انطلاق مؤتمر إعمار مناطق ليبيا المنكوبة بحضور أوروبي «محدود»

دشنت حكومة الاستقرار الليبية «الموازية»، اليوم (الأربعاء)، مؤتمرها لإعادة إعمار المناطق المنكوبة جراء إعصار «دانيال» التي اجتاحت المنطقة الشرقية، وكان لافتاً أن بعثة الاتحاد الأوروبي قلصت مستوى حضورها، في مؤشر على أن مساعي حكومة الاستقرار، التي يرأسها أسامة حماد، لاستغلال المؤتمر بوصفه محطة لنيل الاعتراف الدولي بشرعيتها «قد فشلت»، وفق مراقبين.

وحضر المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، برفقة حماد وحضور وفود الدول المشاركة في المؤتمر من كبرى الشركات الإقليمية والدولية. وقال حماد إن حكومته تنوي إطلاق مشاريع ضخمة لتحقيق هذه الأهداف. ودعا الشركات الوطنية إلى التوجه نحو تكوين ائتلافات حقيقية مع الشركات الدولية والإقليمية لتبادل الخبرات والقدرات، قصد الوصول إلى أعلى معدلات الجودة في التصميم والتنفيذ.

ومن المنتظر أن تنتهي غدا (الخميس) فعاليات مؤتمر إعادة إعمار مدينة درنة والمناطق المتضررة، المنعقد بمدينتي درنة وبنغازي، تحت شعار «معاً ستزهر من جديد»، بينما قالت حكومة حماد إنه «يمثل ثقتها في ضرورة الإعمار، والاستجابة الإنسانية السريعة لاحتياجات المواطنين، بما يحقق الاستقرار»، مشيرة إلى أن المؤتمر يتطلع لحشد الجهود الوطنية والإقليمية والدولية، وتبادل الخبرات من أجل إعادة الإعمار على يد شركات عالمية. مبرزة أن المؤتمر يشمل ثلاثة محاور، ويستهدف عدة جهات، منها الشركات المتخصصة الوطنية والدولية، والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية بالتنمية، وبيوت الخبرة والمراكز البحثية والغرف التجارية والسفراء والملحقون التجاريون.

لكن بعثة الاتحاد الأوروبي نأت بنفسها عن الاعتراف بشرعية حكومة حماد الموازية عبر هذا المؤتمر. وقالت في بيان لها إن حضورها «لن يشكل تأييداً لأي مبادرات لإعادة الإعمار من جانب واحد، أو لوضع أي مشارك ليبي». كما جددت البعثة اليوم (الأربعاء) دعوتها لمن وصفتهم بأصحاب المصلحة الليبيين لإنشاء منصة وطنية منسقة، بدعم من البعثة الأممية للإفراج عن الأموال اللازمة لجهود إعادة الإعمار على المدى الطويل، وإدارة إعادة الإعمار وتوزيعها بشفافية، مع الإشراف الفعال والمساءلة أمام الشعب الليبي.

إلى ذلك، عدّ السفير والمبعوث الأميركي الخاص ريتشارد نورلاند، أن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الذي تم اتخاذه بالإجماع لتمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، «يُظهر دعم المجتمع الدولي القوي لجهود رئيس البعثة عبد الله باتيلي في تعزيز عملية سياسية شاملة، تؤدي إلى إجراء انتخابات وتشكيل حكومة موحدة في ليبيا».

وأكد نورلاند مساء أمس (الثلاثاء) أن بلاده تظل، بناءً على التقدم المحرز من خلال عملية (6 + 6) المشتركة بين مجلسي النواب والدولة، ملتزمة بالتعاون مع الأمم المتحدة والشركاء الدوليين والقادة الليبيين لتحقيق هذا الهدف.

كما رحبّت فرنسا في بيان مقتضب لسفارتها بتمديد ولاية البعثة الأممية، وبما عدّته وحدة مجلس الأمن دعماً لليبيا، وعدّت أن عمل البعثة حاسم لدعم عملية الانتقال السياسي هناك. ومن جهتها دعت سفارة بريطانيا جميع الجهات الليبية الفاعلة إلى الانخراط مع باتيلي في عملية سياسية بقيادة ليبية، تحت رعاية الأمم المتحدة. ونقلت وكالة الأنباء الليبية عنها أن «الحاجة إلى حكم موحد ومنتخب ديمقراطيّاً لتحقيق استقرار ليبيا وأمنها وازدهارها على المدى الطويل واضحة تماماً»، مشيرة إلى تخصيص بريطانيا أكثر من 5 ملايين جنيه إسترليني لدعم إنعاش ليبيا، بما في ذلك 2 مليون جنيه إسترليني لنداء الأمم المتحدة العاجل لوفد فرق طوارئ طبية بريطانية، وذلك في إطار عمليات دعم المناطق المتضررة من الفيضانات بالمنطقة الشرقية.

من جهة أخرى، عاد التوتر الأمني مجدداً إلى مدينة غريان الجبيلة، الواقعة جنوب العاصمة طرابلس، بعد إعلان قوات تابعة لحكومة الوحدة المؤقتة استعادة السيطرة عليها. وأظهرت لقطات مصورة بثتها وسائل إعلام محلية قيام أهالي منطقة القواسم في غريان (مساء الثلاثاء) بإغلاق طرق المدينة، بإشعال الإطارات احتجاجاً على أعمال الحرق والنهب، التي قالت إن مرتكبيها من عناصر قوة تأمين الغرب الجنوب الغربي، التابعة لعبد الحميد الدبيبة وبإمرة عبد السلام زوبي. كما أظهرت إضرام مسلحين، تابعين للغرفة المشتركة التابعة للدبيبة، النيران في منزل أحد قيادات مدينة غريان، الذي أعلن منه بيان المصالحة بين أبناء المدينة. وبثت وسائل إعلام أخرى تقارير مصورة عن مشاركة عناصر ما كان يعرف باسم «تنظيم شورى بنغازي» المتطرف مع قوات زوبي.

ونقلت وكالة «رويترز» عن منى المقدم، عضو مجلس غريان البلدي، أن القتال في المدينة أدى إلى «مقتل ثمانية أشخاص منذ يوم الأحد، رغم استعادة القوات التابعة للدبيبة السيطرة على المدينة. وقال المقدم إن «المدينة الآن تحت سيطرة قوات حكومة الوحدة، والوضع تحت السيطرة»، بينما قال بعض السكان إن الاشتباكات بدأت في غريان خلال عطلة نهاية الأسبوع بين قائد محلي، كان متحالفاً في السابق مع القوات الشرقية في الحرب الأهلية، ومقاتلين آخرين متحالفين مع حكومة الوحدة.

المصدر: الشرق الأوسط