كيف ستبدو تضاريس الأرض لو اختفى الماء؟

تخيل أنك تستطيع أن تمسك بالكرة الأرضية كاملة بيديك، هل تظن أن ماءها سيبلل يديك؟ أو هل تظن أنك ستشعر بقمة إيفرست تخدش جلدك؟ أو ربما أن إصبع يدك سيغوص في أعماق قاع المحيط الهادئ الذي ينخفض أحد عشر كيلومترا تحت سطح البحر؟

ستكتشف أن أيا من هذه السيناريوهات لن يحدث، لسبب بسيط جدا هو أن كل هذه المعالم لا تساوي شيئا على وجه الحقيقة بالمقارنة مع حجم الكرة الأرضية.

بين أعماق المحيط وقمة إيفرست
الكرة الأرضية كما هي بالنسبة للإنسان مكان واسع جدا، يلزمه ساعات طوال كي ينتقل فيه بين نقطة وأخرى، فقطر الأرض يبلغ 12 ألفا و750 كيلومترا، في حين أن محيطها يبلغ أربعين ألف كيلومتر، وهي مسافة طويلة جدا تستغرق طائرة نفاثة تطير بسرعة ألف كم/ ساعة حوالي أربعين ساعة كي تدور حولها دورة واحدة.

وهذا إن دل فإنما يدل على عظم هذه الأرض. بل إن البحارة يسافرون أياما وأسابيع في رحلاتهم بين بحارها. والقول ذاته يقال عن السفر برا فهو يستغرق مثل ذلك وربما أطول قليلا.

لكن السفر أفقيا ليس مثل السفر عموديا، أي ليس تسلقا لقمة جبل مثلا ولا غوصا في قاع المحيط، فكلا هذين الأمرين صعب جدا لما فيه من تحدّ لقانونين من قوانين الطبيعة، هما الجاذبية والطفو.

ومع ذلك فإن أعلى قمة جبل على سطح الأرض هي قمة إيفرست في جبال الهيملايا بين الصين ونيبال على ارتفاع 8.8 كيلومترات من سطح البحر، في حين أن أقصى عمق اكتشفه الإنسان هو قاع المحيط الهادئ بين الفلبين واليابان عند مسافة 11 كيلومترا فقط.

وقد اصطلح علم الجغرافيا على أن تكون مرجعية الارتفاعات والانخفاضات على الأرض هي سطوح البحار والمحيطات المتصلة ببعضها عند خط الاستواء، لأن قطر الأرض عند خط الاستواء أكبر من قطره بين القطبين بحوالي 43 كيلومترا (12713 – 12756 كم)، أما عند القطبين فتستخدم القيمة الثابتة للضغط الجوي 1013 مللي بارا.

وقد اتفق على استعمال مصطلح (متوسط ارتفاع سطح البحر) مرجعية للارتفاعات، بسبب اختلاف ارتفاع سطح البحر وقتي المد والجزر، خصوصا وأن قيمته تتفاوت بين بضعة سنتيمترات إلى أكثر من خمسة عشر مترا، بحسب البحر وموقعه من خط الاستواء وكونه محيطا أم مجرد بحر أو خليج أو بحيرة.

ما كمية على الأرض؟
بغض النظر عن كيف جاء الماء على الأرض أو كيف تشكل ومن أين مصدره، فإن الماء على الكرة الأرضية يوجد بحالات المادة الثلاث: البخار، والماء السائل، والجليد. ومن هذا الماء ما هو عذب صالح لحياة الإنسان وهو موجود إما في الأنهار أو البحيرات أو المياه الجوفية والآبار، أو أنه موجود في الأقطاب والمناطق الباردة على شكل جليد.

وليس كل هذه المصادر صالحة للشرب، بل إن جزءا منها مالح وكثير منها متجمد لا نستفيد منه إلا قليلا. وفي المقابل فإن أكثر ماء الأرض مالح موجود في البحار والمحيطات.

ويقدر علماء الجيولوجيا والمختصون في هندسة المياه أن كل الماء على الكرة الأرضية وتحت سطحها وفي غلافها الجوي وفي أجسام الكائنات الحية بجميع أشكالها الثلاثة يعدل مليارا و386 مليون كيلومتر مكعب.

وهو ما يعادل كرة قطرها 1385 كيلومترا، وهي كمية ضئيلة جدا بالنسبة لقطر الكرة الأرضية البالغ 12750 كم، وحجمها تريليون و97 مليار كيلومتر مكعب، أو (1.097.509.500.000.00). أي أن حجم الكرة الأرضية يفوق حجم كرة الماء بحوالي ثمانمئة ألف مرة.

وبالرغم من ذلك، فإننا نجد المسطحات المائية تغطي أربعة أخماس سطح الكرة الأرضية، ويكمن السر هنا في عمق هذه المياه، ففي المحيطات يبلغ متوسط هذا العمق حوالي 3.7 كيلومترات، وهو عمق ضئيل جدا إذا ما قورن بطول المحيط، وبالطبع أشد ضآلة حين يقارن بقطر الكرة الأرضية.

وعلى ذلك، فإننا لو تخيلنا الكرة الأرضية بقطر أربعين سم تقريبا، فإننا نتحدث عن طبقة غشائية رقيقة جدا من الماء تغطي معظم سطح هذه الكرة، وسمك هذه الطبقة هو واحد بالعشرة من الملليمتر، أو واحد على 3500 من قُطر الكرة الأرضية.

فإذا كانت هذه هي طبقة الماء على الأرض، فهل ستبتل أيدينا به حقا؟ الإجابة: بالطبع لا.

المصدر: الجزيرة