المعارضة الإيرانية تناقش الوحدة لاستثمار 5 أشهر من الاحتجاجات

تكافح تشكيلات المعارضة داخل إيران وخارجها من أجل بناء وحدة لم تتمكن من تحقيقها يوماً، بعد 5 أشهر من بدء حركة احتجاجات شعبية مناهضة للمؤسسة الحاكمة.
تَواجه معارضو نظام «الجمهورية الإسلامية» مع بعضهم منذ ثورة عام 1979، بقدر ما اشتبكوا مع أجهزة السلطة في طهران، لكن ثمة سعياً، اليوم، إلى الوحدة بشأن الاستراتيجية والقيادة المستقبلية؛ على أمل الإطاحة بالنظام، حيث توفر الاحتجاجات له التحدي الأكبر حتى الآن.
منذ أسابيع، انحسرت المظاهرات الشعبية قليلاً، لكن مع استمرار مظاهر الغضب العام، يصرّ أنصار المعارضة على أن بدء موجة جديدة من الاحتجاج مسألة وقت. وتحولت الاحتجاجات التي اندلعت بعد وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني، بعد توقيفها بدعوى سوء الحجاب، من حملة ضد قوانين الحجاب إلى حركة تدعو إلى تغيير النظام.
وكانت إحدى الخطوات؛ المؤتمر الذي عقدته جامعة جورج تاون في واشنطن، في العاشر من فبراير، والذي جمع شخصيات معارضة تقيم في المنفى لم تكن تتحدث مع بعضها البعض حتى وقت قريب.
بين هذه الشخصيات مسيح علي نجاد التي تخوض حملة ضد الحجاب، وحامد إسماعيليون، المتحدث باسم أقارب ضحايا تحطم الطائرة الأوكرانية التي أسقطتها إيران في 2020، ورضا بهلوي نجل الشاه الذي أطاحت به الثورة في 1979.
وبحث المشاركون، في لقاء واشنطن، ميثاقاً لمرحلة تخطى الجمهورية الإسلامية، وهم يسعون إلى إنشاء مجلس انتقالي تعقبه انتخابات حرة.
وانضمت إليهم عبر الإنترنت شيرين عبادي، حائزة جائزة نوبل للسلام، والممثلة الإيرانية الفرنسية غلشيفته فرحاني. وقالت عبادي: «الآن ليس الوقت المناسب لنتحارب». وأضافت، في رسالة بالفيديو، أن النظام صمد 44 عاماً «لأننا لم نتّحد».
– «لا منافسة»
يؤكد رضا بهلوي باستمرار أنه لا يسعى إلى إعادة النظام الملكي، بل يرغب في العمل من أجل نظام ديمقراطي علماني. وقال، خلال الاجتماع: «اليوم ليست هناك منافسة بيننا، ولا نحاول تزعُّم هذه الحركة».
وبهلوي متّهم بأنه لم ينأَ بنفسه بدرجة كافية عن حكم والده الاستبدادي، ولا يبدي شفافية بشأن ثروة العائلة، ولا يتحرك لوقف عدوانية مؤيدي الملكية على شبكات التواصل الاجتماعي.
أثار ظهور برويز ثابتي، الضابط الرفيع السابق في الأمن الداخلي في زمن الشاه «السافاك»، خلال تجمُّع للمعارضة في لوس أنجليس، حضره رضا بهلوي، جدلاً واسعاً بين الإيرانيين على شبكات التواصل الاجتماعي.
لكن موقف بهلوي في الاحتجاجات لقي استحساناً، حتى بين شخصيات المعارضة ذات الميول اليسارية، وأثار غضب وسائل الإعلام المُوالية للنظام في إيران.
في نجاح للمعارضة، لم يدعُ مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ، نهاية الأسبوع المقبل، مسؤولين إيرانيين، بل أعضاء من المجتمع المدني.
وداخل إيران، يبدو أن النظام، بقيادة المرشد علي خامنئي، غير منزعج إلى حد كبير من الدعوات للتغيير، وفق تحليل «وكالة الصحافة الفرنسية».
كان على المعارضين على الأرض مواجهة حملة قمع دامية أسفرت عن مقتل المئات، واعتقال الآلاف، وإعدام 4 حتى الآن فيما يتعلق بالاحتجاجات.
بين هذه الشخصيات المحامية نسرين ستوده، والمخرج جعفر بناهي، والمدافع عن حرية التعبير حسين رونقي، وجميعهم أُطلق سراحهم مؤخراً من السجن، وكذلك فاطمة السفري وهي شخصية معارضة محافظة دينياً.
– دستور جديد
في الوقت نفسه دعا مير حسين موسوي، رئيس الوزراء، في ثمانينات القرن الماضي، مؤخراً إلى «تغييرات جوهرية في إيران»، عبر إقرار دستور جديد وإجراء انتخابات، مردداً مطالب القوى المناهضة للنظام.
ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، ينبغي أن يحلّ الميثاق الذي تجري صياغته آلاف الصعوبات قبل تقديمه إلى مسؤولين أجانب وإقناع الأقليات العِرقية الإيرانية مع حماية وحدة أراضي إيران.
وقالت الفنانة نازانين بنيادي: «إذا كانت هناك قوة توحِّدنا فهي التخلي عن فكرة أننا منقسمون إلى درجة تجعلنا غير قادرين على العمل معاً من أجل الديمقراطية».
ما زالت بعض فصائل المعارضة خارج هذا التحالف الناشئ الذي يُقصي منظمة مجاهدي «خلق» التي كانت ناشطة ضد النظام الملكي وتؤكد أن لديها شبكة داعمين واسعة في إيران.
وقالت ستوده، لمحطة «سي إن إن»، إن «الاحتجاجات خمدت إلى حد ما، لكن هذا لا يعني أن الناس لم يعودوا غاضبين، ما زالوا يريدون تغيير النظام».

المصدر: الشرق الأوسط