بنغلادش تستعد لانتخابات تشريعية تقاطعها أحزاب المعارضة

تنطلق الأحد في بنغلادش انتخابات تشريعية من المرجح أن تفوز بها رئيسة الوزراء الشيخة حسينة بولاية خامسة، بينما تقاطعها أحزاب المعارضة التي طالتها موجة واسعة من الاعتقالات.

وشهدت بنغلادش، الدولة الثامنة في العالم لناحية عدد السكان وكانت تعاني فقراً مدقعاً، نمواً اقتصادياً قوياً تحت قيادة حزب رابطة عوامي الذي تتزعمه حسينة. لكنّ الحكومة واجهت اتهامات بانتهاكها مرات عدة حقوق الإنسان وقمعها ألمعارضة بأساليب عنيفة.

ولا يواجه حزب رابطة عوامي أي معارضين تقريباً في الدوائر الانتخابية التي يتنافس فيها، لكنّه أحجم عن تسمية مرشحين في عدد منها، لكي لا يُعتبر البرلمان أداة يتحكّم بها حزب واحد.

ويقول بعض الناخبين إنهم تلقوا تهديدات بمصادرة بطاقات الإعانات الحكومية الخاصة بهم والتي تُعد ضرورية للحصول على إعانات اجتماعية، في حال رفضوا التصويت لحزب رابطة عوامي.

وقال لال ميا (64 عاما) الذي يدلي بصوته في منطقة فريدبور في وسط البلاد، في حديث إلى وكالة فرانس برس “قالوا لي إنهم سيصادرون بطاقتي في حال لم أصوّت … قالوا إنّ علينا التصويت لصالح الحكومة لأننا نعتاش بفضلها”.

ونظم حزب بنغلادش القومي المعارض، وهو حزب المعارضة الرئيسي في البلاد، إلى جانب أحزاب أخرى احتجاجات خلال العام الفائت مطالبين باستقالة رئيسة الوزراء وتشكيل حكومة موقتة محايدة للإشراف على الانتخابات، إلا أنّ مطالبهم لم تتحقق.

واعتقلت السلطات نحو 25 ألفًا من المعارضين، بينهم مجمل قيادات حزب بنغلادش القومي، ضمن موجة قمع أعقبت هذه الاحتجاجات، بحسب الحزب المعارض. وأفادت الحكومة من جانبها باعتقال 11 ألف شخص.

والجمعة، تجمّع بضع مئات من أنصار المعارضة في وسط دكا، بينما كانت تحرّكات العام الفائت شهدت مشاركة مئات الآلاف.

والسبت أعلنت الشرطة توقيف سبعة معارضين بتهمة التخريب بعد حريق شب في قطار وقضى فيه أربعة أشخاص. شهدت خطوط السكك الحديد عدة حرائق منذ العام الماضي تصفها الشرطة بأنها “أعمال تخريب مميتة”، متهمة حزب بنغلادش القومي بالوقوف وراءها.
170 مليون نسمة

وتسيطر على المشهد السياسي في البلد الذي يضم 170 مليون نسمة، جهتان الأولى تقودها رئيسة الوزراء ابنة مؤسس البلاد الشيخة حسينة، والثانية بقيادة خالدة ضياء التي تولّت رئاسة الحكومة مرّتين وهي زوجة مسؤول عسكري سابق.

وتحكم حسينة (76 عاماً) البلاد بقضبة من حديد منذ عودتها إلى السلطة في العام 2009، وعززت سيطرتها بعد جولتين انتخابيتين شابتهما مخالفات واتهامات بالتزوير.

ودينت خالدة ضياء (78 عاماً) بتهم فساد عام 2018، وأدخلت إلى أحد مستشفيات العاصمة دكا بعد تدهور صحّتها.

ويقود نجلها طارق رحمن حزب بنغلادش القومي المعارض من لندن حيث يقيم منذ العام 2018، بعدما أدين بتهم عدة في بلاده.

وقال لوكالة فرانس برس إن حزبه وعشرات الأحزاب الأخرى، رفضت المشاركة في انتخابات نتائجها “محسومة سلفاً”.

وتابع “إن خوض انتخابات تحت قيادة حسينة وضد تطلعات الشعب البنغلادشي، من شأنه أن يقوض تضحيات مَن قاتلوا وضحوا بدماءهم وبأرواحهم من أجل الديمقراطية”.

اتهمت الشيخة حسينة حزب بنغلادش القومي المعارض بإشعال حرائق وبأعمال تخريب خلال احتجاجات كانت معظمها سلمية وقتل فيها عدد كبير من الأشخاص إزاء اشتباكات مع الشرطة.

وتُتهم قوات الأمن البنغلادشية باللجوء إلى العنف، وهو ما تنفيه الحكومة.

وفرضت الولايات المتحدة، أكبر سوق لصادرات بنغلادش، عقوبات على وحدة من الشرطة والقادة التابعين لها والمتّهمين بتنفيذ عمليات إعدام خارج نطاق القانون بالإضافة إلى عمليات إخفاء قسري.

ولطالما كانت شعبية الشيخة حسينة مضمونة بسبب نجاح سياساتها الاقتصادية، لكنّ التحديات تزايدت خلال المرحلة الأخيرة مع ارتفاع أسعار معظم السلع الأساسية وانقطاع الكهرباء في العام 2022.

وفي نهاية 2023، شهدت بنغلادش تحركات اجتماعية تخللتها عمليات إحراق لمصانع أو إغلاق أخرى، بعدما رفضت الحكومة إقرار زيادات على أجور العاملين في قطاع النسيج الذي يشكل 85% من الصادرات السنوية للبلاد والبالغة 55 مليار دولار.

وقال بيار براكاش من منظمة “انترناشونال كرايسيس غروب” غير الحكومية، إنّ “شعبية الحكومة تقلّصت عمّا كانت عليه قبل بضع سنوات، لكن الخيارات الانتخابية الفعلية أمام البنغلادشيين محدودة”. ورأى أن الشعور بالإحباط الذي يواجهونه قد ينذر بعنف سياسي في المستقبل”.

المصدر: فرانس 24