غزو أوكرانيا: لماذا لم تنجح تكتيكات بوتين حتى الآن؟

على مدى خمسة أيام من الغزو الروسي، تمكنت القوات الأوكرانية من الصمود، بل نجحت في إبطاء الاجتياح، ما قد يخلق نوعاً من الضغط على الرئيس فلاديمير بوتين، من دون أي ترجيحات بالتراجع، وسط مخاوف من أن يلجأ إلى مزيد من التصعيد العسكري.

وأمام ذلك، تناولت التحليلات الألمانية الثغرات العسكرية الروسية واستراتيجيتها غير الفعالة حتى الآن، في مقابل مقاومة أوكرانية كبيرة وخسائر عالية نسبياً.

وأمام ما تقدم، أبرزت شبكة “إيه آر دي” الإخبارية الألمانية، اليوم الإثنين، عن محللين، أنه مع ما يقرب من أسبوع على إصدار بوتين الأمر بغزو أوكرانيا، لم تتمكن قواته حتى الآن من التقدم بسرعة، بخلاف توقعات وتخطيط الكرملين.

وبحسب المحللين، فإن المعلومات البريطانية تفيد بأن القوات الروسية لم تستطع بعد السيطرة على المجال الجوي الأوكراني، وأن الخسائر في صفوف الروس فادحة وأكبر مما كان متوقعاً، في ظل تقارير تشير إلى أن القوات الأوكرانية أسقطت طائرتي نقل كما دمرت عشرات الطائرات والمروحيات والدبابات العسكرية الروسية، فيما أظهرت مقاطع مصورة أسر عدد من الجنود الروس.

بوتين يثير حيرة المخابرات الأوروبية

وفي خضم ذلك، أبرزت “فوكوس أون لاين” الألمانية، أن عدد الجنود الروس في الحرب ضد أوكرانيا أقل بكثير مما كان متوقعاً، ما أثارة حيرة أجهزة المخابرات الاوروبية بشأن تكتيكات بوتين.

ونقلت الشبكة الألمانية عن مسؤولين في بروكسل أن عدد الجنود الروس الذين نشروا في أوكرانيا حتى الآن بين 50 و60 ألف جندي، وهذا يمثل جزءاً بسيطاً من 150 ألفاً جهزهم بوتين للحرب، ونشرهم على طول الحدود مع أوكرانيا، وهذا مؤشر على أن الروس يواجهون مقاومة شرسة.

ولفت المسؤولون، دعماً لنظرية المقاومة الشرسة، إلى أنه حتى الساعة لم تسقط أي مدينة رئيسية في أوكرانيا.

علاوة على ذلك، لم تتمكن القوات الروسية من القضاء تماماً على الدفاعات المضادة للطائرات، كما يبدو أن هناك مشاكل في إمداد القوات المتقدمة على الأرض وتوزيع الأسلحة لدى الجنود الروس، في مقابل المعنويات المرتفعة لدى الجيش والمقاومين الأوكرانيين، إذ اتحد المواطنون للدفاع عن بلدهم وبقوة.

وبحسب الشبكة الإخبارية، فإن الجنود الروس يواجهون حقيقة لا تتناسب مع دعاية الكرملين، في إشارة إلى أنه وبدلاً من أن يستقبلهم شعب مبتهج يتوق إلى التحرر من “النظام النازي” المفترض في أوكرانيا، يجد الروس جيشاً مجهزاً وشعباً على استعداد للقتال والموت، لتأمين قراهم وبلداتهم.

وإزاء ما تقدم، أبرزت الشبكة الألمانية، أنه بات من المحتمل أن تتزايد الهجمات الروسية على المدن الرئيسية في أوكرانيا وإيقاع خسائر أكبر، كما من الممكن أن تتسع دائرة الحرب.

وتظهر مقاطع مصورة تحركات لأرتال عسكرية في بيلاروسيا متجهة غرباً إلى المناطق الحدودية مع بولندا، إذ سبق أن هدد بوتين بالفعل أي دولة تقف في مساره.

النووي الروسي يتأهب

وتوازياً مع الاستعدادات العسكرية للرد بقوة، وضع بوتين القوة النووية الروسية في حالة تأهب. فيما اعتبرت وزيرة الدفاع الألمانية كريستينه لامبريشت، أن القرار يعود لكون هجومه في أوكرانيا لا يسير كما يشتهي.

وعن أسباب سوء التقديرات لجهة الغزو الروسي، رغم اعتبار الجميع أن بوتين شخصاً يعمل بتكتيك وأجرى الاستعدادات اللازمة للحرب بشكل منهجي، عللت المواقف الألمانية أن بوتين أحاط نفسه برجال مؤيدين للاجتياح.

ورأت أنه عادة تأخذ وجهات النظر المختلفة في الاعتبار، ولكن في حالة بوتين تنفذ القرارات الخاطئة من قبل فرد واحد، ويبدو أن الرئيس الروسي أخطأ تماماً هذه المرة، وبرهن على مزاجيته في التعاطي مع الأزمة الأوكرانية، ووجه جنوده للقتال في البلد المجاور.

ضغوط دولية على روسيا

في المقابل، تتعرض روسيا لضغوط شديدة على مستويات دولية، إذ أعلنت العديد من دول حلف الشمال الأطلسي (الناتو)، أنها ستزود أوكرانيا بالأسلحة الفتاكة والإمدادات اللوجستية عبر بولندا، على الرغم من تهديد بوتين غير المباشر بالحرب النووية.

كذلك أقرت الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية “موجعة” على نظام بوتين.

بالإضافة إلى ذلك، تتحدث معلومات عن أن مجموعة القرصنة الإلكترونية المجهولة “أنونيموس” شلّت العديد من المواقع الحكومية الروسية.

ويترافق ذلك مع رسم وسائل الإعلام الحكومية الروسية صورة مشوهة تماماً للأحداث الدائرة في أوكرانيا، إذ لا تذكر تفاصيل عن الحرب ولا تقارير عن خسائر، وتكتفي بالإشارة إلى أن الحرب تدور فقط في دونباس.

“الإعلام”.. سلاح بوتين غير المجدي

وفي السياق، يبرز موقع “تي أون لاين” الألماني، أنه على الرغم من سيطرة بوتين على المؤسسات الإعلامية واستخدامها كأسلحة في حرب المعلومات، إلا أن إحكام السيطرة وخنق المعلومة في عصر وسائل التواصل الاجتماعي صعب جداً، ولذا فهي مسألة وقت قبل أن تتكشف الحقائق وتصل مقاطع مصورة للجنود الروس القتلى والآليات العسكرية المدمرة والأسرى المحتجزين في أوكرانيا.

المصدر: العربي الجديد