إيران تقطع رواتب ميليشيا موالية بالعراق.. ولواء يستنجد

لم يعد يخفى على أحد أن إيران باتت تعاني من أزمة اقتصادية خانقة، وذلك بسبب إنعاشها لجماعات مسلحة، وتغذيتها لحروب عبثية في دول كثيرة منها سوريا، والعراق، ولبنان، واليمن بأشكال ووسائل مختلفة، غايتها من ذلك إدامة الصراع في هذه الدول، عن طريق دعمها لفصائل وأحزاب وجماعات مسلحة كثيرة أهمها حزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن، وفصائل أخرى مسلحة في العراق منها الخراساني، والعصائب، وسرايا وكتائب وألوية أخرى.

إلا أن اللافت للنظر أن إيران تخلّت عن “اللواء 110” التابع للكرد الفيليين والزركوش، والمنتشر في مناطق قضاء خانقين، وناحية السعدية، وحمرين شمال شرقي محافظة ديالى بالقرب من حدودها مع العراق.

أسس اللواء بدعم إيراني بحت، حتى إن طهران كانت تدفع رواتب عناصره منذ العام 2014 حتى بلغت أزمتها الاقتصادية الخانقة حد الذروة، فقطعت طهران الأموال، بحسب مصدر من اللواء نفسه.
لا رواتب للميليشيات!

في التفاصيل، قال المصدر لـ”العربية.نت”: “الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها إيران أثرت بشكل كبير علينا، نحن محرومون من الرواتب، لم يعد يصلنا أي إيرادات شهرية، قدمنا عدة طلبات لهيئة الحشد الشعبي بغرض صرف الأجور، إلا أننا لم نحصل على أي نتيجة حتى الآن، مع العلم أننا مسؤولون عن قاطع مهم، يمتد من بحيرة ديالى وشرق ديالى حتى الحدود الإيرانية، وهو طريق الزوار الإيرانيين”.

وتفاقمت أزمة هؤلاء المقاتلين أكثر بعد أن وصل التوتر بين إيران والولايات المتحدة الأميركية أعلى مستوياته وصل إلى التهديد بضرب إيران، أيضا بعدما أدرجت واشنطن الحرس الثوري الإيراني الذي يتولى تدريب وتسليح وتمويل فصائل شيعية عراقية على قائمة الإرهاب، لتصل عملية دفع الرواتب إلى طريق مسدود، حيث قال القيادي في جبهة الإنقاذ والتنمية أثيل النجيفي، في تصريح خاص له مع “العربية.نت” إن طهران كانت تموّل هذه الجماعات من أموال عراقية لا إيرانية، وما زالت المصادر العراقية الممولة متاحة من خلال المكاتب الاقتصادية المتواجدة لديها والأحزاب المرتبطة بها عقائديا. وكذلك من أموال الفساد التي نهبت من الدولة العراقية، كالنفط، وبيع العملة في مزادات البنك المركزي، وهي مصدر رئيسي لتمويل حروب إيران في الخارج.

كذلك أكد النجيفي أن هذه الأموال تسرق من أموال الدولة العراقية، ويتم تمويل الميليشيات بها لدعم الثورة الإيرانية بكل أذرعها، منوّها إلى أن هذه الميليشيات ضربت المتظاهرين العراقيين العزل بسلاحهم وقتلت وجرحت الآلاف منهم، فقط لأنهم طالبوا بحقوقهم المشروعة، كما أن هذه الميليشيات تملك عقيدة دينية تتمثل بالحفاظ على سلطة وسطوة الثورة الإيرانية بأي ثمن ومهما كانت الدماء التي تراق لإبقاء سطوتها، خصوصا في العراق.

تمويل من الدولة وصل ملياري دولار!

من جانب آخر، أوضح المحلل الاستراتيجي والباحث في شؤون الجماعات المسلحة يحيى الكبيسي لـ”العربية.نت” أنه لا يعتقد أن ثمة تمويلا إيرانيا للفصائل العراقية في السنوات الأخيرة، وأشار إلى أن هذا ربما كان هذا قبل العام 2012 عندما لم يكن لهذه الفصائل تمويل، ولكن بعد منتصف عام 2012 معظم الفصائل أصبحت تموّل رسميا من الدولة، ثم تحول الأمر إلى موازنة كبيرة بعد حزيران عام 2014، خاصة أنه في ذلك العام لم يكن هناك قانون للموازنة، بل كان بإمكان رئيس الوزراء نوري المالكي أن يصرف أموال الدولة كما يشاء، لكن مع موازنة العام 2015 أصبح هناك تمويل رسمي لهذه الفصائل يفوق المليار دولار، حتى وصل إلى ما يقرب 2 مليار دولار مع موازنة العام 2019، وهناك “موارد غير رسمية” تحصل عليها هذه الفصائل عبر فرض إتاوات، أو فرض شراكات قسرية، أو الدخول بصفقات تجارية، أو تهريب النفط، أو التهريب بشكل عام.

“مخدرات إيرانية” عبر المنافذ

بدوره، أفاد الكاتب الصحافي وليد الصالحي “العربية.نت” بأن إيران تعاني وضعاً اقتصادياً خانقاً، تخلّت إثره عن بعض حلفائها من الفصائل المسلحة في العراق، منهم لواء أبو الفضل، ولواء الكرد الفيليين في ديالى، إلا أنها عمدت على زيادة نفوذها داخل العراق، عن طريق الدخول إلى الحلبة مباشرة، والتدخل بالقرارات العراقية الحكومية عبر قاسم سليماني، كذلك فرض سيطرتها على الكثير منها خصوصا في المحافظات في الجنوب العراقي وحتى مدينتي الموصل وصلاح الدين.

وأضاف الصالحي أن كل هذا يأتي كي تسد حاجتها إثر ضعف الاقتصاد لديها، حيث لم تكتفِ إيران بالتدخل بشؤون وقرارات العراق فحسب، بل عمدت إلى فتح أبوابها لتصدير المخدرات للبلاد، والدليل على ذلك أن هيئة المنافذ الحدودية والقوات الأمنية العراقية تسيطر أسبوعيا على كميات من هذه المواد عند الحدود الإيرانية العراقية.
“حلم تصدير الثورة”

إلى ذلك، أكد المحلل السياسي أمير الدعمي لـ”العربية.نت” أن إيران ورغم الحصار الذي تعاني منه ما زالت تمدّ أذرعها العسكرية في كل الاتجاهات، حتى لو كان ذلك على حساب الداخل الإيراني، لأن هذا ما تسميه “حلم الثورة”، مضيفاً قد تكون طهران قد حجمت من دعمها لفصائل مسلحة إلا أنها لم تقطع الدعم أبدا، كي تضغط على أميركا، خصوصا أن علاقتها بالعراق ممتازة على كافة المستويات، فهي سر من أسرار طول نفس إيران وصمودها أمام العقوبات الأميركية.

إلى ذلك نوّه إلى أن سرّ إنعاش إيران المادي يكمن بحلفائها في العراق، لذلك استبعد أن تقطع طهران دعمها العسكري واللوجستي للفصائل المسلحة الموالية لها، إلا أنها قد تكون اختارت فصائل نوعية مؤثرة أكثر في توازن القوة.

المصدر: العربية