 4 نوفمبر 2020 في إقليم تيغراي (شمال) بين القوات الاتحادية و«الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي» المدعومة من «جيش تحرير أورومو»، عن مقتل الآلاف وتشريد أكثر من مليوني شخص.
ويأتي بيان رئيس الوزراء في وقت أكد فيه متمردو تيغراي مواصلة تقدمهم باتجاه أديس أبابا، مشيرين إلى أنهم سيطروا على بلدة شيوا روبت الواقعة على بُعد نحو 220 كيلومتراً من العاصمة. واستوضحت وكالة الصحافة الفرنسية السلطات الإثيوبية حقيقة ما أعلنه المتمردون إلا أنها لم تلق رداً.
وأصدر رئيس الوزراء بيانه في أعقاب اجتماع حول الوضع العسكري الراهن عقدته اللجنة التنفيذية لحزب «الازدهار» الحاكم. وفي ختام الاجتماع الحزبي أعلن وزير الدفاع أبراهام بيلاي أن القوات الأمنية ستنخرط «في عمل مختلف»، من دون مزيد من التفاصيل. وقال الوزير: «لا يمكننا الاستمرار على هذا المنوال، ما يعني أنه سيكون هناك تغيير». وأضاف «ما حدث وما يحدث لشعبنا من فظائع ترتكبها هذه المجموعة المدمرة الإرهابية واللصوصية لا يمكن أن يستمر».
وكانت الحكومة الاتحادية قد أعلنت في 2 نوفمبر حالة الطوارئ لستة أشهر في سائر أنحاء البلاد ودعت سكان أديس أبابا لتنظيم صفوفهم والاستعداد للدفاع عن مدينتهم في ظل تزايد المخاوف من تقدم مقاتلي تيغراي وحلفائهم نحو العاصمة.
لكن السلطات تؤكد في الوقت نفسه أن ما يعلنه المتمردون من تقدم عسكري وتهديد وشيك لأديس أبابا مبالغ فيه.
وأرسلت أديس أبابا قواتها إلى تيغراي للإطاحة بسلطات الإقليم المنبثقة عن «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي» بعدما اتهم رئيس الوزراء قوات الإقليم بمهاجمة مراكز للجيش الاتحادي.
وفي أعقاب معارك طاحنة أعلن آبي النصر في 28 نوفمبر، لكن مقاتلي الجبهة ما لبثوا أن استعادوا في يونيو (حزيران) السيطرة على القسم الأكبر من تيغراي قبل أن يتقدموا نحو منطقتي عفر وأمهرة المجاورتين.
ويبذل المبعوث الأميركي لمنطقة القرن الأفريقي جيفري فيلتمان ونظيره الأفريقي الرئيس النيجيري السابق أولوسيغون أوباسانجو جهوداً حثيثة في محاولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.
ويوم الجمعة، ناشد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، رئيس وزراء إثيوبيا، آبي أحمد، وزعيم «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي»، ديبريسيون جيبرميشيل، إنهاء القتال وبدء مفاوضات شاملة لحل الأزمة في البلاد.
وهيمنت «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي» على الحكم في إثيوبيا لمدة 25 عاماً قبل أن تتحول إلى المعارضة عند انتخاب آبي أحمد رئيساً للوزراء في عام 2018، وبعد ذلك عززت الجبهة قاعدة سلطتها في تيغراي.

المصدر: الشرق الأوسط