واشنطن تفرض عقوبات على قضاة إيرانيين بسبب إصدار أحكام قمعية

هاجم وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو النظام الإيراني وممارسته القمعية في مواجهة المظاهرات الإيرانية، منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، معلناً فرض عقوبات على قاضيين إيرانيين، بسبب أحكامهما القمعية ضد إيرانيين يمارسون حق التعبير والتظاهر، ووضع قيود على منح التأشيرات للمسؤولين الحكوميين الإيرانيين المتورطين في قمع المظاهرات، وانتهاك حقوق الإنسان، وعدم منح أبنائهم تأشيرات للدراسة في الولايات المتحدة، إضافة إلى إدراج إيران في قائمة الدول المثيرة للقلق في سجلّ حقوق الإنسان.
وسرد بومبيو في مؤتمر موسع بمقر الخارجية الأميركية كثيراً من الانتهاكات التي مارسها النظام الإيراني، وبصفة خاصة، ضد النساء والشباب والصحافيين، وانتقد التناقض ما بين الدستور الإيراني الذي ينص على احترام الحريات وحرية ممارسة العقائد الدينية، وممارسة النظام الإيراني ضد المسلمين السنة والمسيحيين والبهائيين وحرمانهم من ممارسة عقائدهم.
واتهم بومبيو النظام الإيراني بتوقيع عقوبة الإعدام ضد فتيات في سن التاسعة، وصبيان في سن الثالثة عشرة.
وشدد بومبيو على أن الولايات المتحدة «تقف وتساند الشعب الإيراني في مطالبته بالعدالة والمساواة»، وأضاف: «قد سألنا الإيرانيين إرسال أدلة حول قمع النظام، وحصلنا على 36 ألف قطعة من الأدلة، ونعمل عليها الآن، وهي ترصد انتهاكات النظام الإيراني ضد شعبه، وتظهر وجوه الضحايا، ووجوه الجناة». وطالب بومبيو طهران بـ«وقف الممارسات القمعية واحترام حقوق الشعب الإيراني، وكرامته، والالتزام بنصوص ومواد الدستور الأميركية، والتصرُّف أمام المجتمع الدولي كدولة عادية».
وأعلن بومبيو أن الإدارة الأميركية أدرجت كلاً من أبو القاسم صلواتي ومحمد مقيسه القاضيين في المحاكم الثورية الإيرانية على قائمة العقوبات، موضحاً أن كليهما قام بإصدار أحكام تعسفية في محاكمات صورية عوقب خلالها صحافيون ومحامون ونشطاء سياسيون وأعضاء أقليات دينية واثنان بسبب ممارسة حريتهما في التعبير والتظاهر، وأصدر القاضيان ضدهم أحكاماً بالسجن لفترات طويلة، وبالجلد، وأحياناً أحكاماً بعقوبة الإعدام. وقال إن القاضيين «إحدى الأدوات القمعية في يد النظام الإيراني».
وأشار بومبيو إلى المنافع التي يمكن أن تتحقق إذا توقف النظام الإيراني عن انتهاكات حقوق الإنسان ووضع مصلحة الإيرانيين أولا وتصرف كدولة ملتزمة أمام المجتمع الدولي، وقال: «تخيلوا ماذا يمكن أن يحدث إذا قام النظام الإيراني بذلك، يمكن أن نرى إعادة فتح السفارة الإيرانية في واشنطن، ويمكن أن نرى رحلات من طهران إلى لوس أنجليس، وآمل أن يأتي هذا اليوم، ويرى النظام الإيراني ذلك».
من جانبه، قال وزير الخزانة ستيفن منوشن في بيان حول إدراج القاضيين على قائمة العقوبات إن الإدارة الأميركية تستهدف أولئك المسؤولين في النظام الذين يلاحقون المحتجين ويقومون باضطهاد الأقليات الدينية وإسكات الشعب. وقال إن الولايات المتحدة «لن تقف صامتة على الاضطهاد والظلم المستمر في إيران، وستقف مع الشعب الإيراني».
يُذكر أن الاتحاد الأوروبي قد فرض عقوبات على القاضيين أبو القاسم صلواتي ومحمد مقيسة في أعقاب سلسلة من المحاكمات الصورية في أعقاب الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو (حزيران) 2009، التي أصدر خلالها القاضيان عقوبات بالسجن لفترات طويلة وعدة أحكام بالإعدام على الناشطين السياسيين والصحافيين.
ويعد صلواتي من أبرز القضاة الإيرانيين، ويرأس الفرع 15 من محكمة طهران الثورية، ولُقّب بقاضي الموت، نتيجة عشرات الأحكام التي أصدرها بالإعدام والسجن، والفرع 15 هو المكان الرئيسي لمقاضاة الصحافيين ومستخدمي الإنترنت، وقد حكم صلواتي على أكثر من 100 سجين سياسي وناشط في مجال حقوق الإنسان، وأصدر حكمه في تهم الدعاية ضد الدولة، والتواطؤ ضد الأمن القومي.
أما محمد مقيسه، فيرأس الفرع 28 من محكمة ظهران الثورية، وأشرف على عدد لا يُحصى من القضايا عير العادلة، التي لم يتم خلالها إثبات التهم وتجاهل أدلة البراءة، ويشتهر بإصدار أحكامه التعسفية على عشرات الصحافيين والنشطاء، وكان أبرزها الحكم على ثمانية من مستخدمي «فيسبوك» الإيرانيين بالسجن 127 عاماً باتهامات تشمل الدعاية المناهضة للنظام، وإهانة الدين، كما حكم على كثير من الفنانين والمخرجين والشعراء في تهم مثل التواطؤ ضد الأمن القومي والدعاية ضد الدولة في أعمالهم الفنية.
وبموجب الإدراج على قائمة العقوبات الأميركية يتم تجميد جميع الممتلكات والحسابات الخصاصة بالقاضيين، ويحظر تعامل المؤسسات المالية معهما، كما يخاطر من يقدم لهما أي شكل من أشكال الدعم بالتعرض للعقوبات الأميركية.

المصدر: الشرق الأوسط