خبراء: شبه جزيرة القرم ستشهد المعركة الحاسمة لحرب روسيا وأوكرانيا

يتوقع الخبراء والسياسيون أن تصبح الحرب في أوكرانيا هذا العام أكثر عنفاً، وسط تدفق أسلحة غربية أكثر تقدماً لتعزيز القوات الأوكرانية، وسعي روسيا للانتقام وتعويض الخسائر التي تكبدتها في ساحة المعركة مؤخراً.

ووفقاً لموقع «بيزنس إنسايدر»، فقد حذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ مؤخراً من أن الحرب دخلت «مرحلة حاسمة».

ويقول الخبراء إن هذه المرحلة الجديدة «الحاسمة للحرب» ستنتقل فيها المعركة إلى منطقة حيوية بالنسبة لروسيا، يعتز بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشدة، وهي شبه جزيرة القرم.

والقرم، الواقعة بين البحر الأسود وبحر آزوف، التي ضمتها موسكو بشكل غير قانوني في عام 2014. كانت بمثابة منصة انطلاق للغزو الروسي في فبراير (شباط) الماضي وساعدت في تمهيد الطريق للقوات الروسية لاحتلال جزء كبير من جنوب أوكرانيا.

ولا تزال شبه الجزيرة تشكل قاعدة هجوم للطائرات والسفن الحربية الروسية التي تضرب أوكرانيا.

وقال اللفتنانت جنرال متقاعد بن هودجز، القائد السابق للجيش الأميركي في أوروبا، لـ«بيزنس إنسايدر»: «المنطقة الحاسمة لهذه الحرب هي شبه جزيرة القرم. الحكومة الأوكرانية تعلم أنها لا تستطيع قبول احتفاظ روسيا بالسيطرة على شبه جزيرة القرم».

وأضاف أن «الأشهر القليلة المقبلة ستشهد محاولات أوكرانية لتحرير شبه جزيرة القرم نهائياً»، مشدداً على أن البلاد «لن تكون أبداً آمنة أو قادرة على إعادة بناء اقتصادها مع احتفاظ روسيا بشبه الجزيرة. فمن دون استعادة القرم، يكاد يكون من المستحيل على أوكرانيا الفوز في هذه الحرب».

وتحتل روسيا شبه جزيرة القرم ومساحة كبيرة من جنوب أوكرانيا، بما في ذلك مدينتا ميليتوبول وماريوبول، الأمر الذي يوفر لها جسراً برياً من حدودها إلى شبه جزيرة القرم.

وتتمتع القرم، التي ضمتها الإمبراطورية الروسية تحت حكم كاثرين العظيمة عام 1783. بأهمية رمزية كبيرة أيضاً لبوتين، الذي ربط حرب روسيا في أوكرانيا بماضيها الإمبراطوري. وقد وصف الرئيس الروسي شبه الجزيرة بأنها «أرض مقدسة» بالنسبة لروسيا.

ونتيجة لذلك، قد تكون المعركة لاستعادة أوكرانيا لشبه جزيرة القرم دموية للغاية، في حرب أدت بالفعل إلى خسائر فادحة لكلا الجانبين.

وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال مارك ميلي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إن «احتمال طرد أوكرانيا لروسيا من شبه جزيرة القرم في أي وقت قريب ليس مرتفعاً من الناحية العسكرية».

ولكن يبدو أيضاً أن هناك مجموعة متزايدة من الخبراء العسكريين الذين يعتقدون أن استعادة شبه جزيرة القرم أمر حتمي لـ«بقاء أوكرانيا».

وأكد أولئك الخبراء أن القوات الأوكرانية أظهرت بالفعل أن لديها القدرة على إنجاز هذه المهمة.

وقال أندري زاغورودنيوك، وزير الدفاع الأوكراني السابق: «ما دامت شبه الجزيرة في أيدي الكرملين، فلا يمكن لأوكرانيا – والأوكرانيين – التحرر من العدوان الروسي».

واستطرد قائلاً: «بعد أشهر متتالية من النجاح في ساحة المعركة، من الواضح أن أوكرانيا لديها القدرة على تحرير القرم»، مضيفاً: «لذلك ينبغي على أوكرانيا أن تخطط لتحرير شبه الجزيرة – وعلى الغرب أن يخطط للمساعدة».

وتعهد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بطرد القوات الروسية من جميع الأراضي المحتلة، بما في ذلك شبه جزيرة القرم.

ووسط توقعات ببدء هجوم روسي جديد في المستقبل القريب، ضغطت كييف بشدة من أجل الحصول على أسلحة أكثر تقدماً من الغرب.

وقال زيلينسكي عبر رابط فيديو في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس هذا الشهر: «القرم هي أرضنا، إنها أرضنا، وبحرنا وجبالنا. أعطونا أسلحتكم وسنعيد أرضنا».

وأعلنت الولايات المتحدة وألمانيا هذا الأسبوع أنهما سترسلان دبابات «ليوبارد» و«إم 1 أبرامز» المتقدمة إلى أوكرانيا، تلبية لطلبها.

وقبل نحو أسبوعين قال العديد من المسؤولين الأميركيين الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن إدارة الرئيس جو بايدن توصلت إلى الاعتقاد بأنه إذا تمكن الجيش الأوكراني من الإظهار لروسيا أن سيطرتها على شبه جزيرة القرم يمكن تهديدها، فإن ذلك سيعزز موقف كييف في أي مفاوضات مستقبلية.

ويمكن تحرير القرم من خلال عزل شبه الجزيرة عن روسيا، وفقاً لهودجز، الذي قال إن هذا قد يتحقق عن طريق شن هجمات جوية وبرية لقطع وتعطيل الروابط الرئيسية لروسيا مع شبه جزيرة القرم.

وتتمثل هذه الروابط الرئيسية في جسر كيرتش، الذي سبق أن دمرته أوكرانيا بالفعل، وما يسمى بالجسر البري.

وأضاف هودجز، أنه بمجرد عزل شبه جزيرة القرم، ستحتاج أوكرانيا إلى استخدام «مجموعة واسعة من الأنظمة بعيدة المدى ضد المنشآت والتجمعات الروسية المكشوفة في شبه جزيرة القرم».

ومع ذلك، فقد تراجعت إدارة بايدن حتى الآن عن تزويد أوكرانيا بأنظمة صواريخ بعيدة المدى يمكن استخدامها لضرب روسيا أو الوصول إلى منشآت معينة في شبه جزيرة القرم. وقال هودجز إن عدم رغبة الحكومة الأميركية في توفير أسلحة بعيدة المدى قد وفَّر فعلياً «ملاذاً» للأنظمة الروسية في القرم وغيرها من الأماكن التي «تقتل الأوكرانيين الأبرياء».

ويخشى الكثير من الخبراء والسياسيين من فكرة أن استهداف شبه جزيرة القرم قد يدفع بوتين إلى استخدام سلاح نووي تكتيكي، حيث وجه بوتين عدداً من التهديدات النووية منذ بدء الحرب، وتعهد بحماية وحدة أراضي روسيا.

لكن العديد من كبار المحللين العسكريين قالوا مراراً وتكراراً إن التهديدات النووية لبوتين هي مجرد خدعة لردع المزيد من الدعم الغربي لأوكرانيا، مشيرين إلى أن أوكرانيا طردت القوات الروسية من مناطق يزعم بوتين الآن أنها جزء من روسيا، مثل خيرسون، دون مواجهة رد نووي.

المصدر: الشرق الأوسط