ملايين الأطنان من الأنقاض والمتفجرات تغطي غزة اليوم جراء الحرب وغالبا ما ستترك أثرا بيئيا ساما وتتسبب في أضرار لا توصف على صحة الإنسان

ملايين الأطنان من الأنقاض تغطي غزة اليوم وتتكون من مزيج سام من الغبار والرماد ومواد أخرى، ويبلغ حجم الركام المتناثر في القطاع ما يقارب 4 أضعاف حجم الهرم الأكبر، وهو أمر سيؤدي على المدى البعيد إلى آثار صحية خطيرة على سكان غزة.

وكان الدكتور محمد حسن الطراونة استشاري الأمراض الصدرية والتنفسية وخبير العدوى التنفسية الأردني قد قال في تصريحات سابقة للجزيرة نت إن قطاع غزة يشهد إلقاء كمية هائلة من المتفجرات في ظل العدوان الإسرائيلي، ويمكن لهذه الحرب أن تترك أثرا بيئيا ساما وتتسبب في أضرار لا توصف على صحة الإنسان.

وأدى العدوان الإسرائيلي إلى إلحاق الدمار بالماء والأرض وحتى الهواء في القطاع، مما يهدد صحة سكانه على المدى الطويل.

وقال تقرير في موقع ساينتفك أميركان إن الخراب يفوق كل ما شهده سكان غزة على الإطلاق، وقد أدى الهجوم الجوي والبحري والبري المستمر -حسب تقديرات الأمم المتحدة- إلى إتلاف أو تدمير أكثر من نصف المباني في غزة.

وعندما تم تفجير الألاف من هذه المباني تحولت الخرسانة والمواد العازلة والمتفجرات من الصواريخ وغيرها من المواد -ناهيك عن ممتلكات السكان- إلى غبار سام.

وقال ويم زويننبرغ الباحث في منظمة السلام الهولندية “باكس” إن المدنيين في الأماكن التي فيها الكثير من الغبار والحطام والأنقاض يستنشقونها بشكل متكرر، ولكن في الوقت الحالي لا أحد ينظر إلى هذا النوع من المخاطر، ولكن لها آثار على أرض الواقع.

وتعد غزة من بين أكثر الأماكن كثافة سكانية في العالم، حيث تضاهي كثافة سكان لندن، وهذا يجعل التلوث السام المرتبط بعقود من الصراع إحدى “المشاكل الصحية العامة والبيئية الخطيرة طويلة المدى” التي يواجهها سكان غزة، وفقا لتقرير أصدرته منظمة باكس في 18 ديسمبر/كانون أول الماضي.

وقال زويننبرغ “إنه أمر معروف ومجهول، نحن نعلم أنها مخاطرة، ولكننا لا نعرف حجمها في غزة الآن”.

معظم مواد البناء غير ضارة في حالتها اليومية، ولكن تفجرها يمنحها الفرصة للدخول إلى الجسم، وقالت آنا رول الأستاذة المساعدة في كلية جونز هوبكنز بلومبيرغ للصحة العامة “تماما مثل دخان التبغ، فهو خليط سام”.

وأضافت أن الأنف والحنجرة قد يلتقطان جزيئات أكبر، لكن أصغرها يتحرك داخل الجسم “مثل الغاز إلى حد ما”، ويمر عبر الرئتين إلى مجرى الدم وإلى الأنظمة الحيوية الأخرى.

ويحدد تقرير منظمة باكس عمودا من الدخان الأسود من مصنع للصودا، مما يشير إلى حرق المواد البلاستيكية، ويتحدث أيضا عن أضرار جسيمة في مجمع صناعي تصنع فيه الأدوية ومستحضرات التجميل والمواد البلاستيكية والسلع الكيميائية الأخرى.

ومن المحتمل أن يشكل الحطام خطرا أيضا، ويبلغ حجم الركام المتناثر في القطاع ما يقارب 4 أضعاف حجم الهرم الأكبر في الجيزة، وفقا لكالنيشكيس.

كما أن استنشاق السيليكا -وهو مكون رئيسي في الإسمنت والزجاج- يزيد خطر الإصابة بالسرطان، فيما يحدث التعرض الأكبر عندما يتم تدمير المبنى، إذ إن حطامه يشكل خطرا.

وفي غزة، تم تحديد كميات مرتفعة من المعادن الثقيلة لدى الأمهات والأطفال حديثي الولادة الذين تعرضوا للهجمات العسكرية.

وفي غزة أيضا ارتبطت العيوب الخلقية بالتعرض للفسفور الأبيض والقنابل الأخرى التي تحتوي على معادن سامة ومسببة للسرطان.

وقال الطراونة إننا سنشهد ارتفاع نسبة السرطان لدى الغزيين، وذلك لأن تلوث الهواء بسبب الجسيمات العالقة الناتجة عن المتفجرات يزيد احتمالية حدوث سرطان الرئة.

المصدر: وكالات