تلويح إيراني برفع نقاء اليورانيوم إلى 93 % إذا تأخر الاتفاق

لوح ممثل طهران في البرلمان الإيراني، الجنرال محمد إسماعيل كوثري، الخميس، برفع نسبة تخصيب اليورانيوم من درجة نقاء 60 في المائة إلى 93 في المائة؛ النسبة المطلوبة لصنع قنبلة نووية، إذا تأخرت الأطراف الأخرى في إحياء الاتفاق النووي، وذلك في وقت ينتظر فيه البيت الأبيض رداً من الاتحاد الأوروبي والإيرانيين بشأن صياغة النص النهائي لإبرام الاتفاق.

ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن كوثري قوله: «يمكننا رفع تخصيب اليورانيوم من 60 في المائة إلى 93 في المائة؛ ما يعني القنبلة النووية». وأضاف: «رغم أننا لا نسعى وراء هذه القضية؛ فإنه إذا تأخر الطرف الآخر؛ فلدينا القدرة على فعل ذلك». وأضاف: «الآن هم من بحاجة إلينا».

ومع ذلك، قال كوثري؛ وهو من جنرالات «الحرس الثوري»، إن الحكومة «لم ترهن الاقتصاد بالمفاوضات». وقال: «القضية النووية توصلت إلى نتائج في فترة الحكومة السابقة، لكن الأميركيين لم يعملوا بتعهداتهم، وعرقلوا المفاوضات». ورأى أن المفاوضات الجارية «تختلف عن سابقاتها، وهذه المرة نحن من يحدد وليس هم؛ لأنهم أفسدوا اللعبة في المرة الماضية».

وأعاد كوثري جلوس الدول الكبرى وإيران إلى طاولة المفاوضات في بداية أبريل (نيسان) العام الماضي إلى بدء إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة.

وكانت إيران قد أعلنت عن رفع تخصيب اليورانيوم من 20 في المائة إلى 60 في المائة بمنشأة «نطنز» عبر تشغيل أجهزة الجيل السادس «آي آر6» وذلك بعد نهاية الجولة الأولى من المفاوضات في فيينا. وكانت إيران باشرت التخصيب بنسبة 20 في المائة في وقت متزامن مع دخول جو بايدن إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) 2021، وهي أعلى بكثير من نسبة 4.5 في المائة التي بدأت بها إيران في زمن دونالد ترمب، في انتهاك لسقف درجة النقاء المنصوص عليها في الاتفاق النووي؛ أي 3.67 في المائة.

وبعد محادثات غير مباشرة بين طهران وواشنطن استمرت 16 شهراً، قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في 8 أغسطس (آب) الماضي إن الاتحاد قدم عرضاً نهائياً للتغلب على مأزق إحياء الاتفاق. وتقدمت طهران بطلب تعديلات على النص. وردت واشنطن الأسبوع الماضي على الملاحظات الإيرانية.

ومن المفترض أن تنتهي إيران من مراجعة الرد الأميركي على مستوى الخبراء اليوم الجمعة قبل أن ترسل المراجعة إلى مجلس الأمن القومي الإيراني الذي يتخذ القرار النووي تحت إشراف مباشر من المرشد علي خامنئي.

في الأثناء، ذكر بيان من وزارة الخارجية الإيرانية الخميس أن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان أبلغ نظيره الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، أن بلاده «تجهز بسرعة رداً على أطراف المفاوضات». وقال عبداللهيان في موسكو الأربعاء: «نحتاج إلى ضمانات أقوى من الطرف الآخر للتوصل لاتفاق دائم».

رداً على هذا الموقف، قال المتحدث باسم «الأمن القومي» بالبيت الأبيض، جون كيربي، للصحافيين: «لا أعرف ما الضمانات التي يتحدث عنها». وقال: «على الرغم من أننا نتحلى، كما قلت سابقاً، بتفاؤل حذر، فإننا أيضاً ندرك أنه ما زالت هناك فجوات، ونحاول سد هذه الفجوات بإبداء حسنة النية والتفاوض من خلال القنوات المناسبة وليس في العلن».

وطلبت طهران ضمانات بعدم انسحاب أي رئيس أميركي في المستقبل من الاتفاق مثلما فعل الرئيس السابق دونالد ترمب في 2018. كما تضغط طهران للحصول على التزام من واشنطن بإنهاء تحقيقات الوكالة التابعة للأمم المتحدة في آثار اليورانيوم التي تم العثور عليها في ثلاثة مواقع لم تكن إيران أعلنت عنها، قبل أن تشرع في التنفيذ الكامل للاتفاق المقترح لإحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015. لكن واشنطن وشركاءها يرفضون هذا الموقف، ويقولون إنه ليس من الممكن إنهاء التحقيقات إلا عندما تقدم إيران إجابات مرضية للوكالة التي تتخذ من فيينا مقراً لها.

– خيبة أمل

وقال كيربي إن المسؤولين الأميركيين يعتقدون أن الجانبين أقرب الآن مما كانا منذ شهور؛ «ويرجع ذلك في الغالب إلى استعداد إيران للتخلي عن بعض مطالبها التي لا تتعلق بالاتفاق على الإطلاق».

على نقيض ذلك، عضو لجنة السياسية الخارجية والأمن القومي، النائب علي عليزاده، قال لوكالة «إيلنا» الإصلاحية: «بعد الرد الأميركي الأخير تتلاشى الآمال في التوصل إلى اتفاق. إلا إن إيران ردت على المسودة الأوروبية بـ(شرطين أو ثلاثة)». وأضاف: «كانت هناك توقعات بأن توافق أميركا على الشروط ونتوصل لاتفاق»، وأضاف: «حتى البعض اعتقد أن عبداللهيان قام بتجهيز حقائبه للسفر من أجل توقيع الاتفاق».

وأوضح عليزاده في تكرار لتصريحاته السابقة، أن «مجموعة في داخل البلاد كانت تتوقع أنه نظراً لاحتمال التنسيق بين أوروبا وأميركا، وقبول إيران (بالمسودة الأوروبية)؛ فإن الاتفاق سيكون ممكناً في غضون أيام، لكن بعد الرد الأميركي الآمال تلاشت إلى حد بعيد».

يأتي تلويح كوثري برفع التخصيب إلى 93 في المائة، بعدما كرر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي موقف بلاده بعدم السعي لقنبلة نووية، وقال في مؤتمره الصحافي الثاني منذ توليه الرئاسة: «الخطوات النووية وامتلاك التكنولوجيا النووية حقنا، وأكدنا مراراً وتكراراً أن السلاح النووي لا مكان له في عقيدتنا الدفاعية، لقد أعلن المرشد أن الأسلحة النووية محرمة، وهذا الأمر لا مكانة له في عقيدتنا الدفاعية».

قبل يومين، أرسلت وكالة «الطاقة الذرية» التابعة للأمم المتحدة تقريراً سرياً إلى الدول الأعضاء يشير إلى بدء إيران تخصيب اليورانيوم باستخدام ثاني مجموعة من ثلاث مجموعات لأجهزة الطرد المركزي المتطورة «آي آر6» التي ركبتها طهران في الآونة الأخيرة في محطة التخصيب تحت الأرض في «نطنز». وأضاف أن المجموعة تستطيع تخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 5 في المائة بينما لم تتم تغذية المجموعة الثالثة بمواد نووية بعد.

مطلع الشهر الماضي، قال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، محمد إسلامي إن إيران «لديها القدرة التقنية على إنتاج قنبلة ذرية، لكنها لا تنوي القيام بذلك». وفي 3 أغسطس (آب) الماضي، قال النائب محمد رضا صباغيان بافقي، في تصريحات صحافية، إن نواب البرلمان قد يوجهون طلباً إلى المرشد علي خامنئي للتراجع عن «فتوي تحريم الأسلحة النووية».

وكان إسلامي يعلق على ما قاله كمال خرازي، رئيس اللجنة الاستراتيجية للعلاقات الخارجية، الخاضعة لمكتب المرشد الإيراني علي خامنئي في 17 يوليو (تموز) عن امتلاك طهران قدرة فنية على صنع قنبلة نووية إذا قررت تغيير مسار برنامجها النووي. وتأكيداً على موقف خرازي، قال محمد جواد لاريجاني، المنظر الاستراتيجي ونائب رئيس القضاء السابق إنه «لا أحد بإمكانه منع إيران إذا أرادت صنع قنبلة نووية».

وفي وقت لاحق، تناقلت قنوات محسوبة على دائرة الدعاية والإعلام في «الحرس الثوري» تسجيل فيديو يوضح «جاهزية» إيران لبدء خطوات تطوير الأسلحة النووية في منشأة «فوردو» الواقعة تحت الجبال، إذا تعرضت منشأة «نطنز» لقصف إسرائيلي.

وفسرت تهديدات إسلامي وخرازي بأنها إشارات نادرة إلى أن إيران قد تكون مهتمة بامتلاك أسلحة دمار شامل. وسبقت تلك الإشارات جولة المفاوضات الأخيرة بين الوفدين الإيراني والأميركي في فيينا، قبل أن يطرح مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، صيغة نهائية لإنجاز المفاوضات النووية.

– اتفاق مرحلي

أفاد موقع «أكسيوس» الإخباري، نقلاً عن مصادر مطلعة مساء الأربعاء، بأن الولايات المتحدة أبلغت إيران عبر وسطاء الاتحاد الأوروبي أن ربط تحقيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإعادة العمل لتنفيذ الاتفاق النووي، يمكن أن يؤخر رفع العقوبات الأميركية. وقال مسؤول أميركي: «سيكون الاتفاق خطوة بخطوة، وسوف يتم تنفيذه، ولن يحصل الإيرانيون على كل شيء دفعة واحدة».

وفي تأكيد على تقارير أخيرة في وسائل إعلام إيرانية وإسرائيلية، نوه تقرير «أكسيوس» بأن الأطراف المعنية «لن تنتقل إلى المرحلة التالية إلا بعد استكمال تنفيذ الخطوات التي تعهدوا باتخاذها». ويبدأ «يوم إعادة التنفيذ» في ثالثة مراحل الاتفاق، بعد 4 أشهر من توقيع وزراء خارجية أطراف المحادثات النووية على الاتفاق الجديد، وهو اليوم الذي تبدأ إيران فيه الامتثال لجميع التزامات الاتفاق النووي؛ بما في ذلك العودة إلى البروتوكول المحلق بمعاهدة حظر الانتشار والذي أوقفت العمل به في فبراير (شباط) العام الماضي، مما يمنع المفتشين الدوليين من الاطلاع على تسجيلات كاميرات المراقبة في منشآتها النووية. ويقابل الخطوات الإيرانية، رفع العقوبات الثانوية الأميركية المفروضة على إيران.

المصدر: الشرق الأوسط