تعذيبات بوتين: الجحيم اليومي الذي يعيشه نافالني في سجنه هو الأسوأ

يقول أليكسي نافالني، القابع في سجن بعيد وناءٍ من منطقة القطب الشمالي، إنه بات مرغماً على الاستيقاظ كل يوم، في تمام الخامسة فجراً، على وقع النشيد الوطني الروسي، تليه أغنية بوب يؤديها المغني المفضل لدى فلاديمير بوتين.

ويذكر أن الناقد اللاذع للكرملين محبوس في سجن “إي كا – 3” في بلدة خارب بمنطقة يامال – نينيتس، على مسافة 1900 كيلومتر (1200 ميل) تقريباً شمال شرقي موسكو.

وحتى خلف القضبان، يواصل نافالني، البالغ من العمر 47 سنة، حملته ضد الكرملين. ويقول إنه تعرض للتسميم، وحكم عليه بالسجن لسنوات طويلة، وزج خلف القضبان في واحد من أكثر السجون صرامة في روسيا، مضيفاً أنه يقبع في زنزانة لا يمكن أن يخطو فيها، ذهاباً وإياباً، أكثر من 11 خطوة، بل أكثر، قال إنه مرغم يومياً، ومع بزوغ الفجر، على الاستماع إلى أغنية بوب مؤيدة لبوتين، يؤديها المغني شامان.

وفي أحد منشوراته على منصة “إكس”، المعروفة سابقاً بـ”تويتر”، كتب نافالني، “إن المغني شامان ظهر على المسرح بعد سجني. من ثم لم يتسن لي أن أراه أو أن أستمع إلى أغانيه، لكنني أعرف أنه أصبح الآن المغني الأهم لدى بوتين، وأن أغنيته ’أنا روسي‘ هي أشهر أغانيه على الإطلاق”. وأضاف، “[هي أغنية] يعرفها الجميع، وسجلت عنها نسخ هزلية، إلخ… وقد انتابني الفضول طبعاً لأسمعها، لكن أين لي أن أفعل ذلك خلف القضبان؟ ومن ثم نقلوني إلى يامال”.

وكتب أيضاً، “وهنا، وفي تمام الساعة الخامسة من صباح كل يوم، يأمروننا بالنهوض، ويعزفون النشيد الوطني الروسي، تليه الأغنية الثانية الأهم في البلاد ’أنا روسي‘، بصوت شامان”.

أما كلمات أغنية شامان، الذي غالباً ما يدعى إلى مناسبات رسمية حكومية، فتأتي كالتالي: “أنا روسي، سأناضل حتى النهاية… أنا روسي، تسري في عروقي دماء أبي، هيا هيا… أنا روسي، وأعتبر نفسي محظوظاً بهذا… أنا روسي، نكاية بالعالم أجمع”.

وللتذكير، يقضي نافالني، وهو ناشط مكافح للفساد ومحامٍ، عقوبة سجن لمدة 19 عاماً بتهمة التطرف.

وأفاد نافالني في منشوراته، “الآن تخيلوا: منطقة يامال – نينيتس الذاتية الحكم. وليلة قطبية. وكوخ مخصص للمنتهكين في إصلاحية سجون بنظام خاص”. ومن ثم، قرر المزاح. وقال إنه بات يمارس تمارينه الرياضية على وقع ألحان أغنية “أنا روسي”. وأضاف، “ها أن سجيناً يدعى أليكسي نافالني، حكم عليه بالسجن 19 عاماً، وحطت بروباغندا الكرملين من شأنه مراراً وتكراراً على مر السنين بسبب مشاركته في تظاهرات روسية، يتمرن اليوم على وقع ألحان أغنية ’أنا روسي‘، ضمن إطار نشاط تربوي فرض عليه لغايات تأديبية”.

وكتب أيضاً، “بصراحة، تراودني حتى الآن شكوك حول ما إذا كنت قد فهمت جيداً مفهوم ما بعد السخرية وميتا – سخرية. لكن إن لم يكن ما يحصل تجسيداً لهذا المفهوم، فماذا يكون ذلك”. وأرفق منشوره بإيموجي غمزة.

وليست هذه المرة الأولى التي يمزح فيها نافالني بالكلام عن ظروف احتجازه المأسوية في السجن.

وتجدر الإشارة إلى أن نافالني عاود الظهور بعد اختفائه لوقت طويل في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فبدا وهو يمازح القاضي، وسط سعيه الظاهري لتأكيد أن الكرملين لن ينال منه ولن يحطمه، وإن كان يواجه عقوبة بالسجن لعشرات السنوات، بتهم شجبها المجتمع الدولي باعتبارها ذات دوافع سياسية.

وتبريراً لتواريه عن الأنظار الشهر الماضي، لفت فريق نافالني إلى أن هذا الأخير نقل إلى مستوطنة سجون نائية تعرف باسم “الذئب القطبي”، مضيفاً أن اجتياز مسافة 1200 ميل (1900 كيلومتر)، للوصول إلى المكان، يتطلب ثلاثة أسابيع بالسيارة والقطار.

وقد أثار الناشط ضحكات القاضي، بعد أن سأله إن كانوا قد أحيوا حفلة في سجن ميليخوفو، شرق موسكو، حيث كان محتجزاً قبل الآن، احتفاءً برحيله، وسأله إن كان قد تخلل الحفل غناء كاراوكي.

وكذلك، سأل إن كان السجن قد أحيا حفلة تعرٍّ – في تلميح لحفلة أقامتها مجموعة مشاهير شبه عراة في موسكو الشهر الماضي، وقد أثارت انتقادات كبيرة في الأوساط الإعلامية المحافظة في البلاد.

وللتذكير، يقبع نافالني خلف القضبان منذ يناير (كانون الثاني) 2021، وقد سجن إبان عودته إلى موسكو بعد فترة نقاهة أمضاها في ألمانيا، إثر تسميمه بمادة تالفة للأعصاب، وقد ألقى مسؤولية تسميمه على الكرملين. وقبل سجنه، قاد حملة لمكافحة الفساد الحكومي، ونظم احتجاجات حاشدة وكبيرة ضد الكرملين.

المصدر: اندبندنت عربية