تونس: قوى سياسية معارضة تتظاهر ضد غلاء المعيشة ولمقاطعة الانتخابات التشريعية

تظاهر الآلاف من أنصار الأحزاب المعارضة في تونس السبت للتنديد بسياسة الرئيس قيس سعيّد ومطالبته بالرحيل محملين إياه مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد. وتأتي المظاهرة التي نظمتها “جبهة الخلاص الوطني” غداة صدامات بين محتجين والشرطة بالعاصمة إثر وفاة شاب بعد إصابته خلال مطاردة قوات الأمن له قبل أكثر من شهر. وقد جابت شوارع رئيسية في العاصمة تونس وصولا إلى شارع الحبيب بورقيبة، ورفع المحتجون خلالها شعارات من قبيل: “إرحل إرحل” و”يسقط يسقط الانقلاب”.

في ظل استمرار أزمة اقتصادية حادة تعيشها تونس، نظم الآلاف من أنصار قوى سياسية معارضة السبت مسيرة احتجاجية حاشدة ضد الرئيس قيس سعيّد، تنديدا بقراراته الرامية إلى تعزيز سلطته السياسية والفشل في التصدي لأزمة نقص الوقود والغذاء.

ونظم أنصار حركة النهضة الإسلامية والحزب الدستوري الحر مسيرات متزامنة في مناطق متاخمة للعاصمة تونس، متهمين سعيّد بسوء إدارة الاقتصاد والانقلاب على الديمقراطية.

هندة بن علي البالغة من العمر 53 عاما، واحدة من هؤلاء، عبرت عن غضبها بالقول: “تونس تنزف.. أوضاعنا في الحضيض.. لا حليب لا سكر لا بنزين.. إنه ديكتاتور فاشل.. أعادنا سنوات طويلة للوراء.. انتهت اللعبة”.

وسعيا منه لتبرير ما آلت إليه الأوضاع، قال سعيّد الذي يحكم بمرسوم بعد تعليق عمل البرلمان العام الماضي وتوسيع صلاحياته بدستور جديد تم إقراره في استفتاء أُجري في تموز/يوليو، إن الإجراءات ضرورية لإنقاذ تونس من أزمات مستمرة لسنوات.

وفي خطاب ألقاه السبت لإحياء ذكرى جلاء آخر جنود الاستعمار الفرنسي عام 1956، قال سعيّد “اليوم سيحصل جلاء جديد في تونس حتى تتخلص من كل من يريد أن يضرب استقلالها أو يتعامل مع الخارج أو من يكون عميلا خائنا”- في إشارة إلى خصومه السياسيين.

في المقابل، يقول معارضو سعيّد إن أفعاله قوضت الديمقراطية التي اكتسبتها البلاد من خلال ثورة 2011 التي أطاحت بالزعيم السلطوي زين العابدين بن علي وأطلقت شرارة ثورات “الربيع العربي”.

ولطالما كانت توجد خصومة بين حركة النهضة الإسلامية والحزب الدستوري الحر، لكن الاثنين يركزان الآن بشكل أكبر على معارضة سعيّد.

في غضون ذلك، يكافح التونسيون لتوفير تكاليف المعيشة، إذ ساهمت الأزمة المالية البتي تعاني منها البلاد في نقص السلع المدعومة بما في ذلك البنزين والسكر والحليب بالإضافة إلى تدهور الوضع الاقتصادي والبطالة المزمنة.

ويبدو أن الرئيس، الذي ألقى باللوم على من سماهم “المكتنزين والمضاربين” في النقص، يحتفظ بدعم واسع بين العديد من التونسيين، لكن الصعوبات المتزايدة تسبب الإحباط وتزيد من تدفق الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.

وفي مدينة جرجيس الجنوبية، احتج تونسيون الأسبوع الماضي على دفن ذويهم في قبور لمجهولي الهوية بعدما لقوا حتفهم إثر غرق قاربهم، في واحدة من الحوادث المتكررة التي تقع للمهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى إيطاليا.

وقالت محتجة اسمها منية حجي “بينما شبابنا يموت غرقا في البحر في قوارب الهجرة هربا من الجحيم.. سعيّد مهتم فقط بتجميع السلطة بدلا من تجميع الشعب”.

وشهدت العاصمة تونس بعض الاشتباكات المتفرقة في الأحياء الفقيرة بين الشرطة وشبان محتجين، لذلك، كان هناك تواجد مكثف للشرطة في المدينة السبت.

من جهتها، انتقدت زعيمة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، والتي كانت من أنصار بن علي قبل الثورة، الإجراءات الأمنية الصارمة في كلمة ألقتها أمام المحتجين، موجهة حديثها لسعيّد: “لماذا تخاف؟”

وهتف المتظاهرون في كل من المسيرتين بشعار ثورة 2011 “الشعب يريد إسقاط النظام”.

في هذا السياق، قال علي العريض القيادي بحركة النهضة ورئيس الوزراء السابق: “الوضع على وشك الانفجار وهذا خطير على مستقبل تونس”.

المصدر: فرانس 24