السيسي لا يجيب وقطر مصدومة.. نتنياهو على خلاف مع الوسطاء

في خضم المفاوضات مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة منذ 111 يوما، يجد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه في صراع مع الوسيطين مع حماس – قطر ومصر – اللتين تربطهما علاقات متوترة.

فبعد ساعات من رفض الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي تلقي اتصال هاتفي لنتنياهو، اتهمت وزارة الخارجية اللقطرية رئيس الوزراء الإسرائيلي بالإضرار بجهود الوساطة لأسباب سياسية، على خلفية تصريحات مسربة اعتبر فيها أن دور الإمارة كوسيط في النزاع الحالي في غزة “إشكالي”، بحسب ما نقلت عنه قناة إسرائيلية.

خلال اجتماع في وقت سابق من هذا الأسبوع مع عائلات رهائن إسرائيليين في غزة، شكك نتانياهو في قطر التي توسطت إلى جانب الولايات المتحدة ومصر في هدنة لمدة أسبوع في نوفمبر أتاحت خصوصا إطلاق سراح حوالي مئة رهينة من غزة.

وقال نتانياهو للعائلات “لا تنتظروا مني أن أشكر قطر (…) التي لا تختلف في الأساس عن الأمم المتحدة أو الصليب الأحمر، بل إنها أكثر إشكالية. ليس لدي أي أوهام بشأنها”، بحسب تسجيل صوتي حصلت عليه القناة الثانية عشرة الإسرائيلية.

وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي “إنهم (قطر) لديهم الوسائل للضغط (على حماس)، لماذا؟ لأنهم يمولونها”، معربا عن “غضبه الشديد” من قرار واشنطن تجديد اتفاق يبقي على الوجود العسكري الأميركي في هذا الدولة الخليجية مدة عشر سنوات إضافية.

وتعليقا على هذه التصريحات، قال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في منشور على منصة إكس “نستنكر بشدة التصريحات المنسوبة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي في تقارير إعلامية مختلفة حول الوساطة القطرية. في حال أثبتت صحة التصريحات، فهي غير مسؤولة ومعرقلة للجهود المبذولة لإنقاذ أرواح الأبرياء”.

وتحاول قطر ومصر والولايات المتحدة حاليا التوسط للتوصل إلى هدنة جديدة في غزة، تتيح الإفراج عن أكثر من 130 رهينة ما زالوا محتجزين في القطاع ونقل المزيد من المساعدات الإنسانية إلى السكان المدنيين.

وتابع الأنصاري “إذا تبين أن التصريحات المتداولة صحيحة، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي يعرقل ويقوض جهود الوساطة، لأسباب سياسية ضيقة بدلا من إعطاء الأولوية لإنقاذ الأرواح”، مضيفا أن على نتانياهو عدم “الانشغال بعلاقة قطر الاستراتيجية مع الولايات المتحدة”.

وتأتي انتقادات قطر شديدة اللهجة في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات مع مصر، فقد أفادت القناة “13” العبرية، مساء الأربعاء، إن الرئيس المصري رفض تلقي اتصال هاتفي من رئيس الوزراء الإسرائيلي.

ونقلت القناة عن مصدرين إسرائيليين مطلعين -لم تسمهما- قولهما إن “مكتب نتنياهو، تقدم عبر مجلس الأمن القومي الإسرائيلي بطلب للجانب المصري لتنسيق مكالمة هاتفية مع السيسي، لكن لم تتم الاستجابة للطلب”.

وآخر محادثة بين السيسي ونتنياهو، جرت في 6 يونيو الماضي، بعد الهجوم على الحدود المصرية – الإسرائيلية، والذي اتهم فيه جندي مصري “بقتل ثلاثة جنود إسرائيليين قبل مقتله”، بحسب المصدر ذاته.

وأضافت القناة، أن الرفض المصري للمكالمة يأتي “في ظل خلافات في الرأي مع مصر، حول تحرك عسكري إسرائيلي محتمل في محور فيلادلفيا ورفح”.

وأوضحت أن “مسؤولا في مكتب نتنياهو (لم تسمه) أكد هذه التفاصيل”.

وتابعت “قبل أيام زار وفد برئاسة رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) أهارون حاليفا، مصر للتباحث بشأن محور فيلادلفيا، كما زار منسق عمليات الحكومة في المناطق الفلسطينية اللواء غسان عليان، القاهرة عدة مرات في الآونة الأخيرة”.

وفي وقت سابق الأربعاء، أكد الرئيس المصري في كلمة ألقاها خلال احتفال بالذكرى 72 لعيد الشرطة، أن معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة “مفتوح على مدار 24 ساعة”، متهما إسرائيل بـ”عرقلة دخول المساعدات للقطاع”.

والإثنين، قال ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات المصرية الرسمية، في بيان إن “أي تحرك إسرائيلي في اتجاه احتلال ممر فيلادلفيا أو صلاح الدين في قطاع غزة “سيؤدي إلى تهديد خطير وجدي للعلاقات المصرية الإسرائيلية، وإن إمعان إسرائيل في تسويق هذه الأكاذيب محاولة منها لخلق شرعية لسعيها لاحتلال ممر فيلادلفيا أو ممر صلاح الدين”.

وذكرت هيئة البث الإسرائيلي الرسمية، أن مسؤولين إسرائيليين رسميين أبلغوا مصر، أنهم يخططون لتنفيذ عملية عسكرية في منطقة محور فيلادلفيا، وهي المنطقة الحدودية بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء.

ومنذ 7 أكتوبر الماضي، يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على قطاع غزة، خلفت حتى الأربعاء”25 ألفا و700 شهيد و63 ألفا و740 مصابا معظمهم أطفال ونساء”، وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في “دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة”، بحسب الأمم المتحدة.

وتستضيف قطر مقر القيادة المتقدم للجيش الأميركي في الشرق الأوسط (سنتكوم) في قاعدة العديد العسكرية وتسمح لسفن البحرية الأميركية التي تقوم بدوريات في منطقة الخليج بالرسو بانتظام.

كما تستضيف الإمارة القيادة السياسية لحركة حماس الفلسطينية ومنحت مساعدات بمئات الملايين من الدولارات في السنوات الأخيرة لسكان قطاع غزة الخاضع لسيطرة حماس منذ عام 2007.

وتعقيبا على بيان الأنصاري، اتهم وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريش الدوحة “بدعم وتمويل الإرهاب”.

وقال عبر منصة إكس إن قطر “مسؤولة إلى حد كبير” عن الهجوم الذي قادته حماس في السابع من أكتوبر على مناطق بجنوب إسرائيل، ودعا الدول الغربية إلى ممارسة المزيد من الضغوط عليها للإفراج الفوري عن الرهائن.

وكتب سموتريش “هناك شيء واحد واضح: قطر لن تكون منخرطة في ما يحدث في غزة في اليوم التالي للحرب”.

وقطر، حيث يتواجد العديد من القادة السياسيين لحماس، هي الوسيط الرئيسي بين الحركة التي تحكم غزة والمسؤولين الإسرائيليين خلال الصراع.

وساعدت قطر في نوفمبر في التوصل لهدنة استمرت سبعة أيام تم خلالها إطلاق سراح 110 من الإسرائيليين والأجانب الذين كانوا محتجزين في غزة مقابل الإفراج عن 240 فلسطينيا كانوا معتقلين لدى إسرائيل.

المصدر: صحيفة العرب